عندما يسخّر الفن لخدمة الأسرى الفلسطينيين

فلسطين- الضفة الغربية- نابلس - مايو ايار- 2017 - كان لكبر اللوحات والمكان الذي وضعته به اهمية في تميزها واعجاب المارين بها -تصوير عاطف دغلس- الجزيرة نت
شيخ فلسطيني يتأمل إحدى لوحات الفنان محمد الشريف في مدينة جنين (الجزيرة)

عاطف دغلس-جنين

بينما كان الأسرى يقضّون مضاجع السجان الإسرائيلي معلنين إضرابهم المفتوح عن الطعام، كان الفنان التشكيلي الفلسطيني محمد الشريف يُشغل هو الآخر ريشته ويسقط ألوانه المشعة بالأمل على لوحاته وكأنه يعيش حالة من التضاد.
 
ومع دخول إضراب الأسرى يومه الخامس عشر، لا يزال الشارع الفلسطيني يتفاعل بقوة مع الحدث، فقد أقيمت خيام الاعتصام والتضامن وسط المدن والبلدات الفلسطينية ورُفدت بأنشطة عديدة ورفعت صور الأسرى ولافتات تدعم صمودهم.
 
وقد جسّد الشريف بإحساس الفنان تلك المعاناة مانحا الأسرى قوة وأملا بنصر قريب يحقق مطالبهم ويحفظ كرامتهم، فعمد إلى رسم لوحات تشكيلية تحكي قصة صمودهم وإصرارهم على الحياة وإن كانت خلف القضبان.
الفنان محمد الشريف يضع اللمسات الأخيرة على إحدى لوحاته(الجزيرة)
الفنان محمد الشريف يضع اللمسات الأخيرة على إحدى لوحاته(الجزيرة)

شكلت حكايةَ الأسرى ثلاثُ لوحات أنجزها الفنان الشريف -الذي يعكف على رسم المزيد- وتنوعت عناوينها بين "الحرية" و"أقوى من سجانكم" و"حريتكم كرامتنا"، ولخصت مرّ العيش وشظفه على يد السجان الإسرائيلي.

"رسمت الأسرى بالصورة القوية والمشرقة وما تبقى لنا هو الكرامة، ووحده الأسير الذي يمثلنا دفاعا عن هذه الكرامة"، يقول ذلك الفنان الشريف وأصابعه تداعب ريشته في عمل جديد يعده داخل مرسمه يحاكي به ظلم السجن وأمل الحياة معا، في موجز يصف به حياة الفلسطينيين كما يراها.

ويضيف قائلا إن رحى فنه تدور في جانبين أساسيين: الأول المظلم والآخر المشرق المعاكس له تماما، فالأول يعني به الاحتلال وحياة الفلسطيني المعذب في كنف هذا الاحتلال والثاني خيط الأمل الذي ينسلُ من بين هذا الظلام وهو الجانب المشرق.

وأتقن الشريف -الذي يتحدر من مدينة جنين شمال الضفة الغربية– العمل بمدارس الفن المختلفة من الواقعية والتجريدية والانطباعية وغيرها، قبل أن يبدع أكثر بعمل جداريات ضخمة تتضمن الرموز الفلسطينية والحروف الكنعانية، ليُعرف لاحقا بخوض تجربته الأولى بالنحت على الصخر وترجمة الشعر في لوحات فنية صبت جميعها في خدمة قضايا وطنه وهموم شعبه.

"أقوى من سجانكم" اسم لوحة أخرى من لوحات الشريف(الجزيرة)

واكتسبت أعمال الفنان الشريف حين عُرضت في خيمة الاعتصام ببلدة يعبد جنوب مدينة جنين اهتماما أكبر.

فالخيمة أضحت مزارا يوميا للعشرات من المتضامنين من الداخل والخارج، يُضاف لذلك حجم اللوحات الكبير وألوان الزيت والأكرليك التي زادتها جمالا.

كان وليد عطاطرة والد الأسير الشاب خالد يتوسط الخيمة ويستقبل الداعمين له ويشد في الوقت نفسه من أزر أهالي الأسرى، فالبلدة الكبيرة تعرف "بقلعة الأسرى" إذ يقبع في سجون الاحتلال منها الآن نحو ستين أسيرا، أكثر من عشرين منهم يشاركون في الإضراب.

ورغم أن الفنان الشريف لم يسجن، فإنه يشاطر الأهالي معاناتهم ويعايشها بتفاصيلها الدقيقة عبر أعماله الفنية.

يقول والد الأسير عطاطرة إن ذلك يشعرهم بحجم التضامن الكبير معهم ومع أبنائهم الأسرى، وهو ما يترك أثرا واضحا في نفسياتهم لشعورهم بأن الخارج يقف لجانبهم ويناصرهم، "فالشعب رهانهم الوحيد"، على حد تعبيره.

وأعمال الشريف امتداد لدعم كبير تجاه الأسرى يتبناه المسؤولون في بلدة يعبد. يقول القائم بأعمال البلدية محمد عبادي إنهم وجدوا أن الفن أكثر الوسائل لفتا للانتباه.

المصدر : الجزيرة