"أمهات على الأثير".. صوت الأمهات العازبات بالمغرب

أطلقت جمعية مائة بالمائة أمهات ، على الإذاعة الأولى من نوعها اسم أمهات على الأثير.
إذاعة أمهات على الأثير تبث برامجها من الرباط (الجزيرة نت)

عزيزة بوعلام-الرباط

رشيدة من مدينة تازة (شرق المغرب)، وعزيزة من مدينة تاونات (شمال)، ونعيمة من مدينة أكادير (جنوب)، فتيات تتراوح أعمارهن بين 20 و28 سنة، واختلفت الدوافع والأسباب التي جعلتهن يحملن لقب "أمهات عازبات" (أنجبن خارج مؤسسة الزواج)، لكن وحّدهن مسعى إسماع صوتهن والترافع عن قضاياهن عبر أثير إذاعة إلكترونية، خاصة بالأمهات العازبات، تم الإعلان عنها في العاصمة الرباط، منتصف مايو/أيار الجاري.

وأطلقت جمعية "100% أمهات" (تعنى بالأمهات العازبات) على الإذاعة الأولى من نوعها اسم "أمهات على الأثير"، وتبث يوميا من مدينة طنجة سبعة برامج، تعنى بقضايا الأمهات العازبات في مجال الاستشارات القانونية والاجتماعية وصحة الأم والطفل، ورصد شهادات لأمهات عازبات، وبالإضافة إلى نقاش مفتوح بينهن، وبرنامج ترفيهي بعنوان "حديث النساء".

وقالت نعيمة حمداني -وهي أم عازبة اختارت أن تتحدث بوجه مكشوف وهي تقدم برنامجا حواريا بعنوان "افتح قلبك" بالإذاعة- "سنترافع ليعيش أبناؤنا بشكل طبيعي، وألا ينعتوا من قبل المجتمع بأبناء أمهات عازبات"، وأضافت "نأمل أن نعيش مثل جميع الأمهات دون تمييز ولا نظرة نقص".

أما رشيدة فاختارت تقديم برنامج بعنوان "شهادات"، ليكون منصة تحكي من خلالها أمهات عازبات مثلها قصصهن، لتقريب معاناتهن للمستمعين والتوعية بمآسيهن.

وحكت رشيدة للجزيرة نت كيف أحست في البداية بصعوبة الانخراط في هذه المهمة، لكن بفضل إرادتها وعزيمتها القوية تمكنت من التغلب على هذه الصعوبات، على حد قولها.

بينما تخوض عزيزة -مقدمة برنامج "دقوا الباب"- تحديا كبيرا كأم عزباء تجوب بالميكروفون الشوارع لاستطلاع الآراء حول موضوع يقابل بنظرة مختلفة في المجتمع المغربي، حيث تنقسم الآراء والأحكام بشأن هذه الفئة من النساء.

ويراهن مسؤولو الإذاعة على "التعريف بقضية الأمهات العازبات، والمساهمة في إدماجهن بالمجتمع، والتخلص من النظرة الاحتقارية لهن"، عبر شبكة برامج متنوعة مخصصة لهذا الموضوع الذي يثير جدلا كبيرا في المغرب.

جانب من حفل إطلاق إذاعة
جانب من حفل إطلاق إذاعة "أمهات على الأثير" (الجزيرة نت)

وتسعى مقدمات مختلف برامج الإذاعة -وهن أمهات عازبات استفدن من تكوين في مجال الصحافة الاجتماعية- لإخراج هذا الملف من مربع "التابو" ليصبح موضوعا قابلا للنقاش.

ويمتد طموحهن إلى أن يمهد هذا المشروع لكسب حقوق تقابل باعتراضات شديدة، أبرزها تجريم العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، وصعوبات تسجيل الأبناء المولودين في هذا الإطار، وغيرها من العناوين التي ستشكل خريطة طريق شاقة بالنسبة "لأمهات عازبات على الأثير".

وأوضحت سارة لمجامري منسقة هذا المشروع الإذاعي، في حديث للجزيرة نت، بأن الإذاعة أنشأت لتكون منبرا للأمهات العازبات بالمغرب، للدفاع عن حقوقهن وحقوق أطفالهن، وأكدت أن ذلك لا يعني "تشجيع ظاهرة موجودة وتكبر يوما بعد يوم".

وكشفت لمجامري عن أن الإذاعة بعد إطلاقها، عانت من تعليقات سلبية، لكنها استقبلت كذلك الكثير من التعليقات الإيجابية.

ويطرح منتقدو هذه الخطوة التي يدعمها الاتحاد الأوروبي مخاوف من تشجيع ظاهرة الأمهات العازبات، لأنها -حسب رأيهم- تتيح للمصطلح الذي يحمل في طياته تمردا على النظم القانونية الأسرية، فرصة لترسيخه في الساحة التواصلية مضمونا وسلوكا، وفي نظرهم كان الأفضل لو كانت الإذاعة لكل الأمهات ومشاكلهن، وليس فقط للعازبات.

أما الأستاذ بالمعهد العالي للإعلام والصحافة لحسن العسيبي فيرى أن التجربة عموما تقلص المسافة النفسية من مرحلة نبذ الأم العازبة إلى مرحلة إعادة إدماجها في المجتمع، كما أنها تتيح للفئة المعنية المشاركة في إيجاد الحلول لمشاكلها الخاصة.

وأكد العسيبي أن الأهم في هذه القضية هو أن "تمارس الأمور بمسؤولية ومهنية وفي إطار القانون"، وأشار إلى أن الإذاعة الجديدة تعزز التوجه الذي تتبناه الصحافة العالمية عبر تفضيل الإعلام المتخصص، وكشف عن إطلاق المغرب إذاعة خاصة بالسجناء تسير في هذا الاتجاه.

المصدر : الجزيرة