أزمة الخليج وأبعادها بندوة للمركز العربي للأبحاث

الجلسة الرئيسية في ندوة أزمة الخليج وحصار قطر من منظور الاقتصاد والقانون والسياسة
الجلسة الرئيسية في ندوة "أزمة الخليج وحصار قطر من منظور الاقتصاد والقانون والسياسة"

محمد ازوين-الدوحة

نظم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ندوة بعنوان "أزمة الخليج وحصار قطر من منظور الاقتصاد والقانون والسياسة" تناول فيها أكاديميون أبعاد الأزمة الاقتصادية والقانونية والسياسية.

وأجمع المشاركون بالندوة -التي أقيمت بالعاصمة القطرية الدوحة- على أن الأزمة تركت شرخا عميقا في علاقات الشعوب الخليجية، وعبروا عن اعتقادهم بأنها ستبقى على ما هي عليه حاليا فترة من الوقت، مشيرين إلى أنها أعطت قطر فرصة لإعادة التأسيس من جديد.

ففي ما يتعلق بالبعد الاقتصادي، قال خبير السياسة النقدية الدكتور خالد الخاطر إن الحكومة القطرية ممثلة في البنك المركزي قامت بجهود كبيرة لتفادي انعكاس الأزمة على الاقتصاد القطري، ونجحت بشكل كبير في ذلك، نتيجة لأسس الاقتصاد القطرية القوية والاحتياطيات الضخمة من العملة الأجنبية الموجودة في البنوك القطرية، بالإضافة إلى الصناديق السيادية القطرية التي توجد لديها استثمارات متنوعة.

ولفت إلى أن شعوب الخليج كانت تحلم بكتلة اقتصادية خليجية قوية تقود اقتصاديات دول المجلس إلى اللحاق بمثيلتها الأوروبية، لكن دول الحصار وأدت هذا الحلم لتخلفها سياسيا عن مثيلتها الأوروبية.

وأكد الخاطر أن قطر حتى لو رُفع الحصار عنها غدا فإنها لن تعتمد اقتصاديا على جيرانها أو على النفط، بل إنها ستمضي قدما في سياسات الاعتماد على النفس، وعلى اقتصاد متنوع والحد من الاستيراد الغذائي والطبي، مشددا على ضرورة رفع الإنتاج المحلي.

وطالب بالاهتمام بإدارات الأبحاث التي هي معمل إنتاج المخزون العلمي الذي ينتج العقول المتنورة القادرة على التوصل إلى الإنتاج الاقتصادي والسياسي والأمني.

‪جانب من الندوة الأكاديمية حول أزمة الخليج وحصار قطر‬ (الجزيرة)
‪جانب من الندوة الأكاديمية حول أزمة الخليج وحصار قطر‬ (الجزيرة)

البعد القانوني
أما عميد كلية القانون بجامعة قطر الدكتور محمد الخليفي فقد تركزت مداخلته على الجانب القانوني  للأزمة الخليجية، مشيرا إلى أن دول الحصار انتهكت مبادئ القانون الدولي السامية، ومن أهمها مخالفة القانون الدولي في استخدام القوة بكافة أشكالها، سواء أكانت ضغوطا أو أعمالا انتقامية، ناهيك عن انتهاك مبدأ سيادة الدول الذي انتهكته دول الحصار.

كما خالفوا مبدأ فض المنازعات بالطرق السلمية التي تحث عليه المادة 33 من القانون الدولي، التي تؤكد أنه لا يجوز لأية دولة أن تتحلل من التزاماتها بالطرق الملتوية ولا بالقوة، بل عبر الوسائل الحضارية.

وتطرق الخليفي في مداخلته إلى مخالفة دول الحصار كل مواثيق حقوق الإنسان التي وردت في الميثاق الدولي لحقوق الإنسان، مما انعكس سلبا على الأسر والأفراد والمرضى والطلبة الذين تضرروا بسبب الإجراءات التعسفية التي اتخذتها دول الحصار.

ونبه إلى مخالفة دول الحصار القوانين المنظمة للملاحة الجوية والبحرية، وما تلا ذلك من مطالبة المنظمات الدولية بتصحيح هذه الأخطاء، وإلا فإنها ستتخذ إجراءات قانونية ضد من يخالف القانون الدولي.

وختم الخبير القانوني بالتطرق للآليات التي اتخذتها قطر لانتزاع حقوقها، حيث قسمها إلى ثلاثة أقسام: المفاوضات مع دول الحصار إن رضيت، أو اللجوء للمنظمات القانونية الدولية لإجبار الخصوم على جبر الضرر، أو الإجراءات القانونية ذات الطابع القضائي التي تبدأ بالمحاكم الإقليمية والدولية، وتنتهي بمحكمة العدل الدولية.

‪الأنصاري: الأزمة مرتبطة بالخلاف داخل الأسرة الحاكمة في السعودية‬  (الجزيرة)
‪الأنصاري: الأزمة مرتبطة بالخلاف داخل الأسرة الحاكمة في السعودية‬ (الجزيرة)

البعد السياسي
بدوره، شخّص الدكتور ماجد الأنصاري الشق السياسي للأزمة، مؤكدا أن معرفة أسبابها تتطلب التركيز على ما قبل الأزمة وما بعدها، لافتا إلى أن العديد من المراقبين يتجاهلون الخلافات القديمة بين دول الأزمة، وهي خلافات لم تنطفئ جذوتها منذ خلاف قطر وكل من السعودية والإمارات في أحداث 1996، وخلاف قطر مع البحرين على الجزر المتنازع عليها.

وتطرق لخلاف قطر مع الولايات المتحدة الذي بدأ منذ حرب غزة 2008، وبلغ ذروته بعد انطلاق ثورات الربيع العربي، حيث كانت قطر داعمة للثورات العربية، بينما انخرطت الولايات المتحدة في دعم الثورات المضادة.

وقال الأنصاري في تصريح للجزيرة نت إن حل الأزمة الخليجية ما زال بعيدا، خاصة أنه مرتبط بمشكلة كبرى تتعلق بالخلاف داخل الأسرة الحاكمة في السعودية، وما لم تحل الأسرة الحاكمة في السعودية خلافاتها فسيبقى الوضع على ما هو عليه.

وختم بالقول إن تداعيات الأزمة الخليجية ستكون أكبر على دول الحصار، عكس قطر التي أتاحت لها الأزمة فرصة إعادة التأسيس من جديد ليكون الاعتماد على النفس والاستقلال السياسي هما ركيزتاها.

المصدر : الجزيرة