تجدد القطيعة بين الدولة الفرنسية وسكان الضواحي

French riot police clashes with protesters during a demonstration to support Theo and against police violence in Paris, France, 18 February 2017. Theo, a young man, was hospitalised for an emergency surgery after he was allegedly sodomized with a truncheon during a police check on 02 February 2017. The incident sparked violent protests in the Paris suburb, one police officer is now charged with rape.
صدام بين الشرطة الفرنسية ومحتجين على خلفية اتهام أفراد من الشرطة باغتصاب شاب في ضواحي باريس (الأوروبية)

أعاد حادث اتهام أفراد من الشرطة الفرنسية باغتصاب شاب أسود قبل نحو شهر في ضواحي العاصمة باريس وما تبعه من احتجاجات عنيفة بالضواحي إلى الواجهة أزمة مماثلة شهدتها البلاد في 2005.

ويرى مراقبون أن تجدد هذه الأزمة يشير إلى استمرار القطيعة بين الدولة الفرنسية والضواحي التي يقيم فيها عدد كبير من الجاليات المغاربية والأفريقية وغيرها.

فقبل 12 عاما أشعل حادث مقتل الطفلين زياد بنة (17 عاما) وبونا تراوري (15 عاما) في ضاحية "كليشي سو بوا" فرنسا برمتها، وأجبرت باريس على إعلان حالة الطوارئ، واستمرت أعمال الشغب في الضواحي لمدة عشرة أيام أحرقت فيها الكثير من الممتلكات العامة واعتقل فيها آلاف الأشخاص قبل أن تتمكن السلطات من احتواء الوضع المهدد بالثوران من جديد في أي لحظة جراء استفحال البطالة والفقر والطائفية والعنف.

وفي مطلع فبراير/شباط الماضي أعادت حادثة الاعتداء على الشاب ثيو أثناء التحقق من هويته في الضاحية الباريسية "أولناي سو بوا" الجدل بشأن أزمة الضواحي الفرنسية، إذ اعتقل 245 محتجا، وكشف الحادث -وفق المراقبين- عجز سلطات باريس عن معالجة مشاكل الضواحي التي تعاني العزلة والتهميش والفقر، مما يجعلها معقل الجرائم والاقتصاد الموازي وغيرها من الآفات الاجتماعية.

العنف الاجتماعي
ويرى عضو المجلس البلدي لضاحية "كليشي سو بوا" مهدي بيغاديرن أن "الغضب المرتبط بالعنف الاجتماعي وسوء الأوضاع المعيشية لا يزال موجودا بالفعل حتى اليوم"، مضيفا أنه يرصد هذا الأمر باستمرار.

‪محتج يحاول قذف قنبلة مدمعة أطلقتها الشرطة لتفريق متظاهرين يحتجون على اغتصاب شاب أسود‬ (رويترز)
‪محتج يحاول قذف قنبلة مدمعة أطلقتها الشرطة لتفريق متظاهرين يحتجون على اغتصاب شاب أسود‬ (رويترز)

وقالت أستاذة العلوم السياسية في جامعة "باريس 8" سيلفي تيسو إن "الكثير من الأشياء تغيرت منذ العام 2005، لكن ليس بالضرورة نحو الأفضل".

وأوضحت تيسو أن "العوامل الاجتماعية والاقتصادية تفاقمت، وهذا الأمر يشمل جميع أنحاء فرنسا، غير أنه يمس بشكل أعمق أولئك الذين يواجهون ظروفا معيشية سيئة، ويضاف إلى كل ذلك شكل جديد من أشكال العنصرية ألا وهو الوصم الذي يستهدف المسلمين أو الثقافة الإسلامية (في فرنسا)".

وينبه لوران موكييلي -وهو مدير البحوث بالمركز الفرنسي للأبحاث العلمية ومؤلف كتاب "عندما تشتعل الضواحي.. عودة على أحداث نوفمبر 2005"- إلى أن "النخبة الباريسية لا تعير انتباها لحجم التباينات، فالسكان شبابا كانوا أم مسنين يتحدثون عن معضلة البطالة".

تبعات التهميش
وأوضح موكييلي أن "البعض يمكن أن يقبل بالوضع، غير أن البعض الآخر سيسقط في الانحراف وتجارة المخدرات، وحين نسألهم لماذا يجيبون بأن لا مكان لهم في النظام، وأنهم وجدوا أنفسهم خارجه، مما يعني أن الانحراف أضحى بديلا لهم".

ويشير عضو المجلس البلدي مهدي بيغاديرن إلى أن المجالس البلدية الفرنسية تعمل منذ أشهر على تشكيل هيئات جديدة للديمقراطية التشاركية أطلق عليها اسم "مجالس المواطنة"، في مبادرة ترمي إلى فسح المجال أمام السكان من أجل التوصل إلى حلول أكثر فاعلية لأزمة الضواحي.

ويضيف المتحدث نفسه أن مجالس المواطنة "تمنح الأمل بعدم تكرار تجاهل مخاطر تفاقم الوضع، ومزيد إقصاء السكان من السياسة"، مشيرا إلى تشكيل خلية مراقبة لمجالس المواطنة لرصد أي خلل أو خرق في عمل الهيئات، وتجميع المبادرات الإيجابية.

المصدر : وكالة الأناضول