القرار الأممي حول الصحراء.. أرضية لاستئناف التفاوض
الحسن أبو يحيى-الرباط
لا يتوقع مراقبون استئناف التفاوض قريبا بين المغرب وجبهة البوليساريو حول نزاع الصحراء الغربية، لكنهم يجمعون على أن القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي يوفر أرضية مهمة لانطلاق مفاوضات بناءة قد تسبقها مساع حميدة.
وبموجب القرار رقم 2351 مدّد مجلس الأمن مهمة بعثة "المينورسو" إلى غاية 30 أبريل/نيسان 2018، ودعا الأطراف إلى مواصلة مسلسل الإعداد للجولة الخامسة من المفاوضات، والتحلي بالواقعية وروح التوافق.
وأعرب المجلس عن دعمه الكامل لالتزام الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومبعوثه الشخصي من أجل التوصل إلى حل لهذا النزاع، وإحياء عملية المفاوضات في إطار دينامية جديدة تقود إلى حل سياسي مقبول من الأطراف.
ويرى إدريس لكريني مدير مختبر الدراسات الدولية حول تدبير الأزمات بجامعة القاضي عياض في مراكش، أن القرار يوفر أرضية مهمة لانطلاق مفاوضات بناءة، خاصة أن غوتيريش نفسه عبر عن رغبته أخيرا في إعطاء هذه المفاوضات قدرا من الدينامية.
خيار التفاوض
وقال لكريني في حديث للجزيرة نت إن القرار ينطوي على أهمية كبيرة بتأكيده على الخيار التفاوضي وإشارته إلى الدور الجزائري، اقتناعا منه بضرورة استحضار حسن نية المحيط الإقليمي في التعاطي مع هذه المفاوضات، وتجاوز كل السلوكات التحريضية التي من شأنها التأثير سلبا على مسار المفاوضات، حسب تعبيره.
من جانبه أشار سعيد الصديقي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله في مدينة فاس إلى أن كل ما يريده المغرب في هذه المرحلة هو التعامل بحياد وموضوعية مع النزاع، لأنه مقتنع بأن ذلك سينصف موقفه.
وقال الصديقي للجزيرة نت إن مما عزّز مصداقية المغرب لدى مجلس الأمن هو انسحابه المسبق من جانب واحد من منطقة الكركرات، والسماح بعودة كل أفراد الطاقم المدني لبعثة المينورسو، وفق تعبيره.
وتوقع الجامعي المغربي أن تتحسن علاقة الرباط بالأمم المتحدة فيما يتعلق بقضية الصحراء خلال ولاية الأمين العام الحالي، لكنه قال إن هذا لا يعني أن هذا الملف سيجد طريقه إلى التسوية.
وعن احتمال استئناف المفاوضات قريبا بين الطرفين قال الباحث المغربي في الشؤون الإستراتيجية خالد يايموت إنه من السابق لأوانه الحديث عن عودة المفاوضات المباشرة بين الطرفين لأن المغرب يُصر على التفاوض بشكل مباشر مع الجزائر بخصوص قضية الصحراء، حيث يعتبرها طرفا في النزاع ومسؤولة عن رعاية تنظيم مسلح وإيوائه في أرضها.
وذكّر يايموت بأنه في مقابل اقتراح المغرب الحكم الذاتي الموسع، تصر البوليساريو على أن يكون التفاوض على أساس تصفية الاستعمار.
مساع حميدة
وتوقع يايموت أن العودة إلى المفاوضات ستسبقها مساع حميدة من الأمم المتحدة ومن بعض الأطراف الدولية لإقناع الطرفين بالدخول في دينامية جديدة، قائلا إن ذلك يتطلب وقتا ليس بالقليل.
ووافقه في ذلك الجامعي سعيد الصديقي الذي قال إنه ليس هناك ما يؤشر على إمكانية استئناف هذه المفاوضات قريبا بسبب تشبث كل طرف بمواقفه من القضية.
وأشار إلى أن "المغرب يرى أن أقصى تنازل يمكن أن يقدمه هو منح إقليم الصحراء حكما ذاتيا في ظل السيادة المغربية، بينما لا ترى البوليساريو المدعومة من الجزائر أي حل خارج آلية الاستفتاء على تقرير المصير".
ومن وجهة نظر لكريني فإن المؤشرات المتوافرة تدعم طرح المغرب بالنظر إلى مضامين القرار 2351، والدينامية التي شهدتها السياسة الخارجية بعد عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي، ورحيل الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة بان كي مون الذي اعتبر الباحث المغربي أنه خرج عنه حياده المفترض.
وضمن نفس السياق يعتقد يايموت أن القرار الأخير يصب في صالح المغرب "لأنه متوازن، ويجسد عودة حقيقية للأمم المتحدة للعب دور الوسيط في هذا النزاع الطويل".
وقال للجزيرة نت إن الحديث ضمن القرار عن تقرير المصير والحل السياسي الواقعي وخلق دينامية سياسية جديدة "يتقاطع إستراتيجيا مع الرؤية المغربية للنزاع باعتبارها شأنا داخليا، وليس قضية تصفية استعمار".