ابن زايد وإخوان اليمن.. تغير تكتيكي أم إستراتيجي؟

ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد خلال اجتماعخما بقيادة حزب الاصلاح اليمني (واس)
لقاء محمد بن سلمان ومحمد بن زايد بقيادة حزب الإصلاح حضرته قيادات أمنية رفيعة من السعودية والإمارات (وكالة الأنباء السعودية)
محمد النجار-الجزيرة نت
 
على نحو مفاجئ، أعلن في الرياض أمس الأربعاء عن لقاء جمع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، بقيادة حزب التجمع اليمني للإصلاح ممثل الإخوان المسلمين باليمن؛ ليدفع سؤالا كبيرا عما تغير في السياسة الإماراتية التي تشن حروبا معلنة على جماعات الإخوان في كل مكان.
 
وكان ولي عهد أبو ظبي قد وصل إلى الرياض مساء الأربعاء والتقى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، قبل أن ينتقل للقاء رئيس الهيئة العليا لحزب التجمع اليمني للإصلاح محمد بن عبد الله اليدومي، وأمين عام الحزب عبد الوهاب الآنسي، بوساطة الأمير محمد بن سلمان الذي سبق أن التقى قيادة الإصلاح في الرياض نهاية الشهر الماضي.
 
ومما يؤشر إلى أهمية اللقاء، استعجال الأميرين السعودي والإماراتي عقده أمس، حيث صرّح رئيس الدائرة الإعلامية في الحزب عدنان العديني لقناة بلقيس اليمنية أنه جرى الاتصال باليدومي وتأمين عودته من إسطنبول إلى الرياض بطائرة خاصة، حيث كان ضمن الوفد الذي يرأسه الرئيس عبد ربه منصور هادي للمشاركة في قمة التعاون الإسلامي من أجل القدس.
 

واهتمت وسائل الإعلام السعودية بإبراز اللقاء وبث صوره، وكان لافتا حضور قيادات أمنية بارزة فيه، فقد حضره رئيس الاستخبارات السعودية خالد الحميدان، ومن الجانب الإماراتي مستشار الأمن الوطني طحنون بن زايد، ونائب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن الوطني علي بن حماد الشامسي.

 

الإمارات والإصلاح

وهذا اللقاء هو الأول بين مسؤولين إماراتيين وقيادات من حزب الإصلاح اليمني، بعد أن شهدت علاقات الطرفين توترا واضحا على مدى السنوات الماضية، حيث اعتقلت السلطات الإماراتية قيادات وأعضاء في الحزب، وأصدرت بحق بعضهم أحكاما بالسجن.
 

وظهرت أوجه القطيعة الإماراتية بقوة من خلال رفض الإماراتيين أي لقاء بقيادة الإصلاح، وهو ما سعت لترتيبه من قبل شخصيات يمنية، كما رفضت التعاون مع العديد من قيادات المقاومة اليمنية وتشكيلاتها المحسوبة على حزب الإصلاح.

 

وعقب اللقاء، نقل موقع الصحوة الناطق باسم حزب الإصلاح عن اليدومي تأكيده أن اللقاء "كان مثمرا وإيجابيا وبناء، ويؤكد اهتمام وحرص الأشقاء في السعودية والإمارات على أمن واستقرار اليمن".

 
وقال إن "علاقة التجمع اليمني للإصلاح بالمملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة هي امتداد للعلاقة الاخوية بين الأشقاء في دول الخليج حكومات وشعوبا، وبين الجمهورية اليمنية بكافة مكوناتها السياسية والاجتماعية والشعبية".
 
من جهته صرّح العديني لقناة بلقيس اليمنية بأن لا مشكلة لحزب الإصلاح مع دولة الإمارات، نافيا وجود أي خلاف معها، ومؤكدا أن حزبه كان يشيد بشكل دائم بالدور الإماراتي في تحالف دعم الشرعية.
 

إستراتيجي أم تكتيكي؟
ورحبت شخصيات يمنية عدة باللقاء الإماراتي مع قيادة حزب الإصلاح، واعتبرت ألا مجال لتجاوز دور الإصلاح في المشهد اليمني، فيما أثار آخرون أسئلة عن لقاء ولي عهد أبو ظبي بقيادات إخوانية مع أن بلاده لطالما صنفت الإخوان جماعة إرهابية. 

 

غير أن مصادر يمنية مطلعة قالت إن اللقاء تم بوساطة من ولي العهد السعودي، وإن ولي عهد أبو ظبي ليس مقتنعا بأي دور لحزب الإصلاح في اليمن من منطلق رفضه التعامل مع أي طرف محسوب على جماعة الإخوان المسلمين.

 

لكن المصادر ذاتها استبعدت أن يكون التعاون السعودي الإماراتي مع الحزب "إستراتيجيا"، وإنما هو "تكتيكي". وقال مصدر مطلع للجزيرة نت إن "إستراتيجية الرياض وأبو ظبي كانت تقوم على إعادة إحياء دور الرئيس السابق علي عبد الله صالح، لكن قتل الحوثيين له شكل ضربة قوية لهذه الإستراتيجية".

 
وبيّن أن السعودية والإمارات لا تعولان على الشرعية اليمنية والرئيس عبد ربه منصور هادي، وأن هذا لم يتغير حتى الآن.
 

قوتان رئيسيتان
وبين المصدر أن مقتل صالح أدى إلى تفكك حزب المؤتمر الشعبي، وبالتالي فإن المشهد اليمني مشتت إلا من قوتين رئيسيتين: الأولى تنظيم شعبي ممتد في الشمال والجنوب ويمثله حزب الإصلاح، والثانية تنظيم مليشيوي تمثله جماعة الحوثي.

 
ويخلص المصدر إلى أن الإمارات تريد إحياء دور أحمد علي عبد الله صالح، وأنها ربما وافقت لحليفها السعودي على التعامل مع الإصلاح على قاعدة المصلحة التكتيكية لا الإستراتيجية، حتى تتمكن من تصعيد نجل صالح إذا ما وافق الإصلاحيون على التحالف معها في هذا الإطار.
لكن مصادر يمنية مطلعة أشارت إلى التأكيد الذي ورد في تصريحات قيادات الإصلاح بعد اللقاء، بأنها متمسكة بشرعية الرئيس هادي، وهو ربما يصطدم مع أي محاولات لتجاوز الشرعية.
 

المصادر ذاتها قالت إن حزب الإصلاح رفض تاريخيا أي مساعي لتوريث الحكم في اليمن، وأشارت إلى أن الرئيس السابق علي صالح حاول حث الإصلاح على الموافقة على توريث نجله قبل ثورة الشباب التي أطاحت به عام 2011، لكن الإصلاح رفض ذلك بشدة، وحصلت القطيعة بينه وبين صالح قبل الثورة عليه.
 
وإلى أن تتضح نتيجة اللقاء عمليا على الأرض، تؤكد مصادر متعددة أن أي مقاربة إماراتية سعودية للتعامل مع واقع حضور الإصلاح شعبيا وفي تشكيلات المقاومة، ربما يقتضي إعادة التعامل مع الشرعية لا تجاوزها، وإن كانت هذه المقاربة ستؤدي لإنتاج وضع جديد يسرع في إنهاء الحرب، أو يطيل أمدها أمام غياب إستراتيجية موحدة داخل المعسكر.
المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع إلكترونية + مواقع التواصل الاجتماعي