طريق الإليزيه المحفوفة بفضائح الفساد

(كومبو) يجمع بين المرشحين الثلاثة للرئاسة الفرنسية marine le pen Emmanuel macron francois fillon
شبهات وقضايا الفساد تلاحق المرشحين الأوفر حظا للرئاسة الفرنسية فيون وماكرون ولوبان (وكالات)

زهير حمداني

تمضي حملة الانتخابات الرئاسية الفرنسية على خطى السباق الأميركي إلى البيت الأبيض عام 2016 محفوفة بالكثير من "الفضائح" وشبهات الفساد، التي لم يسلم منها كبار المرشحين لدخول قصر الإليزية، آخرهم إيمانويل ماكرون الذي, تضعه استطلاعات الرأي الأوفر حظا للرئاسة، مما اثار استياء الشارع الفرنسي.

ودخل ماكرون، مرشح  الوسط الذي يرفع شعار "لا يمين ولا يسار" دائرة شبهات الفساد بعد أن أكدت الهيئة العليا لشفافية الحياة العامة وجود التباس بين الدخل المالي لوزير الاقتصاد السابق، وبين رصيده الذي صرح به بعد ترشحه للانتخابات.

ووفق ما نشرته صحيفة لوفيغارو، فإن الهيئة تركز على هذا الالتباس، حيث قدر دخل ماكرون زعيم حركة "إلى الأمام" والموظف السابق في بنك روتشيلد ، بين سنتي 2009 -2012  بنحو مليونين و800 ألف يورو، بينما صرح بدخل صاف يقدر بـ200 ألف يورو.

واستغل أنصار اليمين المتطرف هذه النقطة وبدؤوا يروجون لما يسمونه "فساد ماكرون" وكانوا قد بعثوا برسالة للهيئة العليا لشفافية الحياة العامة شككوا فيها بصحة ما صرح به ماكرون عن وضعه المالي.

‪ماكرون دخل دائرة شبهات الفساد بعد استطلاعات ترجع فوزه برئاسة فرنسا‬ (الأوروبية)
‪ماكرون دخل دائرة شبهات الفساد بعد استطلاعات ترجع فوزه برئاسة فرنسا‬ (الأوروبية)

اتهامات بالجملة
وفتح القضاء الفرنسي تحقيقا ضد ماكرون، للاشتباه بتصرفات غير قانونية إثر تقرير قدمته التفقدية العامة للمالية التي تشتبه في حصول محاباة خلال تنظيم ماكرون لقاء مع مقاولين فرنسيين في لاس فيغاس بـالولايات المتحدة الأميركية

وذكرت صحيفة " لوكانار أنشينيه" الفرنسية أن شركة "بيزنيس فرانس"، المرتبطة بوزارتي الاقتصاد والمالية، منحت عقدا بقيمة 380 ألف يورو خلال الرحلة لوكالة "هافاس" للإعلان والعلاقات العامة  دون النظر في عطاءات أخرى.

وكان ماكرون، واجه شائعات جرى ترويجها خلال الفترة الماضية، عن كونه شاذا، وهو ينفيه دائما، متهما وسائل الإعلام الروسية الروسية ومنافسيه بترويجها.

وارتفعت أسهم ماكرون في سباق الرئاسة -كما تظهرها نتائج آخر استطلاعات للرأي- على خلفية السقوط المدوي لمرشح "الجمهوريين" فرنسوا فيون جراء فضيحة الفساد، التي طالت زوجته ضمن ما عرف بقضية "الوظائف الوهمية".

وكان القضاء الفرنسي قد وضع  فيون قيد التحقيق رسميا بتهمة تبديد وسوء استغلال المال العام، حيث يتهم باختلاس أموال عامة في إطار التحقيق في شبهات بوظائف وهمية استفادت منها زوجته وولداه.

ويصّر فيون على مواصلة سباق الرئاسة،  متجاوزا آثار "الفضيحة" التي عصفت بحظوظه في الوصول الإليزيه رغم أنه كان المرشح الأوفر حظا، فيما يؤكد الوزير الأول الأسبق أنه لم يستغل المال العام، وأنه استعان ببعض أقربائه استنادا لمبدأ الكفاءة، مثلما يفعل ثلث البرلمانيين الفرنسيين على حد قوله.

