"تبييض الاستيطان".. دولة للمحتلين وطرد للفلسطينيين

صراع متواصل على الأرض في المناطق "ج" بالضفة الغربية التابعة لسيادة الاحتلال الإسرائيلي، في الصورة مستوطنة "ايش كوديش" ومستوطنة "احيا" جنوب شرق قرية قصره، كانون الثاني/يناير 2014.
مستوطنتا "إيش كوديش" و"احيا" جنوب شرق قرية قصرة بمحافظة نابلس (الجزيرة)

محمد محسن وتد-القدس المحتلة

يسابق المواطن الفلسطيني نظمي سلمان من بلدة ديراستيا قضاء سلفيت بالضفة الغربية المحتلة، أسوة بباقي الفلاحين؛ الزمن لتسجيل أراضيه بدوائر تسجيل الأراضي (الطابو) لتحصينها من شبح المصادرة لصالح المشروع الاستيطاني، عقب مصادقة الكنيست الإسرائيلي على قانون تبييض الاستيطان.

يعيش سلمان -الذي يمتلك عشرات الدونمات- هواجس التضييق والمصادرة والحرمان من التواصل مع أرضه في ظل التمدد الاستيطاني الذي يحاصر محافظة سلفيت، التي تضم 18 تجمعا سكنيا فلسطينيا أقيمت بينها 24 مستوطنة، بينما يهدد القانون الإسرائيلي الجديد أراضي بلدته التي سبق أن صادر الاحتلال منها نحو 13 ألف دونم (الدونم ألف متر مربع).

تشريع الاستيطان
لم تتوقف معركة الصراع على الأرض مع الاحتلال بمختلف محافظات الضفة الغربية، ولم يكن المشروع الاستيطاني مجمدا، لكن الجديد في قانون "تبييض المستوطنات" -بحسب المواطن سلمان- أنه يشرع البؤر الاستيطانية ويجيز مصادرة الأراضي الفلسطينية بملكية خاصة وتوظيفها للاستيطان؛ "مما يعني سلب وطمس الوجود الفلسطيني وتأسيس دولة المستوطنين".

ويعتقد سلمان بأن القانون الإسرائيلي يعني وأد عملية السلام، وهو يحول دون أي تسوية مستقبلية بموجب حل الدولتين، مع إطلاق الحكومة الإسرائيلية العنان للمستوطنين للتوغل على حساب الأرض الخاصة للفلسطينيين وأملاك الغائبين، ليمتد المشروع الاستيطاني حتى مشارف التجمعات السكنية الفلسطينية التي ستتحول إلى جزر محاصرة بالمستوطنين.

وما كان المواطن الفلسطيني يثق في القضاء الإسرائيلي لنصرته في صراعه على الأرض ضد المحتل والمستوطنين، بيد أن التشريع الجديد سيحول حتى دون التوجه للمحاكم الإسرائيلية وتقديم الطعون وإثبات ملكية الأراضي.

الأوامر العسكرية ووضع اليد على الأرض الفلسطينية الخاصة من وسائل الاحتلال لمصادرة الأراضي (الجزيرة)
الأوامر العسكرية ووضع اليد على الأرض الفلسطينية الخاصة من وسائل الاحتلال لمصادرة الأراضي (الجزيرة)

المقاومة الشعبية
وفي قرية مثل قرية قصرة الواقعة ضمن مناطق "ج" بمحافظة نابلس (شمال الضفة الغربية)، تكون السيطرة الكاملة فيها أمنيا وإداريا ومدنيا لإسرائيل، والصراع بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال والمستوطنين بهذه المناطق أضحى على مدار الساعة، ويتمثل في مصادرة الأرض والترحيل وتدمير المحاصيل الزراعية للفلسطينيين والإبعاد عن الأرض وحظر دخولها بذريعة أنها مغلقة لأغراض عسكرية.

ويرى رئيس المجلس القروي للبلدة عبد العظيم الوادي أن الحراك الشعبي ضرورة ملحة للحفاظ على الأرض، خاصة أنه سبق أن فشل مشروع التوسع الاستيطاني في عدة بلدات فلسطينية في نابلس، وأجبر الفلاحون الفلسطينيون المستوطنين المدججين بالسلاح على الخروج من أراضيهم، وواصلوا زراعتها رغم مضايقات جيش الاحتلال.

ودعا الوادي السلطة الفلسطينية إلى دعم صمود الريف الفلسطيني، الذي يواجه وحده الصراع مع المشاريع الاستيطانية ويتصدى للاحتلال في معركة الوجود، من خلال تمويل مشاريع التنمية والتطوير الزراعي وشق الطرقات لضمان تواصل الفلاح مع أرضه، وتسجيل الأرض بأسماء مالكيها، وفرض وقائع وحقائق فلسطينية على الأرض، لإفشال مخططات الاستيطان وتبديد أطماع الاحتلال.

شعار للمستوطنين على الأراضي يدعو لتصعيد المعركة من أجل وضع اليد على الأراضي الفلسطينية (الجزيرة)
شعار للمستوطنين على الأراضي يدعو لتصعيد المعركة من أجل وضع اليد على الأراضي الفلسطينية (الجزيرة)

حل الدولتين
على الجانب الآخر، يرى المحلل السياسي الإسرائيلي عكيفا الدار أن تشريع القانون أتى في سياق التنافس بين أحزاب اليمين على أصوات المستوطنين، لافتا إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لم يكن متحمسا للقانون، وهو يراهن على أن تقوم المحكمة العليا الإسرائيلية بشطبه ليتسنى له التحصن من أي ضغوط دولية، وتفادي تحريك دعاوى ضد إسرائيل بالمحكمة الجنائية الدولية.

وأوضح الدار أن القانون يهدف إلى تشريع 55 بؤرة استيطانية وأربعة آلاف وحدة سكنية قائمة على مساحة ثمانية آلاف دونم بملكية خاصة للفلسطينيين.

وشدد على ضرورة أن تتوجه السلطة الفلسطينية بدعوى قضائية ضد إسرائيل لتجريمها في المحافل الدولية وعدم الرهان على المحاكم الإسرائيلية، التي ستكون طوق نجاه لنتنياهو قبالة المجتمع الدولي لفرض وقائع على الأرض لطي ملف المفاوضات واستحالة حل الدولتين.

المصدر : الجزيرة