حكومة فائز السراج.. مستقبل مرهون بفرض الأمن

رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج بجانبه عضو المجلس أحمد حمزة
رئيس المجلس الرئاسي بليبيا فائز السراج بجانبه عضو المجلس أحمد حمزة (الجزيرة)

فؤاد دياب-الجزيرة نت

منذ دخول حكومة فائز السراج المعترف بها دوليا العاصمة الليبية طرابلس أواخر مارس/آذار 2016، ورغم ما حظيت به من دعم محلي وتأييد عسكري من بعض الكتائب المسلحة بطرابلس، فإنها لم تستطع فرض الأمن في نطاق نفوذها الذي وعدت به المواطنين، وإنهاء حالة الفوضى التي تشهدها العاصمة.

فما من شهر يمر إلا وتشهد طرابلس اشتباكات مسلحة في مناطق متفرقة منها، الأمر الذي أدى إلى تراجع شعبية حكومة السراج، وزاد على ذلك عجزها عن حل أزمات المواطن.

وشهدت مناطق متفرقة بالعاصمة في اليومين الماضيين اشتباكات بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة بين قوات تابعة لحكومة الوفاق مدعومة من كتيبة ثوار طرابلس، وقوات تابعة لحكومة الإنقاذ الوطني السابقة بقيادة خليفة الغويل، أدت إلى خروج الأخيرة من مقر المجلس الأعلى للدولة المعروف باسم مجمع قصور الضيافة، وتمركزها جنوب العاصمة.

وكانت قوات تابعة لرئيس حكومة الإنقاذ الوطني السابقة سيطرت في 14 أكتوبر/تشرين الأول الماضي على مجمع قصور الضيافة مقر المجلس الأعلى للدولة، معلنة عودة حكومتها للمشهد السياسي برئاسة الغويل بعد أن اختفى نحو ثمانية أشهر.

‪أفراد من قوة الردع الخاصة التابعة لحكومة الوفاق وسط طرابلس‬ (الجزيرة)
‪أفراد من قوة الردع الخاصة التابعة لحكومة الوفاق وسط طرابلس‬ (الجزيرة)

مؤسسات هشة
وأرجع محمد عريفة عضو مجلس النواب الداعم لاتفاق الصخيرات ما يحدث من اضطرابات أمنية متكررة في طرابلس إلى أخطاء ارتكبها رئيس حكومة الوفاق بعدم تعيينه رئيس أركان للجيش منذ أكثر من عام، وضعف أداء وزير الداخلية.

ويضيف عريفة في تصريح للجزيرة نت أن من أسباب الاضطرابات أيضا قرار الحكومة تشكيل جهاز الحرس الرئاسي الذي جرى مؤخرا الذي يكاد يكون حبرا على ورق.

ويتفق عضو لجنة الحوار السياسي فتحي باشاغا مع ما ذهب إليه عريفة، إذ أشار إلى أن عدم تعاون مؤسسات الدولة المنبثقة عن الاتفاق السياسي بالصخيرات جعل الحكومة "مشلولة"، وأدى إلى ضعفها وعجزها عن أداء مهامها بشكل كامل وفرض نفسها.

فرض الهيبة
ويرى المحلل السياسي محمد فؤاد أن الاشتباكات التي تحدث باستمرار في طرابلس محاولة من الكتائب المسلحة الموالية لحكومة الوفاق لفرض سيطرتها على العاصمة، وطرد المجموعات المعارضة للحكومة خارجها للاستفراد بالحكم.

وقال عريفة إن مستقبل حكومة السراج مرتبط بمواصلة تلقيها الدعم والحماية من الكتائب الأمنية في مصراتة، فهي من أكبر الكتائب بليبيا، إضافة إلى استمرار السراج في مغازلة الكتائب المسلحة لفرض هيبة حكومته، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن البديل لحكومة السراج هو سلطة أمر واقع جديد بطرابلس.

وأما عضو مجلس النواب الرافض للاتفاق السياسي صالح افحيمة فيرى أن مستقبل هذه الحكومة مرتبط بحمايتها من المليشيات التي تتلقى دعما منها، وامتثال السراج لهم.

ووصف فؤاد شخصية رئيس الحكومة "بالضعيفة والمترددة، وغير قادرة على اتخاذ القرارات الحاسمة" التي تلقي بظلالها على الأوضاع الأمنية والسياسية بالبلاد، مشيرا إلى أن الخطة الأمنية الأخيرة بطرابلس لن تجدي نفعا بعد تخاذل قواته في موانئ الهلال النفطي.

الارتهان للخارج
ويعتقد المحلل السياسي نفسه بأن حكومة الوفاق لن تعمر طويلا، وأن السراج سيستمر رئيسا للحكومة حتى نهاية العام الجاري فقط، ما لم يضع حلولا سياسية تقبل بها جميع الأطراف في ليبيا، ويشير النائب افحيمة إلى أن حكومة السراج "زائلة لأنها فرضت نفسها بقوة الأمر الواقع، واستمدت شرعيتها من المجتمع الدولي فقط، دون أن تحظى بالشرعية المحلية".

ويقول المحلل العسكري محمد النعاس إن مستقبل حكومة السراج وصمودها مرهونان بمدى استمرار تلقيها الدعم من الدول الراعية لاتفاق الصخيرات، وبيّن النعاس للجزيرة نت أنه في حال سحبت الدول الراعية للاتفاق اعترافها بالحكومة فستسقط وتتوقف عن أعمالها.

ويبقى الحل الوحيد -حسب مراقبين- لضمان استمرار حكومة الوفاق الوطني هو التخفيف من حدة الأعباء التي يعاني منها المواطن، عن طريق تحقيق المصالحة الوطنية، وتوفير السيولة النقدية، ورفع قيمة العملة المحلية الدينار، وفرض الأمن ووقف إطلاق النار، وإعادة بناء مؤسسات الدولة التي تعاني من الانقسام.

المصدر : الجزيرة