منفذ عملية حلميش اعتقل سابقا وقرّر الانتقام للأقصى
ميرفت صادق-رام الله
كان الابن عمر العبد حينها قد نفذ عملية طعن أدت إلى مقتل ثلاثة مستوطنين وإصابة رابع بعد اقتحامه منزلهم بمستعمرة حلميش المقامة على أراضي قرية "النبي صالح" المجاورة.
قالت والدته ابتسام العبد إن عمر (19 عاما) خرج من المنزل عصرا بعد أن اغتسل وقرأ القرآن وارتدى ملابس جديدة، وأبلغها بتوجهه لحضور عرس أحد الأقارب قبل الصلاة في المسجد، ثم علمت أنه ذهب أيضا لوداع شقيقته المتزوجة وخالته وعمته.
وحسب الإسرائيليين، فإن عمر العبد حمل حقيبة كتف بداخلها مصحف وعبوة مياه وسكين، ومشى مسافة 2.5 كيلومتر من بلدته إلى مستعمرة حلميش, وقبل دقائق من تجاوز السلك الشائك واختياره منزل المستوطنين المستهدف، نشر وصيته على صفحته في فيسبوك.
إطلاق النار
وقالت المصادر الإسرائيلية "كانت طعناته قاتلة لا يمكن عمل شيء معها سوى إعلان الوفاة", وأضافت أن عمليته استغرقت 14 دقيقة منذ دخول المستوطنة وحتى إطلاق النار عليه وإصابته.
وذكرت عائلته أنه لم يكن ناشطا سياسيا، ويعمل نهارا في كسارة لقلع الحجارة، وفي المساء ينشغل بدراسته، وانضم في الأسبوعين الأخيرين لنادٍ رياضي.
وأنهى عمر سنة الأولى في كلية إدارة الأعمال بالجامعة المفتوحة، وقال عنه والده عبد الجليل العبد إنه شاب كتوم ونشيط، وعمل في حرث الأراضي الزراعية بفرسه الخاصة قبل أن ينتقل حديثا للعمل في الكسارة.
لكن اللافت في قصة العبد تعرضه للاعتقال خمس مرات لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية خلال العام الأخير، حسب عائلته، منها مرتان جرى فيهما "اختطافه" أثناء توجهه إلى الجامعة في رام الله، وآخرها قبل شهرين حيث اعتقل لمدة 11 يوما وأفرج عنه بكفالة مالية.
قال والده إن الأمن الوقائي الفلسطيني اتهمه بالتخطيط لعملية فدائية بسبب منشوراته التي تتوعد الاحتلال على موقع فيسبوك، لكنه أنكر ذلك خلال التحقيق معه.
وحسب العائلة، فقد تعرض للتعذيب خلال فترات اعتقاله الأولى، وعبّر والده عن استغرابه مما حدث، لكنه قال إن عمر تابع أحداث قمع المصلين يوم الجمعة في القدس بتأثر واضح.
الوداع الأخير
ويعرف الشاب بوصفه شخصا اجتماعيا ومجتهدا، وزار معظم أقاربه خلال اليومين الأخيرين خاصة، وكانت غايته وداعهم، على ما يبدو، بينما أرسل سلامه برسائل عبر الهاتف لمن لم يتمكن من زيارته.
وقالت شقيقته هبة إنه مرّ لزيارتها مساء، وسألها إن كان مظهره أنيقا لأنه ذاهب لجلسة تصوير بعد قليل، ثم أوصاها بزوجها وأطفالها قبل خروجه.
وبعد ساعات من تنفيذه العملية، تعرض منزل العائلة لاقتحام إسرائيلي واسع، وقالت الأم إن جنود الاحتلال قيدوا أبناءها وزوجها وضربوهم، واعتقلوا نجلها منير (20 عاما) وهو طالب جامعي أيضا، وخرّبوا محتويات منزلها كاملة. وقال أحد الجنود لها "ابنك حوّل حلميش إلى بحر من الدماء".
وبعد الاقتحام ساهم العشرات من أهالي القرية في مساعدة العائلة على تفريغ منزلها بعد تهديدها من جيش الاحتلال بهدمه، وقال الأب إنهم أخذوا مقاسات المنزل وأحدثوا ثقوبا في جدرانه وتوعدوهم بالعقاب.
وخارج منزل عائلته يتناقل أهالي كوبر الأنباء عن العملية باحترام كبير لمنفذها الذي لم يهاجم الأطفال في منزل المستوطنين، رغم شروع الجيش الإسرائيلي في محاصرة القرية وإغلاقها عليهم.
وتعرف كوبر ببلد الشعراء والنضال، فمنها خرج الأديب الفلسطيني الراحل حسين البرغوثي مثلا، ومنها برز سياسيون كالقيادي في حركة فتح مروان البرغوثي وعميد الأسرى الفلسطينيين نائل البرغوثي.