عندما يسخّر الفن لخدمة الأسرى الفلسطينيين
عاطف دغلس-جنين
شكلت حكايةَ الأسرى ثلاثُ لوحات أنجزها الفنان الشريف -الذي يعكف على رسم المزيد- وتنوعت عناوينها بين "الحرية" و"أقوى من سجانكم" و"حريتكم كرامتنا"، ولخصت مرّ العيش وشظفه على يد السجان الإسرائيلي.
"رسمت الأسرى بالصورة القوية والمشرقة وما تبقى لنا هو الكرامة، ووحده الأسير الذي يمثلنا دفاعا عن هذه الكرامة"، يقول ذلك الفنان الشريف وأصابعه تداعب ريشته في عمل جديد يعده داخل مرسمه يحاكي به ظلم السجن وأمل الحياة معا، في موجز يصف به حياة الفلسطينيين كما يراها.
ويضيف قائلا إن رحى فنه تدور في جانبين أساسيين: الأول المظلم والآخر المشرق المعاكس له تماما، فالأول يعني به الاحتلال وحياة الفلسطيني المعذب في كنف هذا الاحتلال والثاني خيط الأمل الذي ينسلُ من بين هذا الظلام وهو الجانب المشرق.
وأتقن الشريف -الذي يتحدر من مدينة جنين شمال الضفة الغربية– العمل بمدارس الفن المختلفة من الواقعية والتجريدية والانطباعية وغيرها، قبل أن يبدع أكثر بعمل جداريات ضخمة تتضمن الرموز الفلسطينية والحروف الكنعانية، ليُعرف لاحقا بخوض تجربته الأولى بالنحت على الصخر وترجمة الشعر في لوحات فنية صبت جميعها في خدمة قضايا وطنه وهموم شعبه.
واكتسبت أعمال الفنان الشريف حين عُرضت في خيمة الاعتصام ببلدة يعبد جنوب مدينة جنين اهتماما أكبر.
فالخيمة أضحت مزارا يوميا للعشرات من المتضامنين من الداخل والخارج، يُضاف لذلك حجم اللوحات الكبير وألوان الزيت والأكرليك التي زادتها جمالا.
كان وليد عطاطرة والد الأسير الشاب خالد يتوسط الخيمة ويستقبل الداعمين له ويشد في الوقت نفسه من أزر أهالي الأسرى، فالبلدة الكبيرة تعرف "بقلعة الأسرى" إذ يقبع في سجون الاحتلال منها الآن نحو ستين أسيرا، أكثر من عشرين منهم يشاركون في الإضراب.
ورغم أن الفنان الشريف لم يسجن، فإنه يشاطر الأهالي معاناتهم ويعايشها بتفاصيلها الدقيقة عبر أعماله الفنية.
يقول والد الأسير عطاطرة إن ذلك يشعرهم بحجم التضامن الكبير معهم ومع أبنائهم الأسرى، وهو ما يترك أثرا واضحا في نفسياتهم لشعورهم بأن الخارج يقف لجانبهم ويناصرهم، "فالشعب رهانهم الوحيد"، على حد تعبيره.
وأعمال الشريف امتداد لدعم كبير تجاه الأسرى يتبناه المسؤولون في بلدة يعبد. يقول القائم بأعمال البلدية محمد عبادي إنهم وجدوا أن الفن أكثر الوسائل لفتا للانتباه.