الجزائر.. غضب على لوبان لتمجيدها الاحتلال الفرنسي

Marine Le Pen, French National Front (FN) political party leader and candidate for French 2017 presidential election, attends a political rally in Pageas, France April 13, 2017. REUTERS/Stephane Mahe
زعيمة اليمين المتطرف بفرنسا مارين لوبان مجدت استعمار بلادها للجزائر خلافا لمنافسها بالانتخابات الرئاسية ماكرون الذي اعتبره جريمة (رويترز)

عبد الحميد بن محمد-الجزائر

تصريحات مرشحة اليمين المتطرف لرئاسة فرنسا مارين لوبان لقناة "بي أف أم" الفرنسية بأن احتلال بلادها للجزائر أكسبها أشياء كثيرة، وأن الجزائريين الذين يتمتعون بنوايا حسنة يقرون بهذه الحقيقة، خلقت حالة من الغضب داخل الجزائر، وكانت محل إدانة من كثير من النخب الجزائرية.

ورغم أن الفاعلين السياسيين بالجزائر لم يتفاجؤوا بتصريح لوبان- التي حلت في المرتبة الثانية بالجولة الأولى من انتخابات الرئاسة الفرنسية- واعتبروها إهانة للجزائر وللإنسانية، فإنهم قالوا في الوقت نفسه إن لدى لوبان جرأة للجهر بمواقفها عكس باقي سياسيي بلدها، وشخصيات فرنسية راهنت عليها الحكومة الجزائرية، لكنها لا تختلف كثيرا في الواقع عن زعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية.

لا مفاجأة
وخلافا للوبان، سبق لمرشح الوسط إيمانويل ماكرون الأوفر حظا لرئاسة فرنسا بعد تصدره الجولة الأولى، أن وصف استعمار بلاده للجزائر بـالجريمة ضد الإنسانية، الأمر الذي قوبل في باريس بجدل وانتقادات واسعة.

وكان البرلمان الفرنسي أقر عام 2005 قانونا يمجد الاستعمار الفرنسي، مما آثار يومها غضب الجزائر وتحرك برلمانها من أجل سن قانون يدين ويجرم الاستعمار، وارتفعت أصوات تطالب باريس بالاعتراف بجرائمها والاعتذار عنها مع دفع تعويضات لضحاياها، لكن تلك الأصوات تراجعت وسكتت تماما.

‪‬ مناصرة: لا أعرف ما الذي تركه استعمار فرنسا للجزائر غير الدمار والخراب وطمس ثقافتنا وتاريخنا(الجزيرة)
‪‬ مناصرة: لا أعرف ما الذي تركه استعمار فرنسا للجزائر غير الدمار والخراب وطمس ثقافتنا وتاريخنا(الجزيرة)

ويرى رئيس المجموعة البرلمانية لحزب التجمع الوطني الديمقراطي (موالاة) محمد قيجي أن تصريحات مارين لوبان ليست جديدة "لا على الجزائريين ولا على فرنسا الرسمية والاستعمارية"، ويؤكد للجزيرة نت أنها تمجد الاستعمار "وتقول إن الاحتلال كان إيجابيا".

ويعتبر قيجي أن مثل هذه التصريحات تخدم أجندة معينة والرد على غريمها ماكرون، كما أن لوبان لا تخفي عداوتها للجزائريين وللعرب والمسلمين وهذا ليس غريبا.

ويقول القيادي في حزب طلائع الحريات أحمد عظيمي إن تصريحات لوبان ليست مفاجئة، رغم أن هناك حاليا بفرنسا جيل جديد من السياسيين بدؤوا يعترفون بأن الاحتلال كان كارثة واعتداء على دولة وعلى شعب، وحتى من اليمين هناك من بدأ يقر بسلبيات الاستعمار، ولا يمجده إلا اليمين المتطرف.

إهانة
لكن رئيس جبهة التغيير (معارضة) عبد المجيد مناصرة يؤكد أن تصريح مرشح اليمين المتطرف بفرنسا إهانة كبيرة للجزائريين وللإنسانية، لأن الاحتلال شر كله. ويقول للجزيرة نت "لا أعرف ما الذي تركه الاستعمار غير الدمار والخراب وطمس لثقافتنا وتاريخنا".

ويضيف مناصرة أن الاحتلال مانع للحرية والكرامة، والجزائريون عندما "كانوا تحت سيطرته أقل من بشر". ويعتقد أنه لا وجود لجزائري واحد يقبل هذا الكلام "فما بالك عندما يأتي على لسان شخصية ترغب في تولي رئاسة فرنسا في 2017".

‪‬  بن قارة: أصحاب النوايا الحسنة الذين تتحدث عنهم مارين لوبان هم من رفض استقلال الجزائر في استفتاء يوليو 1962 (الجزيرة)
‪‬ بن قارة: أصحاب النوايا الحسنة الذين تتحدث عنهم مارين لوبان هم من رفض استقلال الجزائر في استفتاء يوليو 1962 (الجزيرة)

ويشدد عظيمي في حديثه للجزيرة نت على أنه لم يسبق له أن قرأ أو سمع عمن تسميهم لوبان بأصحاب النوايا الحسنة الذين يقرون بإيجابيات الاستعمار، "فأنا لم أقرأ سوى للعملاء أو أبنائهم من المتعاونين مع الاستعمار الفرنسي، فهؤلاء هم فقط من مجد الاحتلال، أما الشعب الجزائري الذي اكتوى بنار فرنسا الاستعمارية فليس هناك من وجد إيجابية واحدة لاحتلال دام 132 سنة".

رهان خاسر
ويؤكد الكاتب الصحفي خليفة بن قارة أن الاستعمار الفرنسي دمر البلاد، وتشييد البناءات التي تتحدث عنها لوبان لم تكن للجزائريين الذين اغتُصِبت أملاكهم بل "كانت لهؤلاء الوافدين من كل شتات أوروبا، فالجزائريون لم يكونوا يتحركون إلا بتراخيص من الحاكم العسكري".

ويقول بن قارة للجزيرة نت إن أصحاب النوايا الحسنة الذين تتحدث عنهم هذه السيدة ليسوا سوى أولئك الذين قالوا لا للاستقلال في استفتاء الثالث يوليو/تموز عام 1962، حيث خالف نحو 16 ألف جزائري مقابل أكثر من خمسة ملايين جزائري صوتوا بنعم.

ويقر المتحدث بأن زعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية المتطرفة كانت "أشجع" السياسيين الفرنسيين في تعبيرها عن موقفها من الاستعمار دون مواربة ودون نفاق، على عكس الذين كانت تراهن عليهم الجزائر وهم في الحقيقة لا يختلفون عن مارين لوبان.

المصدر : الجزيرة