مجلس شورى مجاهدي درنة شوكة في حلق حفتر

اتفق مجلس شورى مجاهدي درنة مع كل من المجلس المحلي والمجلس الأعلى الاجتماعي في درنة شرق ليبيا
قيادات من مجلس شورى مجاهدي درنة والمجلس المحلي والمجلس الأعلى الاجتماعي في درنة شرق ليبيا (الجزيرة)

بعد سيطرة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر على مدينة بنغازي شرق العاصمة طرابلس لم تعد هناك أي منطقة في الشرق الليبي خارجة عن سيطرته أو نفوذه باستثناء مدينة درنة التي يحكم مجلس شورى مجاهدي درنة قبضته عليها.

ويعتبر مجلس شورى مجاهدي درنة تحالفا لكتائب إسلامية شارك بعضها في الإطاحة بنظام معمر القذافي في 2011، وتشكل المجلس في 12 ديسمبر/كانون الأول 2014 لحماية المدينة، ورفض الخضوع لسيطرة حفتر بعد إطلاق ما سماها عملية الكرامة في مايو/أيار 2014.

وتمثل كتيبة "شهداء أبو سليم" -التي شاركت في الثورة التي أطاحت بنظام معمر القذافي في 2011- النواة الصلبة للمجلس الذي يضم خليطا متنوعا من التوجهات الفكرية، بالإضافة إلى غير المنتمين، لكن من خلال الرجوع إلى بياناتها الرسمية وأدبياتها ومرجعياتها الدينية يتضح أنها تتبنى فكر "السلفية الجهادية" رغم تأكيدها أنها لا تنتمي إلى أي تنظيم دولي.

ويعلن المجلس عداءه الصريح لحفتر، إلا أنه لا يدين بالولاء لأي حكومة في الشرق أو الغرب -بما فيها حكومة الوفاق بقيادة فائز السراج، وحكومة الإنقاذ بقيادة خليفة الغويل– رغم أن كتيبة "شهداء أبو سليم" سبق لها أن التحقت باللجنة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية الليبية بعد الإطاحة بنظام القذافي.

نقطة عسكرية لقوات مجلس شورى مجاهدي درنة وضواحيها (الجزيرة)
نقطة عسكرية لقوات مجلس شورى مجاهدي درنة وضواحيها (الجزيرة)

مواجهة تنظيم الدولة
وأول تحد حقيقي واجهه مجلس شورى مجاهدي درنة كان عندما اصطدم مع تنظيم الدولة الإسلامية الذي شكلت درنة أول موطئ قدم له في ليبيا، وأعلن عن نفسه لأول مرة في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2014 في استعراض عسكري بالمدينة بعد أن كان يسمى مجلس شورى شباب الإسلام الذي ضم عدة عناصر من العائدين من القتال في سوريا.

وبعد عدة أشهر وقعت مواجهات حتمية بين تنظيم الدولة ومجلس شورى درنة في يوليو/تموز 2015 انتهت بطرد عناصر الأول من المدينة التي كانت بداية ميلاده في ليبيا وأول مسمار في نعشه.

وبعد ذلك شن مقاتلو تنظيم الدولة عدة هجمات انتحارية على مواقع مجلس شورى مجاهدي درنة إلا أنه فشل في السيطرة عليها، مما دفع عناصره للهروب إلى معاقله الجديدة في مدينة سرت، وقطعوا مسافات طويلة (ما بين سبعمئة وتسعمئة كلم) في مناطق تسيطر عليها قوات حفتر.

واتهم مجلس شورى درنة قوات حفتر بدعم تنظيم الدولة، وطرح العديد من المتابعين للملف الليبي تساؤلات بشأن سماح قوات حفتر لرتل مشكل من عشرات السيارات المسلحة لتنظيم الدولة بعبور مناطق سيطرته على طول مئات الكيلومترات دون اعتراضها.

‪أحد عناصر مجلس شورى مجاهدي درنة وضواحيها‬  (الجزيرة)
‪أحد عناصر مجلس شورى مجاهدي درنة وضواحيها‬  (الجزيرة)

المعركة المؤجلة
سعى حفتر منذ إطلاق عملية الكرامة للسيطرة على درنة، وخاض اشتباكات مع مجلس شورى درنة، إضافة لعمليات قصف جوي متقطعة وعمليات خاصة، كما قام الطيران المصري بقصفها عامي 2015 و2017، ومع ذلك لم تتمكن قوات حفتر من الاقتراب من أطراف المدينة.

ومنذ 2014 تفرض قوات حفتر حصارا مطبقا على درنة وضواحيها التي يقطنها نحو ثمانين ألف نسمة، وضربت حصارا بحريا على ميناء المدينة ومنعت حتى السفن التجارية من الاقتراب منه.

وتبرر قوات حفتر عدم اقتحامها لحد الآن درنة مثلما فعلت في بنغازي والموانئ النفطية ومدن الجفرة وسبها وغيرها إلى "فسح المجال للوساطة العشائرية من أجل التفاوض مع عناصر التنظيمات على تسليم أسلحتهم والخضوع للمحاكمة".

غير أن السبب الحقيقي قد يكون غير ذلك، فالمدينة تتميز بطبيعتها الجبلية رغم وقوعها على الساحل، وطرقها ومسالكها صعبة ومناسبة لحرب العصابات، ومجلس شورى مجاهدي درنة يملك حاضنة شعبية فيها.

مجلس شورى مجاهدي درنة وسرايا الدفاع يصدان هجمات لقوات حفتر شرق ليبيا (الجزيرة)
مجلس شورى مجاهدي درنة وسرايا الدفاع يصدان هجمات لقوات حفتر شرق ليبيا (الجزيرة)

حرب الإرهاب
ويرى متابعون أن حفتر لا يريد الدخول في معركة كبيرة للسيطرة على درنة حتى يستخدمها شماعة في حربه "على الإرهاب"، لجلب التأييد الإقليمي والدولي مع الإبقاء على سخونة الجبهة من خلال اشتباكات وضربات جوية متفرقة، خاصة أن مجلس شورى مجاهدي درنة حول المدينة إلى أشبه بجزيرة معزولة محاصرة برا وبحرا وجوا، أو كما يسميها بعض الكتاب الليبيين "المدينة الدولة".

وليست للمجلس رؤية إستراتيجية ولا تحالفات ذات أهمية مع كتائب الغرب الليبي المناوئة لحفتر ولا حتى من أي من الحكومات الثلاث المتنازعة، والتقارير الإعلامية الشحيحة الصادرة من داخل المدينة تشير إلى أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة يعانيها السكان.

غير أن إسقاط مجلس مجاهدي درنة السبت الماضي طائرة لقوات حفتر من نوع "ميغ 23" ومقتل طيارها عادل الجهاني في منطقة الظهر الأحمر جنوبي درنة من شأنه تصعيد الوضع بالمنطقة، حيث تحدثت وسائل إعلام محلية عن وقوع اشتباكات عنيفة بين الطرفين.

وليس مستبعدا أن تكون درنة هدف حفتر القادم بعد أن أنهى معركة بنغازي في 5 يوليو/تموز الماضي، وبعد الاتفاق مع السراج في العاصمة الفرنسية باريس، مما يتيح له تجميع قواته في المنطقة استعدادا لحسم المعركة.

المصدر : وكالة الأناضول