سقوط التعديلات الدستورية والجدل القانوني بموريتانيا

جانب من جلسة مجلس الشيوخ الموريتاني خلال مناقشة التعديلات الدستورية
المعارضة الموريتانية ونواب السلطة بمجلس الشيوخ توافقوا على إسقاط مشروع التعديلات (الجزيرة)

جدل قانوني
وقد اصطدم مسعى الحكومة الرامي إلى إلغاء مجلس الشيوخ برفض أغلبية أعضاء هذه الغرفة (33) لمشروع القانون المتضمن للتعديلات الدستورية، وأغلب هؤلاء الشيوخ -الذين أسقطوا التعديلات- هم من الأغلبية الحاكمة التي كان يفترض أن تصوت لصالح تمرير هذه التعديلات بأغلبية مريحة.

وقد أوصى الحوار السياسي الذي نظم في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وشاركت فيه بعض أحزاب المعارضة، وقاطعته كتلة منتدى الديمقراطية المعارضة وحزب تكتل القوى الديمقراطية المعارض؛ بإصلاحات دستورية.

وتضمنت هذه المطالب الاستغناء عن المجلس وتعويضه بـ"مجالس جهوية" تكون منتخبة من قبل السكان في الولايات، للإشراف على تنفيذ مشاريع وبرامج تنموية ستتخلى عنها الحكومة المركزية لهذه المجالس.

وتنص مراجعة الدستور أيضا على إضافة خطين أحمرين إلى العلم الوطني، تثمينا لتضحيات المقاومة الوطنية للاستعمار الفرنسي وللدماء التي سالت على أرض موريتانيا، بحسب تبريرات المطالبين بتعديل العلم الوطني.

كما تشمل كذلك النشيد الوطني، الذي يقترح تغييره ليصبح أكثر شحذا للهمم وحثا على قيم المواطنة والتضحية من أجل الوطن والدفاع عن حوزته الترابية ووحدته الوطنية.

‪فضيلي ولد الرايس: يحق للرئيس ولد عبد العزيز أن يحيل التعديل على الاستفتاء‬ (الجزيرة)
‪فضيلي ولد الرايس: يحق للرئيس ولد عبد العزيز أن يحيل التعديل على الاستفتاء‬ (الجزيرة)

الخيارات المتاحة
وتباينت آراء خبراء القانون الدستوري إزاء الخيارات المتاحة للرئيس الموريتاني للاستمرار في مسار تعديل الدستور، حيث يرى الخبير في القانون الدستوري الأستاذ فضيلي ولد الرايس -في حديث للجزيرة نت- أن المادة 38 من الدستور الموريتاني عامة وغير مقيدة لا في الشكل ولا في المضمون، ويمكن للرئيس أن يقوم بتعديل الدستور أو إجراء استفتاء تأسيسي أو تعديل جزئي له.

وأوضح ولد الرايس أنه بموجب هذه المادة، يحق لرئيس الجمهورية أن يحيل النص على الاستفتاء دون الرجوع إلى البرلمان وإذا صادق عليه الشعب يصبح ملزما، مشيرا إلى أن  الدستور الموريتاني يسمح لرئيس الجمهورية بالتقدم بمقترح التعديل و للبرلمان كذلك الحق في التعديل.

وأشار إلى أن مراجعة الدستور "يجب ألا تكون ناتجة عن حوارات سياسية، فالدساتير يجب أن تبقى لأهل الاختصاص وليست لأهل السياسة".

وقال إن المادة 38 هي نفسها المادة 11 من الدستور الفرنسي، التي على أساسها استفتى الرئيس الأسبق شارل ديغول الشعب الفرنسي لتعديل الدستور دون المرور بالبرلمان، مع بعض التباين.

وأكد في السياق ذاته أن الفقرة السادسة من المادة 40 من الدستور الموريتاني تذكر بشكل صريح أن هنالك طريقتين متوازيتين لتغيير الدستور، إما عن طريق البرلمان أو عبر الاستفتاء الشعبي.

‪مجلس الشيوخ الموريتاني يتكون من 56 عضوا ويتمتع فيه الرئيس والحكومة بأغلبية مريحة‬ (الجزيرة)
‪مجلس الشيوخ الموريتاني يتكون من 56 عضوا ويتمتع فيه الرئيس والحكومة بأغلبية مريحة‬ (الجزيرة)

قرار نهائي
من جانبه، يقول الخبير في القانون الدستوري الأستاذ محمد الأمين ولد داهي إن مشروع مراجعة الدستور الحالي سقط بشكل نهائي، ولا يمكن الالتفاف على الرفض الصريح وبأغلبية أعضاء مجلس الشيوخ، مؤكدا أنه "لم يعد بالإمكان إعادة نفس مشروع التعديل بأي طريقة".

وأوضح أن أحكام الدستور المتعلقة بتعديل الدستور، تنص صراحة على أن التعديل لا بد من عرضه على البرلمان للموافقة قبل اللجوء إلى الاستفتاء.

وكانت كتلة المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة -وهي  أكبر كتلة معارضة في موريتانيا- قد دعت السلطة إلى فتح حوار شامل وجدي مشترك التحضير والتسيير والنتائج.

وجاء موقف المنتدى على خلفية رفض مجلس الشيوخ للتعديلات الدستورية، وحذر السلطة من عواقب محاولة "فرض تمرير التعديلات بالقوة".

المصدر : الجزيرة