جدل بألمانيا حول ارتباط أكبر منظماتها الإسلامية بتركيا

زوار مسلمون وغير مسلمون لمسجد الشهيد أحد المساجد التابعة لمنظمة ديتيب التركية بألمانيا. الجزيرة نت
زوار مسلمون وغير مسلمين لمسجد الشهيد التابع لمنظمة ديتيب التركية بألمانيا (الجزيرة نت)

خالد شمت-برلين

مثلت مطالبة وزير الداخلية الألماني توماس ديميزير للاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية (ديتيب) بالنأي بنفسه عن أنقرة، الأبرز بين عدة مطالبات مماثلة وجهت للمنظمة الإسلامية الأكبر في ألمانيا بعد اتهام السلطات لعدد من أئمة المساجد التابعة لها بجمع ونقل معلومات إلى تركيا عن أعضاء حركة غولن المتهمة بتدبير المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا الصيف الماضي.

ودعا ديميزير الثلاثاء الماضي -بالجلسة الأخيرة من الجولة الثالثة لمؤتمر الإسلام الذي ترعاه وزارته بهدف دمج المسلمين بالمجتمع- الاتحاد الإسلامي لاتخاذ خطوات باتجاه تعزيز شفافيته واستقلاليته عن تركيا.

وأشار وزير الداخلية الألماني إلى أن اتهامات التجسس الموجهة لأربعة من أئمة "ديتيب" أثارت انزعاجه الشديد، وأنها "ستكون غير مقبولة حال ثبوتها".

وشدد على أهمية مواصلة الحوار مع "ديتيب" معتبرا أن قطع هذا الحوار سيضعف التيارات الجيدة ويقوي التيارات الخاطئة.

وامتدح ديميزير الـ "ديتيب"وقال إن هذه المنظمة ظلت لعقود طويلة شريكا موثوقا به ومحاورا كفؤا للحكومة الألمانية بقضايا مسلمي البلاد خاصة فيما يرتبط باندماجهم.

اتهامات
وتأسس "ديتيب" عام 1984 بمدينة كولونيا حيث يقع مقره الرئيسي، ويتبع للاتحاد 15 جمعية إسلامية ويدير 970 مسجدا، يتوزعون على الولايات الألمانية الـ 16، مما يجعله أكبر منظمة إسلامية بالبلاد.

وتعتبر السلطات الألمانية منذ سنوات اتحاد "ديتيب" شريكا لها بقضايا الحوار مع الأقلية المسلمة.

ويشارك الاتحاد وزارات التربية بعدد كبير من الولايات بالإشراف على تدريس حصص الدين الإسلامي للتلاميذ المسلمين بالمدارس الحكومية، كما يتبع الاتحاد هيئة الشؤون الدينية التركية التابعة هي الأخرى للإشراف المباشر للرئيس التركي.

وأخذت الاتهامات السياسية والإعلامية الألمانية لـ "ديتيب" منحى تصاعديا منذ الصيف الماضي، وتطورت من اتهام الاتحاد بالخضوع للسياسة الحكومية التركية، إلى الاشتباه بضلوع عدد من أئمة مساجد "ديتيب" بالتجسس على أعضاء بجماعة فتح الله غولن، ونقل معلومات عنهم للقنصليات التركية بكولونيا وميونيخ.

‪مسجد مدينة ديوسبورغ أكبر مساجد ألمانيا وواحد من 970 مسجدا فيها تابعة لمنظمة
‪مسجد مدينة ديوسبورغ أكبر مساجد ألمانيا وواحد من 970 مسجدا فيها تابعة لمنظمة "ديتيب" التركية‬ مسجد مدينة ديوسبورغ أكبر مساجد ألمانيا وواحد من 970 مسجدا فيها تابعة لمنظمة "ديتيب" التركية (الجزيرة)

ومثلما تطورت الاتهامات تطورت تداعياتها، حيث جمدت ولاية هيسن تعاونها مع الاتحاد بتدريس التربية الإسلامية بمدارس الولاية، كما جمدت حكومة سكسونيا السفلى مشروعا يشارك فيه "ديتيب" للاعتراف الرسمي بالإسلام بالولاية.

تجميد الدعم
وتوجت هذه التداعيات بإعلان الحكومة الألمانية الأربعاء الماضي تجميد دعمها ماليا بقيمة مليون يورو لثلاثة مشروعات اجتماعية يساهم فيها الاتحاد التركي، من بينها مشروعان لوقاية الشبيبة من التطرف والعنف وإغاثة اللاجئين.

وأكدت متحدثة باسم وزارة الأسرة الألمانية في تصريحات صحفية تجميد هذا الدعم على خلفية الاتهامات الموجهة لـ "ديتيب".

وفي إطار هذا الجدل، طالب أرمين لاشيت نائب رئيس الحزب المسيحي الديمقراطي الحاكم اتحاد "ديتيب" بفصل أئمته المتهمين بالتجسس، في وقت دعا وزير العدل هايكو ماس المنظمة الإسلامية للاستقلال بعملها عن أنقرة، والتعاون مع السلطات لكشف حقيقة الاتهامات الموجهة لأئمتها.

وردت "ديتيب" بتأكيد نفيها ضلوعها أو فروعها أو مسؤوليها بجمع أو نقل معلومات سرية لأي جهة.

وقال الأمين العام لمنظمة "ديتيب" بكير البوغا في تصريحات لـ الجزيرة نت أن منظمته محايدة سياسيا وتأسست وفق مبادئ الدستور الألماني وتحترم قوانين البلاد.

أحكام مسبقة
وأوضح البوغا أن اتحاده له وظيفة محددة هي تقديم الخدمات دينية والاجتماعية، ويتخذ قرارته ويصيغ خطب مساجده بألمانيا وليس خارجها.

ورأى أن الجدل الحالي حول منظمته "غير موضوعي ومتعجل واستند لتقارير إعلامية خاطئة وضعت الاتحاد بدائرة الاشتباه العام".

وخلص البوغا إلى أن هذا الجدل يغمط "ديتيب" حقها كمنظمة عملت وفق القوانين وأسهمت لعقود بتشجيع الاندماج ونشر ثقافة الاعتدال والمشاركة واحترام الآخر.

من جهته، رفض رئيس المجلس الأعلى للمسلمين بألمانيا أيمن مزايك تعميم الأحكام المسبقة بحق "ديتيب".

ودعا مزايك -في تصريحات للجزيرة نت- إلى انتظار نتائج التحقيقات حول الاتهامات الموجهة لبعض أئمة الاتحاد التركي. 

المصدر : الجزيرة