مضايقة الصيادين تشجع عودة القرصنة بالصومال

صيادون محليون لدى مغادرتهم شاطئ مقديشو لوضع شباكهم في البحر في شهر سبتمبر 2015 (التصوير:قاسم سهل).
صيادون محليون لدى مغادرتهم شاطئ مقديشو للصيد في 2015 (الجزيرة نت)

قاسم أحمد سهل–مقديشو

بعد تراجع استمر نحو خمس سنوات عادت القرصنة البحرية تطل مجددا في السواحل الصومالية، فقد خطف قراصنة صوماليون ناقلة النفط "آريس 13" التي كانت تحمل علم جزر القمر وعلى متنها ثمانية بحارة من سريلانكا، قبالة شواطئ ولاية بونتلاند شمال شرقي الصومال، وهي في طريقها من جيبوتي إلى العاصمة الصومالية مقديشو.

وأفرج عن السفينة بعد ثلاثة أيام من خطفها بفضل وساطات أعيان بلدة علولة التي احتجزت فيها، وضغط مارسته القوة البحرية للولاية بتطويقها الموقع ومحيطه.

ورغم أن الاحتجاز لم يطل، فقد أثيرت أسئلة كثيرة عن العوامل التي مهدت لعودة القرصنة مرة أخرى في المنطقة التي ظهرت فيها قبل 12 عاما.

ويقول سكان بلدة علولة ببونتلاند إن الخاطفين ليسوا قراصنة، بل هم صيادون حرموا مزاولة مهنتهم وكسب أرزاقهم في ساحلهم بسبب سفن أجنبية منحتها السلطات في بونتلاند رخص صيد، فهي تصطاد في مسافات قريبة من الشاطئ وتمنع القوارب المحلية من الصيد فيها وتتعمد إغراقها أحيانا.    

زوارق للقوات البحرية الصومالية تتدرب على الدفاع عن الساحل الصومالي (الجزيرة نت-أرشيف)
زوارق للقوات البحرية الصومالية تتدرب على الدفاع عن الساحل الصومالي (الجزيرة نت-أرشيف)

ويشير السكان إلى أن حالة السخط التي نتجت من هذه الممارسات دفعت الصيادين إلى خطف السفينة، للفت أنظار الصوماليين والعالم إلى ما يعانونه من ظلم، أما عبد الحكيم عمر عمي نائب رئيس ولاية بونتلاند فيرجع السبب إلى اعتداءات متكررة على الصيادين ترتكبها السفن الأجنبية.

ويضيف عمي الذي كان يتحدث في مدينة بوساسو الساحلية قبل يومين بمناسبة تسليم السفينة المحررة، أن السفن الأجنبية متورطة في دهس زوارق الصيادين ومن على متنها وتدمير شباكهم ومعداتهم، مما أدى إلى تضاؤل فرص ممارستهم الصيد الذي يعد ركيزة أساسية ومصدر رزق لكثير من سكان المناطق الساحلية.

وحسب المدير السابق لدائرة مكافحة القرصنة بولاية بونتلاند عبد الرزاق محمد درر فإن عودة القرصنة في المياه الصومالية كانت متوقعة لعدم تنفيذ مشاريع من شأنها دعم الصيادين الصوماليين بمعدات ووسائل ترفع قدراتهم وتتيح لهم فرص عمل بتمويل الاتحاد الأوروبي.

وأوضح درر أن الأموال المخصصة أنفقتها منظمة "إيغاد" في تنظيم لقاءات وتذاكر سفر، فقد أوكل لها الاتحاد هذه المهمة من دون أن ينفذ مشروعا واحدا، إضافة إلى تقصير المجتمع الدولي في كبح جماح الصيد غير المشروع المنتشر في المياه الصومالية.

قري: حادثة الخطف إرهاص وجرس إنذار يسبق عمليات قرصنة قادمة (الجزيرة نت)
قري: حادثة الخطف إرهاص وجرس إنذار يسبق عمليات قرصنة قادمة (الجزيرة نت)

واعتبر درر -الذي تحدث للجزيرة نت- أن غياب قوة بحرية صومالية بكامل التسليح قادرة على حراسة الساحل الصومالي وردع سفن الصيد غير المشروع، جزء كبير من المشكلة.

جرس إنذار
من جهته قال رئيس الهيئة الحكومية لتطوير البحوث والعلوم البحرية الجنرال فارح قري للجزيرة نت، إن الحادث جاء تصديقا لتنبؤات القوة الأوروبية لمكافحة القرصنة قبالة الصومال بعودة ظاهرة القرصنة في الصومال، التي تعطيها مبررا لتمديد تفويضها في خليج عدن، غير أن حادث الخطف الذي تعرضت له سفينة "آريس 13" لا يعني بذاته عودة حقيقية لأعمال القرصنة في المياه الصومالية.

وبين قري أن حادثة الخطف إرهاص وجرس إنذار يسبق عمليات قرصنة قادمة، وأن ملامح الظروف التي نشأت القرصنة فيها بادية في الأفق متمثلة في انتشار واسع للصيد الأجنبي غير القانوني بلا رادع.

ويرى إمكان منع عودة القرصنة من خلال مطالبة الحكومة الصومالية الأمم المتحدة بتوسيع تفويض القوة الدولية لمكافحة القرصنة، لتشمل محاربة الصيد غير القانوني في الصومال، وتدريب الصيادين عسكريا وقانونيا لتشكيل قوة ردع للصيد الأجنبي غير المشروع بالتنسيق مع الحكومة المركزية والحكومات المحلية ريثما يكتمل بناء القوات البحرية الصومالية.

المصدر : الجزيرة