لماذا السباق على إعلان نهاية تنظيم الدولة؟

BA'AJ, IRAQ - JUNE 20: An Islamic State sign in the north-western Iraq town of Ba'aj, June 20, 2017, near the Iraq-Syria border. The Popular Mobilisation Front (PMF) forces, composed of majority Shi’ite militia, part of the Iraqi forces, have pushed Islamic State militants from the north-western Iraq border strip back into Syria. The PMF now hold the border, crucial to the fall of Islamic State in Mosul, blocking the Islamic State supply route for militants from Syria to Mosul. (Martyn Aim/Getty Images)
سباق عراقي روسي على إعلان انتهاء الحرب على تنظيم الدولة، وواشنطن تؤكد استمرارها (غيتي)
محمد النجار-الجزيرة نت

يخفي السباق على إعلان النصر على تنظيم الدولة أو التأكيد على استمرار الحرب ضده، أهدافا سياسية متضاربة بين أطراف حاربته منذ إعلانه قيام "دولة الخلافة" عام 2014، حتى انتهاء العمليات العسكرية ضده في العرق وسوريا مؤخرا.
يوم أمس الاثنين أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين -خلال زيارة خاطفة لقاعدة حميميم قرب مدينة اللاذقية السورية- البدء بسحب القوات الروسية من سوريا، بعد انتهاء الحرب على ما وصفه بـ"أخطر تنظيم إرهابي دولي".
 
وكانت هيئة الأركان العامة الروسية أعلنت الأسبوع الماضي تحرير كافة الأراضي السورية من تنظيم الدولة، ونقلت وكالة نوفوستي الروسية عنها انتهاء العمليات العسكرية ضد التنظيم.
 
وقبل بوتين، أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي -السبت الماضي- النصر على تنظيم الدولة، وقال إن "قواتنا سيطرت بشكل كامل على الحدود السورية العراقية، ومن هنا نعلن انتهاء الحرب ضد داعش".
احتفالات النصر
وبعد إعلان العبادي الذي تسلم السلطة في البلاد حين كان التنظيم على مشارف بغداد، أصدرت قيادة العمليات المشتركة العراقية بيانا أعلنت فيه تمكن القوات العراقية من "تحرير الجزيرة بين نينوى والأنبار بإسناد طيران الجيش"، وأنها باتت "تمسك الحدود الدولية العراقية السورية شمال الفرات من منطقة الرمانة حتى تل صفوك على طول 183 كيلومترا".
 
وتلا الإعلان احتفالات شهدتها مدن عراقية عدة، كما توجه آلاف العراقيين في مسيرة لمقر إقامة المرجع علي السيستاني في النجف، وشهدت بغداد الاثنين عرضا عسكريا احتفالا بالنصر على التنظيم.
 
وسبق هذين الإعلانين الرسميين إعلان أمين عام حزب الله اللبناني نهاية الشهر الماضي هزيمة تنظيم الدولة في سوريا بعد انتهاء معركة البوكمال، رغم تأكيده أن هزيمة التنظيم لا تعني نهايته.
 
في المقابل، فإن الولايات المتحدة شككت في نهاية الحرب على تنظيم الدولة، ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية أدريان رانكين غالواي، أن الإعلان الروسي "لن يغير الأولويات الأميركية في سوريا".

الحرب مستمرة

واعتبر أن إعلان الرئيس الروسي سحب قوات بلاده من سوريا "لا يعني عادة تقليصا فعليا لعدد عسكرييها، ولا يؤثر على أولويات الولايات المتحدة في سوريا".
 
وأضاف أن "التحالف الدولي سيستمر بالعمل في سوريا وتقديم الدعم للقوات المحلية ميدانيا".
 
