زيارة البشير لروسيا.. بحث عن حلف جديد
عماد عبد الهادي-الخرطوم
وتأتي الزيارة وفق محللين سياسيين في ظل أزمات تعاني منها المنطقة وبداية تشكل بعض الأحلاف، مع حالة تدهور اقتصادي دفعت بالعملة السودانية (الجنيه) إلى مراكز متأخرة في خارطة العملات الأخرى.
وعلى الرغم من تكتم الخرطوم على أجندة الزيارة المرتقبة التي تعد الأولى من نوعها للبشير، فتح محللون سياسيون بابا لكثير من الاحتمالات والتكهنات التي من شأنها أن تجعل أهمية الزيارة مضاعفة.
وكانت وزارة الخارجية السودانية أعلنت أن الرئيس البشير سيقوم بزيارة وصفتها بالمهمة إلى روسيا في النصف الثاني من أغسطس/آب المقبل، وأضافت أن الزيارة ستناقش جملة من الملفات المهمة تشمل مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري، والتنسيق والتشاور السياسي وتبادل الدعم في المحافل الدولية المختلفة.
الجنائية الدولية
غير أن المحللين يعتقدون أن أسبابا أخرى غير الملفات الاقتصادية هي ما دفع البشير لاتخاذ قرار تنفيذ الزيارة، مثل موقف روسيا الأخير من المحكمة الجنائية الدولية.
ويعتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم محمد نوري الأمين أن الزيارة تأتي لإثبات حرية اتخاذ القرار السوداني الذي تضاربت بشأنه كثير من الأقاويل في الفترة الماضية، خاصة عقب اندلاع أزمة الخليج الحالية.
ويستبعد الأمين -في تعليقه للجزيرة نت- وجود أجندة كبيرة مقررة للزيارة يمكن النظر إليها بجدية، غير أنه أشار إلى أن تحركات البشير في المرحلة الحالية هي "محل تساؤلات وتأويلات لكثير من المتابعين".
وبينما قلل نوري الأمين من الأهمية السياسية للزيارة، فإن المحلل السياسي خالد التجاني يرى أن الحديث عن الزيارة وإن كان سابقا لأوانه إلا أن الناظر إليها "من كل الزوايا يرى أنها تحمل في عمقها بعض المواقف المهمة والمتطابقة بين موسكو والخرطوم".
وباعتقاد التجاني فإن انسحاب روسيا من المحكمة الجنائية الدولية -التي لا يعترف بها السودان بعدما طالبت بتوقيف البشير على خلفية اتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور– "قد أغرى الخرطوم للتعجيل بتفعيل صداقة سابقة بين الدولتين".
زيارة شكر
ويقول التجاني -في حديث للجزيرة نت- إن زيارة البشير لموسكو تبدو وكأنها محاولة لشكر الروس على موقفهم المتمثل في سحب توقيعهم على ميثاق المحكمة الجنائية الدولية، خاصة أن روسيا نفسها كانت من المؤيدين لتحويل ملف دارفور إلى هذه المحكمة.
ولا يستبعد المحلل السوداني أن يكون تخطيط الخرطوم يتضمن محاولة لإيجاد متنفس بعيدا عن الغرب الذي لا يزال يسير على خطى واشنطن، مشيرا إلى تحسن وتطور العلاقات العسكرية والاقتصادية بين الخرطوم وموسكو في الفترة الماضية.
ويذهب أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخرطوم الطيب زين العابدين، إلى القول بوجود مدلولات كبيرة للزيارة التي جاءت في ظل تراجع العلاقات السودانية مع بعض حلفاء الخرطوم خاصة الصين.
ويبتعد زين العابدين في حديثه عن بحث الملفات المعلنة من لدن وزارة الخارجية السودانية، ليقول إن أهدافا كثيرة يمكن أن تتحقق بزيارة البشير لموسكو "إذا ما أديرت الملفات الخاصة بشيء من الحنكة".
ولا يستبعد أن تتقارب رؤى الخرطوم وموسكو بشأن بعض قضايا منطقة الشرق الأوسط في ظل حالة الاستقطاب الجديدة في المنطقة وإمكانية التحاق كلتيهما بحلف الأخرى، وخاصة السودان.