ومنحت "سقطة" فيون هذه دماء جديدة لزعيمة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبان، التي تضعها معظم استطلاعات الرأي في الجولة الثانية من الانتخابات المزمعة في 7 مايو/أيار المقبل رغم شبهات الفساد التي طالتها أيضا، ورفع البرلمان الأوروبي الحصانة عنها لنشرها صورا لضحايا أعدمهم تنظيم الدولة الإسلامية.

ويؤكد مكتب مكافحة الغش في الاتحاد الأوروبي أن مساعدين اثنين لحزب الجبهة الوطنيةحصلوا بشكل غير قانوني، على أموال من الاتحاد الأوروبي، للعمل لصالح الحزب في فرنسا. وتم توقيف مديرة مكتب لوبان، كاترين جريسيه وحارسها الشخصي، فيما رفضت لوبان الخضوع للتحقيق.

‪ساركوزي اتهم بالفساد المالي وسوء استغلال النفوذ وتلقي أموال غير قانونية لتمويل حملته الانتخابية‬ ساركوزي اتهم بالفساد المالي وسوء استغلال النفوذ وتلقي أموال غير قانونية لتمويل حملته الانتخابية (رويترز)
‪ساركوزي اتهم بالفساد المالي وسوء استغلال النفوذ وتلقي أموال غير قانونية لتمويل حملته الانتخابية‬ ساركوزي اتهم بالفساد المالي وسوء استغلال النفوذ وتلقي أموال غير قانونية لتمويل حملته الانتخابية (رويترز)

إرث سيء
وليست فضائح الرشاوى والفساد والتمويل غير القانوني للحملات الانتخابية عارضة في فرنسا، حيث واجه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي (2007 – 2012) اتهامات بالفساد المالي، وسوء استغلال النفوذ، وتلقي أموال غير قانونية لصالح حزبه، خلال الانتخابات الرئاسية عام 2012، منها أموال حصل عليها من الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.

وتبعا لذلك أعلن ساركوزي انسحابه من الحياة السياسية عقب خسارته في الدورة الأولى من الانتخابات التمهيدية ليمين الوسط، وفي أوائل فبراير /شباط من هذا العام، أمر قاض فرنسي بمحاكمته مع 13 آخرين في القضية التي عرفت باسم "فضيحة بيغماليون".

وفي قضية أخرى، اتهم الرئيس الأسبق جاك شيراك (1995-2007، ) بقضايا فساد مالي، وشراء ذمم في أثناء أداء وظيفته، كعمدة لمدينة باريس على مدار عشرين  سنة، وفي ديسمبر/كانون الأول عام 2011، صدر حكم ضده بالسجن عامين مع إيقاف التنفيذ، وغرامة مالية تقدر بـ150 ألف يورو.

ولاحقت جاك شيراك – مع رئيس الوزراء الأسبق دومينيك دوفيلبان– اتهامات بتلقي رشاوى من  زعماء أفارقة، قدرت بنحو عشرين مليون دولار، خلال الفترة بين 1995 و2005، نصفها كان لتمويل الحملة الانتخابية لشيراك عام 2002 وفق ما نشره الإعلام الفرنسي.

وضربت قصية وزير الخزانة السابق -في حكومة فرنسوا هولاند- جيرومي كاهوزاك المسؤول عن مكافحة التهرب من الضرائب قيم الشفافية وحكم القانون في مقتل، حينما أخفى مبلغ ستمئة ألف يورو في حسابات سرية له في سويسرا وسنغافورة.

وتثير قضايا الفساد، التي طالت مرشحي الرئاسة -قبيل الاستحقاق  الانتخابي في 23 أبريل/نيسان الشارع الفرنسي، الذي انتقد عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمظاهرات "فساد الطبقة السياسية".

وفي إشارة إلى عمق الأزمة السياسية في فرنسا والتي تتخذ جانبا "أخلاقيا" وآخر "هيكليا"، يؤكد رئيس الوزراء الأسبق ألان جوبيه أن " فرنسا مريضة، وهي غاضبة من نخبتها السياسية لكنها عرضة للإغراءات الغوغائية، وإنها تمر حاليا بأزمة ثقة لا عهد لها بها"

 ونبهت وسائل الإعلام الفرنسية وأحزاب ومنظمات ونقابات إلى خطورة هذا الخلل ذلك على المسار الديمقراطي، ودولة القانون والشفافية، فيما أشارت تحاليل بالصحف الفرنسية إلى أن اختيار الناخبين في أبريل/نيسان المقبل سيكون في النهاية لأقل المرشحين فسادا.

المصدر : الجزيرة