عصيان مدني بسيناء احتجاجا على عنف الأمن

خريطة شبه جزيرة سيناء الصورة إرشيفية سبق نشرها بالموقع

عبد الرحمن محمد-القاهرة 

في ظل تعتيم إعلامي ملحوظ، يدخل العصيان المدني الذي بدأه تجمع لقبائل في مدينة العريش شمال سيناء يومه الثاني. وتفيد مصادر محلية في المدينة بانخفاض عدد المترددين على الدوائر الحكومية، مقابل تزايد قوات الأمن والكمائن الأمنية في المدينة.

وكان تجمع القبائل المعروف باسم "اللجنة الشعبية للعريش" قد أعلن في بيان له منذ أيام، أن "أولى خطوات العصيان ستكون بالامتناع عن تسديد فواتير الكهرباء والمياه"، كما دعا لمؤتمر يمثل مدن شمال سيناء في 25 من الشهر الجاري، لبحث مزيد من الخطوات التصعيدية.

وتعد هذه الخطوة الأولى من نوعها، وتأتي احتجاجا على مقتل عشرة من أبناء سيناء برصاص الأمن المصري منتصف الشهر الماضي.

وبحسب مصادر محلية، فقد حاول النظام -من خلال أجهزة أمنية وسيادية ونواب في البرلمان- وأد هذا الإعلان وإجبار أصحابه على التراجع، إلا أن هذه المحاولات لم تفلح، فيما نشرت وسائل إعلام محلية مؤيدة للنظام تقارير تزعم فشل "العصيان المدني" وتجاهل أهالي العريش له.

‪يحيى عقيل: أتوقع أن يتعامل النظام بعنف شديد مع النشطاء في سيناء‬ (الجزيرة)
‪يحيى عقيل: أتوقع أن يتعامل النظام بعنف شديد مع النشطاء في سيناء‬ (الجزيرة)

تعامل عقلاني
وفي هذا السياق، يقول البرلماني السابق عن شمال سيناء يحيى عقيل، إن "ما دفع أهالي العريش إلى هذا الخيار هو ما يقاسونه من قهر وضغط أمني عنيف خارج إطار القانون".

مؤكدا أن دعاة العصيان المدني حريصون على "التعامل بعقلانية واحترام للأدوات الديمقراطية، وإيصال رسالة مفادها أنهم ليسوا ضد الدولة وحريصون على احترام الأطر القانونية".

وتوقع أن يتعامل النظام "بعنف شديد مع هذا المسار الذي سلكته العائلات في العريش، وأن تطال الاعتقالات الكثير من النشطاء خاصة من يتصدرون المشهد في العريش"، وأرجع ذلك إلى أن العقلية العسكرية قائمة على عدم التجاوب مع أي مساع لنيل الحقوق ولو بحدها الأدنى".

وحسبما ينقل عقيل عن أهالي العريش، فإن "الاحتقان غير المسبوق والغضب الشديد مما وصلت إليه الأحوال بسيناء، غيّر من أسلوب تفكيرهم وحواراتهم بعد أن كانوا يتجنبون تناول أي أمور تتعلق بالدولة والسياسة".

‪أحمد سليم: العصيان نقلة نوعية في إطار الحراك الشعبي‬ (الجزيرة)
‪أحمد سليم: العصيان نقلة نوعية في إطار الحراك الشعبي‬ (الجزيرة)

نقلة نوعية
من جهته يرى الباحث في شؤون سيناء أحمد سالم أن قرار العصيان المدني الذي اتخذه أهالي العريش "يمثل فرصة للدولة والنظام لتصحيح المسار، كون المطالب المعلنة عادلة وتهدف فقط لإجراء تحقيق مستقل وتقديم الجناة للعدالة وتبرئة أبنائهم".

وقال سالم إن "قرار العصيان نقلة نوعية في إطار الحراك الشعبي وإن لم يحظ بالاستجابة المطلوبة بسبب التفاف نواب بالبرلمان عليه، لكنه قرار له ما بعده، ومن المرجح أن تنضم له مدن أخرى في مراحل لاحقة"، كما توقع أن يتجاهله النظام في البداية ويصور من يقومون عليه بأنهم قلة مندسة.

أما الناشط السيناوي عيد المرزوقي فيؤكد أن أهالي سيناء "سيواصلون تصعيدهم السلمي المدني لمحاسبة قتلة أبنائهم والكشف عن مصير المخفيين قسريا والإفراج عنهم، بعد فقدان الأمل في تحقيق النظام الحالي للأمن والاستقرار وإنهاء الحرب التي وصلت عامها الرابع".

فجوة
ويضيف أن "هناك فجوة تتسع كل يوم وتضر بالأمن القومي المصري وبمستقبل سيناء في ظل السياسات العدائية ضد أهلها وسياسات النظام الحالي العامة القائمة على القمع وتكميم الأفواه".

في المقابل، قلل الخبير الإستراتيجي اللواء صادق عبد الواحد من "جدوى وتأثير" قرار العصيان المدني، معتبرا أنه "لا يعبر عن أهالي العريش الحقيقيين الذين يدعمون الحرب ضد الإرهاب".

واعتبر أن من أعلن هذا القرار "مجموعة من الشاردين ممن يغلب على الظن تمويلهم وتوجيههم من قبل جهات خارجية، ولا بد على قيادات عائلاتهم الأخذ على أيديهم، كما لا بد على الجهات الأمنية تجلية الحقائق وتبرير إجراءاتهم حتى لا يدعوا فرصة لهؤلاء المارقين".

المصدر : الجزيرة