هل يفرق تفجير الكنيستين بين الأقباط والسلطة؟

اعتداء المتظاهرين على مدير أمن الغربية في مصر
متظاهرون أقباط بعد تفجير كنيستي الإسكندرية وطنطا في مصر (الجزيرة)

عبد الله حامد-القاهرة

يخشى مراقبون في مصر أن يكون التفجيران اللذان ضربا الأحد كنيستين في الإسكندرية وطنطا بداية تعثر لعلاقة ربطت بين النظام المصري والأقباط، إذ يرى محللون أن علاقة الأقباط بالسلطة متوترة منذ فترة، وأن هذه يمكن أن تكون الشعرة التي تقصم ظهر البعير.

فقد ضرب تفجيران الأحد كنيستين في مدينتي طنطا والإسكندرية يشتبه في قيام انتحاريين بتنفيذها، وفق تسجيلات كاميرات المراقبة، وأسفرا عن سقوط عشرات القتلى بين الأقباط في ما يسمى "أحد الشعانين"، وهي مناسبة دينية قبطية لبداية ما يسمى أسبوع الآلام. كما توفي ضباط ورجال شرطة يحرسون الكنائس.

وتبنى تنظيم الدولة الإسلامية التفجيرين، وهتف شباب أقباط في طنطا ضد النظام، كما حدث أمام الكنيسة البطرسية في القاهرة، بينما سارعت الحكومة إلى إقالة مدير أمن الغربية، وترأس الرئيس عبد الفتاح السيسي اجتماعا لمجلس الدفاع الوطني وأدان الحادث في بيان رسمي، وكلف القوات المسلحة بمساعدة الشرطة في تأمين المنشآت الحيوية.

‪تفجير كنيسة بطنطا أثار غضب الأقباط ضد السلطة بسبب ما اعتبروه تراخيا وتقاعسا أمنيا‬ (الجزيرة)
‪تفجير كنيسة بطنطا أثار غضب الأقباط ضد السلطة بسبب ما اعتبروه تراخيا وتقاعسا أمنيا‬ (الجزيرة)

من ناحيته قال البابا تواضروس الذي نجا من تفجير الإسكندرية في بيان له إن "تلك الحوادث الإرهابية لن تؤثر على لحمة الشعب المصري"، علما بأن الأقباط كانوا على رأس الفئات التي دعمت النظام الحالي منذ انقلاب يوليو/تموز 2013.

فراق السلطة والأقباط
وقال الناشط القبطي رامي جان إن "علاقة الأقباط بالسلطة متوترة منذ فترة، والتفجيرات الجديدة ستوترها أكثر، بعد أن كان الأقباط يرون في السيسي مخلصهم من آلام الإرهاب، ها هم يعاينون عجزه عن حمايتهم".

ويستدرك جان أن "هذا بالنسبة لعموم الأقباط، ولكن قيادة الكنيسة على وفاق تام مع النظام، بل هي ورقة رابحة له في ملف التطبيع، حيث تقوم الكنيسة قريبا بتسهيل سفر الأقباط إلى إسرائيل لزيارة الأماكن المقدسة هناك".

الهتيمي: التوتر لن يمنع الأقباط من الاستمرار في تأييد النظام لأنه لا بديل أمامهم (مواقع التواصل)
الهتيمي: التوتر لن يمنع الأقباط من الاستمرار في تأييد النظام لأنه لا بديل أمامهم (مواقع التواصل)

ويرى رامي جان في حديثه للجزيرة نت أن "العلاقة توترت بين الجانبين منذ تعرية السيدة القبطية في المنيا جنوبا، رغم إبلاغ الأمن مسبقا بضرورة حماية الأقباط، وأدرك الأقباط وقتها أن الأمن إما عاجز أو متقاعس عن حمايتهم، وما زاد من يقينهم هو تكرار التفجيرات بعد تفجير البطرسية التي هتف عندها شباب الأقباط ضد عدوهم الأساسي وهو النظام وليس الإسلاميين".

ويرصد الكاتب والمحلل السياسي أسامة الهتيمي أن "العلاقة بين السلطة والأقباط تأثرت بشكل كبير نتيجة حادث التفجير الذي وقع في ديسمبر/كانون الثاني 2016، وهو ما انعكس جليا على حجم الاحتفاء بالسيسي عند زيارته الأخيرة لأميركا مقارنة بزيارته في سبتمبر/أيلول 2016 أثناء مشاركته في اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة، حيث لوحظ انخفاض كبير في عدد الأقباط المستقبلين للسيسي.

ومن ثم فمن الطبيعي أن يتعمق هذا التأثر بعد حادث تفجير كنيستي طنطا والإسكندرية، مع انطباع تتزايد رقعته بأن هناك تراخيا أمنيا، وربما كان ذلك سيدفع السلطة إلى محاولة احتواء الموقف بالعمل سريعا على كشف ملابسات الحادث والمسؤولين عنه".

وأعرب الهتيمي في حديثه للجزيرة نت عن اعتقاده بأن "موقف العديد من الأقباط تجاه النظام السياسي الآن يتسم بالازدواجية، إذ يرى كثير منهم أن الحادث نتيجة تراخ أمني، في حين يرى آخرون أنه لا يمكنهم أن يتخلوا عن دعم هذا النظام في ظل حالة الاستقطاب السياسي التي تشهدها البلاد".

ورجح أن ينعكس هذا الحادث على علاقة قيادات الكنيسة بالبعض من شعب الكنيسة ورعاياها، خاصة من بين الفاعلين والناشطين الأقباط الذين سيعملون على فك الارتباط بين هذه القيادات والنظام السياسي.

المصدر : الجزيرة