بغداد وأربيل.. الهوة تتسع والعبادي يطمع بولاية ثانية

تتهم أطراف سياسية وإنسانية قوات البيشمركة بممارسة انتهاكات بحق النازحين
عناصر من قوات البشمركة في مدينة الحويجة (الجزيرة)

أحمد الزاويتي-أربيل

لا يفوّت المسؤولون الأكراد في العراق فرصة إلا أشاروا فيها إلى سوء العلاقة مع بغداد، بشكل يوحي بأن هذه العلاقة قد استعصت فيما يبدو على المعالجة من الطرفين.

وآخر التصريحات في هذا السياق تأكيد رئيس وزراء إقليم كردستان العراق نيجيرفان البارزاني، في المؤتمر العلمي الدولي لجامعة كردستان في أربيل، أن العلاقة مع بغداد على الورق أكثر وضوحا منها على الأرض.

وخلال كلمته، دعا البارزاني صراحة للاستفتاء وأبدى سروره لكون الاستقلال يجمع الأكراد على حد قوله، إذ قال "لا نقول إن الاستقلال سيكون حلا مفصليا لجميع المشاكل لكن ستكون بداية جديدة نحو أفق صحيح، أقولها بثقة إن بناء علاقة جوار قوية مع بغداد أفضل بكثير من الاستمرار في علاقة هي أقرب إلى علاقة صاحب دار مع مستأجر".

لهجة دبلوماسية
وبينما يرى منتقدو نيجيرفان أن حديثه هروب من المشاكل الداخلية في الإقليم، تحاول بغدد استخدام لهجة أقل حدة وأكثر دبلوماسية في تعاملها مع تصريحات رئيس حكومة إقليم كردستان وعمه مسعود البارزاني رئيس الإقليم، وغيرهم من المسؤولين الذين صعّدوا في الفترة الأخيرة من اللهجة الانفصالية بدعوات صريحة للاستفتاء على الانفصال عن العراق والتحرك باتجاه الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن هذا الموضوع.

وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قال إن قوات البشمركة الكردية ستترك مواقعها التي وصلت إليها في حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وتعود للمواقع التي انطلقت منها قبل معركة الموصل. وأضاف أن الأمر بات يحتاج لتفاهمات جديدة بشأن كيفية إدارة هذه المناطق التي تمكنت البشمركة من السيطرة عليها.

واعتبر العبادي أن هذا الموضوع يمكن حله بتشكيل قوات مشتركة بين بغداد وأربيل لإدارة هذه المناطق، كما هو الحال في مدينة سنجار الآن.

لكن لا يوجد في سنجار حتى الآن غير قوات البشمركة إضافة لمجاميع مسلحة أخرى محسوبة على حزب العمال الكردستاني، أما الإدارة فهي قائمة في مجلس القضاء والقائممقام الذي لا يزال يداوم خارج المدينة المنكوبة.

‪‬ عبد الحكيم خسرو: العبادي يتحدث عن تفاهمات ويبتعد عن سياسة ردود الأفعال التي سيستفيد منها منافسوه في بغداد(الجزيرة)
‪‬ عبد الحكيم خسرو: العبادي يتحدث عن تفاهمات ويبتعد عن سياسة ردود الأفعال التي سيستفيد منها منافسوه في بغداد(الجزيرة)

ويرى المحلل السياسي الدكتور عبد الحكيم خسرو أن تصريحات العبادي لها علاقة بمستقبله في بغداد أكثر من علاقتها بأربيل، فهو يجد نفسه في وضع غير مريح من قوى منافسة سواء من الشيعة أو السنة قد تحاول نصب فخاخ له لتسهيل الطريق لإزالته، ضمن الاستعدادات لانتخابات عراقية قادمة هذه السنة.

ويقول خسرو "يستخدم حيدر العبادي سياسة مرنة بعيدة عن سياسة رد الفعل، وهذا كان واضحا في مواقفه الأخيرة، فلم يكن له رد فعل ملفت حول رفع الأكراد علم كردستان رسميا في كركوك من طرف واحد، وحتى قضية النفط وسيطرة الأكراد على آبار نفط في كركوك".

ويضيف أن العبادي أصبح "يتحدث عن تفاهمات، لأنه إذا دخل في سياسة ردود الأفعال فسيدخل في صداع النزاعات الهامشية التي سيستفيد منها منافسوه في بغداد"، مشيرا إلى أنه سيستمر في هذه السياسة حتى الانتخابات القادمة التي يتوقع أنه سيستمر بعدها رئيسا للوزراء بدعم أميركي، وبعدها قد يتبع سياسة جديدة مع إقليم كردستان العراق.

و سبق للعبادي أن طالب بعودة قوات البشمركة لمواقعها قبل المعارك مع تنظيم الدولة، لكن البارزاني رفض. ولا تحمل تصريحات العبادي الجديدة دعوة للانسحاب بقدر ما تحمل إشارة لتفاهمات جديدة بين الطرفين يتوقع أن تكون صعبة -إن لم تكن مستحيلة- في ظل الدعوات الكردية الصريحة للاستفتاء والاستقلال.

‪كردستان‬ ديندار الزيباري في اجتماعاته مع مواطنين عرب في أسكي الموصل لإقناعهم بالتعاون مع إقليم(الجزيرة)
‪كردستان‬ ديندار الزيباري في اجتماعاته مع مواطنين عرب في أسكي الموصل لإقناعهم بالتعاون مع إقليم(الجزيرة)

توسع بمناطق العرب
ويحاول الجانب الكردي إقناع سكان المناطق التي دخلتها قوات البشمركة بالتعاون مع إقليم كردستان في إدارة مناطقهم، تحت نفوذ الإقليم نفسه وليس بالتنسيق مع بغداد. وقد زار منسق حكومة الإقليم ديندار الزيباري منطقة أسكي الموصل، والتقى بالمواطنين العرب هناك لكسب تعاطفهم.

وقال ديندار للجزيرة نت إن "حكومة إقليم كردستان مؤمنة بالتعاون والتنسيق مع المواطنين العرب في هذه المناطق وإشراكهم في الإدارة، ولكن ضمن إقليم كردستان العراق". وجوابا عن سؤال عما إذا كان هذا يعني نفس ما قاله العبادي عن إدارة مشتركة، نفى المتحدث ذلك وقال "ما أقصده هو المشاركة مع مواطني هذه المناطق ضمن إدارة الإقليم وليس بغداد".

ولم يعد خافيا فشل كل من بغداد وأربيل في تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي التي تنص على حل متفق عليه بين الطرفين بشأن ما يسمى بالمناطق المتنازع عليها، والتي دخلتها قوات البشمركة بعد معارك مع تنظيم الدولة بدءا من عام 2014 وحتى الآن، في غياب تام من سلطة بغداد.

المصدر : الجزيرة