استمرار تلقي الشكاوى المطالبة بالتعويضات جراء حصار قطر

إقبال مستمر على تقديم طلبات التعويض بسبب الحصار (الجزيرة نت).
إقبال كثيف على تقديم طلبات التعويض بسبب حصار السعودية والإمارات والبحرين لقطر (الجزيرة)

محمد الشياظمي-الدوحة

لم يكن المواطن محمد سعيد المري يظن يوما أنه سيمنع من الوصول لأملاكه واستثماراته بالمملكة العربية السعودية بسبب جنسيته القطرية، أو أن يفرض حصار يحول بينه وبين أقاربه وأبناء عمومته في المملكة.

محمد المري خريج ماجستير في إدارة الموارد البشرية من المملكة المتحدة، وواحد من آلاف المتضررين القطريين الذين حيل بينهم وبين أملاكهم بدول الحصار، لجأ إلى لجنة المطالبة بالتعويضات، بعد أن تناهى لعلمه أن بعض أملاكه بالسعودية باتت عرضة للنهب والسلب، وهو اليوم عاجز عن حمايتها أو التصرف فيها.

فقدان الثقة
ويقول المري للجزيرة نت إن القيمة الإجمالية لممتلكاته ومشروعاته بمدينة الأحساء تفوق ثلاثة ملايين دولار أميركي. وبينما يعجز عن وصف المأساة التي يعيشها لبقاء جميع أملاكه بالسعودية، يسلط المري الضوء على معاناة آخرين من أقاربه وجيرانه الذين تعرضوا للانتهاكات نفسها، ويضيف "كنا نستثمر في السعودية بحكم أنها بلد جار وقريب، وكانت لدينا الثقة التامة في أن أملاكنا في أمان، لكن تبين لنا اليوم أننا كنا على خطأ".

‪محمد المري يعوّل على عمل لجنة المطالبة بالتعويضات جراء حصار قطر لاستعادة حقوقه‬ (الجزيرة)
‪محمد المري يعوّل على عمل لجنة المطالبة بالتعويضات جراء حصار قطر لاستعادة حقوقه‬ (الجزيرة)

وعن لجوئه للجنة المطالبة بالتعويضات التي يرأسها النائب العام القطري علي بن فطيس المري، يؤكد محمد أنه لا سبيل له لاستعادة ما يملكه في السعودية إلا من خلال الجهود التي تبذلها الجهات الرسمية، مؤكدا أن اللجنة استمعت لمطالبه التي تقدم بها لجبر الضرر، واطلعت على الوثائق والمستندات التي تثبت جميع حقوقه العينية، ووعدت بأن تنظر فيها وتوجهها لجهة الاختصاص التي ستتولى رفع دعوى قضائية بشأنها.

مستثمر ناشئ
الشاب عمر سعيد السقطري مستثمر بدأ يتلمس مساره نحو عالم العقارات والأعمال قبل فترة قصيرة، شعر بإحباط بسبب الحصار المفروض على بلاده، ويقول بحسرة وأسف "اشتريت أرضا سكنية بالسعودية في موقع متميز بمدينة الأحساء لأبني عمارة سكنية تكون نواة لاستثمار عقاري، لكن الحصار قلب كل شيء رأسا على عقب، وفتحت مستقبلي على المجهول، فقد منعت من الدخول عبر معبر أبو سمرة، بحكم أنني مواطن قطري".

ويضيف أنه لم يجد حتى الآن من ينوب عنه في التصرف في الأرض التي يملكها، مؤكدا أن الحصار أفقده الثقة في مواصلة ذلك المشروع، وبدأ يفكر في بيع قطعة الأرض في حال انتهت الأزمة.

جبر الضرر
وينتظر من التحرك القانوني للجنة المطالبة بالتعويضات التي استقبلت عشرات الدعاوى والشكاوى يوميا -حسب تصريحات مسؤولين في اللجنة للجزيرة نت- أن تعيد للمتضررين حقوقهم، وتمضي بإجراءات تحميل المسؤولية المدنية عن هذه الأضرار لدول الحصار وفق القانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان.

وتعددت أوجه الضرر الناتج عن الحصار على النسيج الاجتماعي والاقتصادي والثقافي لدول الخليج، خاصة في ما تعلق بقطع الأرحام، وعرقلة حركة رؤوس الأموال، وتهديد مستقبل الطلاب في الجامعات الخليجية، وانتهاك حرية التعبير والرأي ومنع التنقل والإقامة.

‪‬ السقطري يؤكد أن الثقة فقدت في بيئة الاستثمار بدول الخليج بعد حصار قطر(الجزيرة)
‪‬ السقطري يؤكد أن الثقة فقدت في بيئة الاستثمار بدول الخليج بعد حصار قطر(الجزيرة)

وأكد المحامي راشد آل سعد عضو المكتب الاستشاري لمركز قطر للمال أن مسؤولية دول الحصار عن جبر الضرر ثابتة بموجب القانون الدولي، وقال للجزيرة نت إن المستقر عليه فقها وقضاء أن الدولة مسؤولة عن أفعالها وقراراتها غير المشروعة، استنادا إلى القواعد العامة التي تقضي بأن كل خطأ سبّب ضررا للغير يلزم مرتكبه بالتعويض.

وشدد آل سعد على أن قرار الحصار مخالف للمواثيق والعهود والأعراف الدولية، وترتبت عنه أضرار جمة لحقت بالأفراد والشركات والمؤسسات، والمطالبة بالتعويضات لها سند قانوني ثابت، يحتاج فقط للمضي قدما في مراحل التقاضي إلى النهاية.

لجنة التعويضات
لجنة المطالبة بالتعويضات التي تضم ممثلين عن وزارتي العدل والخارجية تستقبل كافة ملفات الدعاوى وشكاوى المتضررين في القطاعين الحكومي والخاص، والشركات والبنوك وغرفة التجارة، وكذلك الأفراد.

وتعمل اللجنة من خلال لجنة مركزية على فرز الشكاوى ودراسة طلبات التعويض، وتحديد الإجراءات القانونية المتعلقة بها، قبل إحالتها على القضاء القطري أو أي قضاء في الخارج، وذلك بالتنسيق مع مكاتب محاماة سيعهد إليها رفع الدعاوى القضائية والمطالبة بالتعويضات للحالات المختلفة.

ويمضي عمل اللجنة وفق المسارات القانونية الدولية لتحقيق العدالة، متبنيا أحدث وسائل الاتصالات للتيسير على المتقاضين.

ولم تعلن حتى الآن أي إحصائية لعدد الدعاوى والشكاوى التي رفعت للجنة، أو تصنيف الحالات المتضررة، بينما يؤكد مسؤولون أنها بالمئات يوميا، وأعدادها في ارتفاع مستمر.

وكان النائب العام القطري علي بن فطيس المري أوضح في تصريحات سابقة أن عمل لجنة طلب التعويضات ليس له أي ارتباط بتسويات الأزمة السياسية، وشدد على أن الإجراءات القانونية ستأخذ مجراها إلى النهاية.

المصدر : الجزيرة