وسبق لواشنطن أن شككت بانتهاء الحرب على تنظيم الدولة في العراق، وهو ما اعتبره مراقبون تعبيرا عن تضارب الأهداف السياسية في الأطراف التي تسابقت لإعلان انتهاء الحرب وتلك التي ترى أنها مستمرة.
ويرى مراقبون ومحللون أن أهدافا سياسية متضاربة تعبر عن مصالح كل طرف وراء إعلانه انتهاء أو استمرار الحرب على تنظيم الدولة.
 

انتخابات العراق
حيث قرأ محللون في إعلان العبادي ورعاية حكومته الاحتفالات التي عمت العراق، رسالة سياسية من الرجل الراغب في التأكيد على أن الظروف مواتية لعقد الانتخابات البرلمانية المقررة العام المقبل، بالرغم من سعي أطراف عراقية -وبدعم من الولايات المتحدة- لتأجيل هذه الانتخابات.

وتسعى أطراف سنية عراقية لتأجيل الانتخابات، حيث ترى أن استمرار وجود مئات الآلاف من المواطنين السنة خارج مدنهم وقراهم سيمنع مشاركتهم الفاعلة في الانتخابات القادمة، لكن العبادي وأطرافا سياسية شيعية ترى ألا مبرر لهذا التأجيل بعد انتهاء الحرب على تنظيم الدولة.
 
وفي الجبهة السورية، فإن هناك قراءات عدة لإعلان بوتين، أهمها رغبة روسيا في تسريع العملية السياسية، إذ يشير مراقبون هنا إلى زخم تحركات الرئيس الروسي الذي شارك هذه السنة في قمتين مع الرئيسين الإيراني والتركي، وزار بشكل متكرر عواصم مهمة في المنطقة، كما باتت بلاده اللاعب الرئيس في المشهد السوري.
 
وفي هذا الإطار، نقل موقع روسيا اليوم عن الناطق الصحفي باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف، قوله إن عملية إنقاذ سوريا انتهت، وإن أولوية بلاده اليوم هي إيجاد تسوية سياسة للأزمة هناك.
 

القوات الأميركية

في المقابل، فإن القراءة الأميركية -التي عبّر عنها الناطق باسم البنتاغون– تشير إلى أن روسيا تسعى من وراء إعلانها انتهاء الحرب على تنظيم الدولة إلى مطالبة بقية الأطراف -وخاصة الولايات المتحدة- بسحب قواتها من هناك.
 
وفي التصريح الأخير يبرز تفسير الموقف الأميركي الذي يرفض الإعلان عن انتهاء الحرب على التنظيم في سوريا والعراق، رغبة منه في استمرار بقاء قواته في البلدين.
 
وحتى في الموقف الذي أعلنه أمين عام حزب الله، فقد اعتبر مراقبون لبنانيون أن نصر الله أراد من وراء إعلانه توجيه رسائل لمن يهمه الأمر أنه يطبق مبدأ النأي بالنفس عمليا، وهو المبدأ الذي كان المبرر وراء أزمة استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري قبل انتهائها.
 
ووسط كل هذا الجدل، ينشغل مراقبون باعتبار أن السباق على إعلان انتهاء أو بقاء الحرب لا يلغي حقيقة أن التنظيم هُزم في العراق وسوريا، لكن قدرته على شن الهجمات من قبل عناصره أو المتعاطفين معه لم تتراجع في البلدين وبقية أنحاء العالم.
 
وفي هذا الإطار، يقول مدير مركز سياسة الأمن والدفاع الدولي بمؤسسة راند للأبحاث سيث جونز إن "تنظيم الدولة الإسلامية يتحول من منظمة تسيطر على مساحات كبيرة من الأراضي إلى جماعة إرهابية تشن هجمات على أهدافها".
 
ويضيف -في تقرير نشرته بي بي سي مؤخرا- أن التنظيم يحاول تشجيع الناس الذين يعتقدون أنه آخذ في التراجع على مواصلة القتال، ومن أجل إظهار ذلك، لا يزال موجودا ولا يزال يستهدف "الكفار".
المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع إلكترونية