اليمن.. ماذا بعد مقتل علي صالح؟

Yemen's former President Ali Abdullah Saleh addresses rally held to mark the 35th anniversary of the establishment of his General People's Congress party in Sanaa, Yemen August 24, 2017. REUTERS/Khaled Abdullah
أسئلة كبرى لا تزال معلقة بعد مقتل علي صالح على يد الحوثيين (رويترز)
محمد النجار

بعد مقتله على يد الحوثيين الذين كانوا آخر حلفائه قبل انقلابه عليهم، يطوي اليمنيون صفحة الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح الذي حكم بلدهم لأكثر من ثلاثة عقود، في وقت تبدو ملامح المرحلة المقبلة مجهولة بالنسبة لليمن الغارق في الحرب والأزمات الإنسانية.
صالح الذي لم تنجح ثورة اليمنيين عليه في عزله عام 2011، بل ساهمت دول التحالف التي تقلبت علاقاتها به في إنقاذ حياته مرتين، وإعلان الحرب عليه، وصولا للتحالف معه لأربعة أيام فقط، شكلت الفصل الأخير في مسيرة رجل لم تعرف ثلاثة أجيال من اليمنيين غيره رئيسا ومؤثرا أساسيا في حياتهم.
 
ومثل مقتل صالح نهاية لعهد الرئيس الذي حمل لقب "المخلوع"، وهو لقب بدا أنه غير واقعي بعد أن تم إبعاده عن السلطة عبر مبادرة خليجية، لكنه ظل اللاعب الأبرز في المشهد اليمني حتى مقتله.
 
وأسئلة مرحلة ما بعد صالح تحتاج لإجابات بشأن مصير اليمن الذي كان صالح أحد أبرز المتحكمين بمشهده سلما وحربا، ومصير الحرب المشتعلة فيه، التي تقلب صالح فيها من مقاتلة "تحالف العدوان" إلى التحالف مع هذا "العدوان".

المؤتمر وقوات صالح

والأسئلة تثار أيضا حول مصير القوات العسكرية التي كانت تدين بالولاء لصالح، والتي قاتلت إلى جانب الحوثيين ضد قوات الشرعية المتمثلة في الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، وهي قوات كبيرة، ومنها نحو 20 ألف جندي يحاصرون تعز حتى اليوم.
 
كما أن الأسئلة تشمل مصير حزب المؤتمر الشعبي العام الذي نجح صالح في إبقاء غالبيته ضمن دائرة المؤيدين له، والتي لا تعترف بشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، عوضا عن شبكة تحالفات صالح القبلّية، وشبكات المصالح التي مكنته من البقاء طرفا رئيسيا في اليمن رغم كل التقلبات التي عصفت به، ثورة ومحاولات اغتيال وحروبا منذ عام 2011 حتى اليوم.
محللون ومراقبون يمنيون اعتبروا أن نهاية صالح "الذي كان يجيد الرقص على رؤوس الأفاعي"، وعلى يد "واحدة من الأفاعي التي امتهن تربيتها"، وفقا لتعبير المحلل السياسي خالد الآنسي، يشكل أحد ملامح المرحلة المقبلة كونها تعلن سيطرة الحوثيين التامة على العاصمة اليمنية صنعاء.
 
وبرأي الآنسي فإن صالح "شكل العقبة الأهم أمام مستقبل اليمنيين"، وأن المعركة اليوم تبدأ مع جماعة الحوثي التي قال إن صالح كان يمثل خط الدفاع الأول عنها، لاسيما وأنها تنتمي للماضي ولا يمكن أن تكون جزءا من مستقبل اليمن.
 
ولفت إلى أن الكرة اليوم تعود مجددا إلى ملعب التحالف العربي، الذي قال إنه حاول إجهاض الثورة اليمنية أولا عبر شنه حربا كان يعلن فيها غير ما يفعل على الأرض، حيث إنه وبدلا من أن يدعم الجيش الوطني والمقاومة، كان يترك صالح وقواته والحوثيين تحاصرهم كما حدث في تعز.
 

صفعة للتحالف
الآنسي قال إن مقتل صالح "مثل صفعة للتحالف وخاصة الإمارات التي كانت تبحث عن إنقاذه"، وأن مقتله "أنهى مخطط تحويل صنعاء مسرحا لحرب المليشيات وهو السيناريو الذي كان يراد به دعم صالح لمقاتلة الحوثيين بدلا من دعم الجيش الوطني".

 
وقال "اليوم نحتاج لإستراتيجية جديدة من التحالف تدعم الشرعية والجيش الوطني فقط"، وتابع "إما أن تتعاطى السعودية مع اليمنيين وتقبل بنتيجة ثورتهم التي جاء بها الربيع العربي، وإما أن تختار أن يبسط الحوثيون سيطرتهم على اليمن، رغم صعوبة ذلك". 
 
وأضاف "إسقاط الانقلاب وهيمنة إيران على اليمن له طريق واحد وهو الاعتراف بالشرعية على الأرض ووقف التلاعب الذي يتم داخل التحالف".
 
أما أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء عبد الباقي شمسان فقال إن مقتل صالح "كان ضروريا لإنهاء المشروع العائلي تمهيدا لمقاتلة المشروع الإمامي، اللذين تحالفا ضد مستقبل اليمن".
 
بديل صالح
وبرأيه فإن المهم اليوم تعيين قائد جديد بديل لصالح، متوقعا أن تدفع الإمارات نجله أحمد للمحافظة على تماسك القوات الكبيرة التي تقاتل الشرعية على جبهات عدة وأهمها تعز.
 
شمسان قال إن المهم اليوم المحافظة على القوات التابعة لصالح وانحيازها للشرعية بدلا من انحيازها للحوثيين الذين قال إنهم نجحوا في التغلغل داخل الدولة خلال السنوات الماضية بعد أن اتبعوا الأساليب ذاتها التي استعملها صالح بشراء الولاءات ودفع المال للقيادات السياسية والعسكرية.
 
والخطر الأكبر على مستقبل اليمن اليوم -برأي شمسان- هو التمدد الحوثي، وقال "حركتهم مغلقة ولا علاقة لها بالمستقبل، وغالبية الشعب اليمني تقف ضدها، والمطلوب إستراتيجية من التحالف العربي لمواجهتها عبر دعم الشرعية واستعادة اليمن".

ضد "العدوان"
وأما الحوثيون الذين لم يخفوا شعورهم بـ"النصر" على وقع سيطرتهم على صنعاء والتخلص من صالح الذي سبق أن هددوا بقتله في مناسبات عدة بعد أن اتهموه بقتل قائدهم السابق حسين الحوثي، فإنهم اعتبروا أن "المعركة ضد العدوان ستستمر".

 
عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله الحوثية علي العماد قال إن المستقبل سيحمل استمرارا "للتحالف مع المؤتمر الشعبي والقوى التي تقاوم العدوان"، وإن القضاء على صالح "كان ضروريا" لإنهاء ما وصفها بـ"الفتنة" التي اشتركت فيها "مليشيات محدودة تحيط بصالح".
 
ويبدو أن قراءات المستقبل ستستمر لفترة نظرا لضخامة حدث مقتل علي صالح، لكن مصير اليمن الذي يرى كثير من اليمنيين أن صالح تلاعب به لعقود لا يزال غامضا، في ظل التعثر المستمر لخيارات التحالف العربي الذي تشكل لـ"إعادة الأمل" له، بيد أن أمل اليمنيين حاليا يبدو أنه انحصر في انتهاء الحرب التي وضعتهم على رأس أسوأ أزمة إنسانية في عالم اليوم.
المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع التواصل الاجتماعي