هل تعود حركة مجتمع السلم إلى الحكومة الجزائرية؟

عبد الر زاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم عقب اعلان نتائج الانتخابات البرلمانية.
حركة مجتمع السلم حصلت على 33 مقعدا برلمانيا في الانتخابات الأخيرة (الجزيرة)

عبد الحميد بن محمد-الجزائر

تفجر نقاش حاد داخل صفوف حركة مجتمع السلم في الجزائر بعد إعلان قيادتها رسميا أنها تلقت دعوة رسمية من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للمشاركة في الحكومة الجديدة التي ستشكل في الأيام القادمة.

وقد التقى رئيس الحركة عبد الرزاق مقري برئيس الوزراء عبد المالك سلال الأربعاء الماضي للتأكد مما تم تداوله إعلاميا، وأبلغه في الوقت نفسه أن القرار بيد أعضاء مجلس الشوري.

لكن الاتجاه الغالب داخل صفوف الحركة لا يؤيد فكرة عودتها إلى الحكومة التي فكت الارتباط بها عام 2012 عقب الانتخابات البرلمانية.

وكان مقري قدم قبل انطلاق الحملة الانتخابية البرلمانية في 8 أبريل/نيسان الماضي شروطا ربط توفرها بعودة حركته إلى الحكومة.

أبرز هذه الشروط أن تكون الانتخابات نزيهة، وأن تحصل حركته على الأغلبية، وأن تشكل حكومة توافقية على أساس برنامج واضح ومشترك، وهي الشروط التي لم تتوفر.

وقد حصلت الحركة على 33 مقعدا في البرلمان. ويؤيد بعض أعضائها الاستجابة للدعوة الرئاسية على أساس أنها تيار معتدل وصاحب خبرة في المشاركة.

لكن الغالبية ترفض هذه الدعوة انطلاقا من تجربة 20 سنة من المشاركة في الحكومات المتعاقبة، سببت لها انقسامات داخلية أثرت على شعبيتها.

‪خلاص: السلطة تعلم بوجود وجهتي نظر متناقضتين داخل حركة مجتمع السلم‬ (الجزيرة)
‪خلاص: السلطة تعلم بوجود وجهتي نظر متناقضتين داخل حركة مجتمع السلم‬ (الجزيرة)

جس نبض
ويقول مدير صحيفة الجزائر أحسن خلاص إن الطلب الذي نقله رئيس الوزراء عبد المالك سلال إلى عبد الرزاق مقري هو عبارة عن جس نبض، "لأن السلطة تعرف بوجود وجهتي نظر متناقضتين داخل الحركة، لذلك تقدمت بالعرض حتى يستعدوا لتشكيل الحكومة المقرر في غضون عشرين يوما".

من جهته يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة العفرون محسن خنيش أن دعوة الرئيس بوتفليقة للحركة هدفها توسيع التمثيل السياسي في الحكومة إلى خارج أحزاب الموالاة رغم حيازتها أغلبية برلمانية.

ويضيف للجزيرة نت أن إشراك حركة السلم سيسمح بتحييد بعض القوى المعارضة المؤثرة.

وبعتقد خنيش أن طلب الرئيس سبب اضطرابا داخل حركة مجتمع السلم وسيستمر حتى انعقاد مجلس الشورى "ولا سيما أن انتقالها إلى المعارضة منذ 2012 سبب نزيفا في صفوفها، تجلى في تشكيل حزب "أمل تجمع الجزائر" بقيادة عمار غول.

ويشير إلى أن قبول الحركة بالمشاركة في الحكومة سيعني خروجها تماما عن وثيقة "مازفران " التي وقعت عليها أبرز قوى المعارضة في 2014.

من جانبه، يؤكد القيادي في حركة مجتمع السلم فاروق طيفور أن طلب الانضمام للحكومة المقبلة سيعرض أمام مجلس الشورى "لأنه المخول الوحيد لاتخاذ قرار بهذا الشأن والفصل فيه".

‪خنيش: طلب الرئيس سبب اضطرابا داخل حركة مجتمع السلم‬ (الجزيرة)
‪خنيش: طلب الرئيس سبب اضطرابا داخل حركة مجتمع السلم‬ (الجزيرة)

تقرير مفصل
ويشدد على أن مجلس شورى الحركة الذي قرر في 2012 الانسحاب من الحكومة هو من سيتخذ القرار المناسب بالعودة من عدمها.

ويشير طيفور للجزيرة نت إلى أن مجلس الشورى الذي سينعقد بعد أيام سيناقش أولا تقريرا مفصلا يتضمن مجريات وتفاصيل سير العملية الانتخابية من بدايتها إلى نهايتها "ولا سيما بعد التجاوزات والتزوير الذي لحق بالانتخابات التشريعية".

ويؤكد عضو البرلمان السابق عن حركة مجتمع السلم الأخضر رابحي أن النظام الجزائري يحتاج إلى مشاركة فصيل مثل الحركة نظرا لاعتدالها وامتلاكها كوادر شابة وتجربتها في المشاركة السياسية ومواجهة الإرهاب ومصداقية خطابها، على حد قوله.

ويضيف رابحي للجزيرة نت أن الرغبة في ضم حركة مجتمع السلم إلى الحكومة مجددا تأتي في ظل تراجع أسعار النفط وضعف الاقتصاد وتحديات الحدود الخارجية ولهيب المنطقة العربية وصعوبة نقل السلطة بأمان داخليا.

كما يعتقد أن العواطف الملتهبة وجراحات التزوير القوي والمفضوح والأذى الذي تعرضت له الحركة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة "هي أكبر معيق لقبول المشاركة في الحكومة مما يعني أن اتخاذ القرار "يحتاج إلى هدوء وعقل وتسامح إلى حد كبير وتفضيل المصالح الاستراتيجية".

المصدر : الجزيرة