هل تنقذ "الدستورية العليا" السيسي من الخيانة العظمى؟

قرار وقف حكم بطلان إتفاقية ترسيم الحدود يُنجي السيسي من الخيانة العظمى. تصوير زميل مصور صحفي. مسموح باستخدامها.
جانب من الاحتجاجات الشعبية على التنازل عن الجزيرتين (الجزيرة)

دعاء عبد اللطيف-القاهرة

بعد ساعات قليلة من وصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية بالموضوع المُنتهي، أصدرت المحكمة الدستورية العليا الأربعاء الماضي قرارا بوقف حكم قضائي نهائي يقضي ببطلان الاتفاقية.
 
وكانت محكمة القضاء الإداري قضت في يناير/كانون الثاني الماضي ببطلان توقيع الحكومة المصرية للاتفاقية، التي بموجبها تدخل جزيرتا تيران وصنافير الواقعتان بمدخل خليج العقبة ضمن الحدود السعودية.
 
وتدخل رئيس المحكمة الدستورية العليا الأربعاء الماضي ليصدر قرار -لم يُراجع فيه مستشاري المحكمة- بوقف "مؤقت" لأحكام القضاء الإداري والأمور المستعجلة للنظر في شبهة التعدي على اختصاصات الدستورية العليا.
 
وصرح المتحدث باسم المحكمة الدستورية العليا بأن المحكمة ستنظر في الجهة ذات الولاية، موضحا أنها قد ترى أن إحدى الجهتين ذات ولاية، وقد ترى أن كلا الجهتين غير ذات ولاية.

وكان البرلمان المصري قد وافق بالأغلبية الأسبوع الماضي على الاتفاقية بعد جلسات نقاش استمرت يومين، وقال رئيس البرلمان علي عبد العال إن القضاء غير مختص بالبت في الاتفاقية، معتبرا أحكامه "هي والعدم سواء".
 
لكن مدير التنسيقية المصرية للحقوق والحريات عزت غنيم يرى أن البرلمان انتهك الدستور بمناقشته ثم تمريره للاتفاقية التي أبطلها القضاء الإداري. وألقى بمسؤولية الخلاف بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية على رئيس الجمهورية، مؤكدا أنه المنوط بالفصل بين السلطات ومنع تدخل إحداهن في عمل الأخرى.

وقال غنيم إن قرار رئيس المحكمة الدستورية العليا بوقف تنفيذ بطلان الاتفاقية لا يترتب عليه تبرئة البرلمان من التجاوز القانوني الذي ارتكبه، موضحا أن البرلمان مرر الاتفاقية بعد شهور من حكم نهائي من القضاء الإداري ببطلانها "وعليه فقرار الدستورية لا ترفع عن البرلمان تجاوزه".

كما اعتبر أن القرار المنفرد لرئيس المحكمة الدستورية بوقف الأحكام "محاولة إنقاذ السيسي من تهمة الخيانة العظمى".

‪حاتم عبد العظيم: الدستورية العليا لها سوابق في تأييد الانقلاب العسكري‬ (الجزيرة)
‪حاتم عبد العظيم: الدستورية العليا لها سوابق في تأييد الانقلاب العسكري‬ (الجزيرة)

تسييس القضاء
وتابع غنيم أن "هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا أصدرت قبل يومين توصية بصحة حكم القضاء الإداري ببطلان الاتفاقية، فكان على السلطة التصرف بسرعة ومن ثم صدر قرار رئيس المحكمة منفردا وعليه سيُصدق رئيس الجمهورية على الاتفاقية دون مشكلة قانونية".

وعن حكم محكمة الأمور المستعجلة بسريان الاتفاقية، قال غنيم إنها محكمة غير مختصة بنظر الدعوى، مؤكدا أن رئيس الوزراء الذي وقع الاتفاقية موظف بالدولة، وبالتالي فالقضاء الإداري مخول بنظر الاتفاقية.

من جهته يرى البرلماني السابق الدكتور حاتم عبد العظيم أن قرار وقف حكم بطلان الاتفاقية "يكشف تسييس القضاء"، موضحا أن القانون لا يعطي الدستورية العليا حق تعطيل حكم للإدارية العليا.

وأضاف أن المحكمة الدستورية تختص بالنظر في دستورية القوانين والفصل في حال تنازع الاختصاص بين محكمتين في نظر دعوى بعينها. وما فعلته الدستورية "يعد استمرارا لدورها في مسار الانقلاب على الديمقراطية بدءا بحلها برلمان الثورة في 2012 ثم تقنينها الانقلاب العسكري في 2013 وقيام رئيسها عدلي منصور بمهام رئيس الجمهورية".

وعن تأثير الأحكام القضائية على حركة الرأي العام الرافضة للاتفاقية، قال رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام مصطفى خضري  إن "المواطن المصري لا يتحرك من تلقاء نفسه إلاّ بسبب الجوع أو الظلم المتعلق بالحياة والموت، والشارع المصري لن يتحرك للاحتجاج ضد الاتفاقية دون حشد من كيانات تمتلك قواعد شعبية كثيفة مثل التيار الإسلامي".

وتوقع خضري أن يأتي القرار النهائي للمحكمة الدستورية مؤيداً لحكم الإدارية العليا ببطلان الاتفاقية، معللا ذلك بـ"السياق السياسي الذي يشير لوجود جهات سيادية رافضة للتنازل عن الجزيرتين وستدفع في اتجاه بطلان الاتفاقية".

المصدر : الجزيرة