أفول خلافة البغدادي.. من سيرث "الجهاديين"؟

هل قتل البغدادي في غارة روسية؟
أبو بكر البغدادي في الظهور الأول والأخير له عام 2014 عندما أعلن قيام دولة الخلافة من الموصل (الجزيرة)
محمد النجار-الجزيرة نت

لعل الحدث الأبرز الذي شهده عام 2017 كان إشهار نهاية "دولة الخلافة" بعد ثلاثة أعوام من إعلانها من قبل أبو بكر البغدادي، وعلى وقع "النصر" على التنظيم في سوريا والعراق، يبرز السؤال عن مستقبل "الجهاديين" بعد انتهاء واحدة من أكثر حركاتهم عنفا.
فقد أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قبل أيام انتصار بلاده على تنظيم الدولة، وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت خلو سوريا من التنظيم الذي حكم منذ يونيو/حزيران 2014 أجزاء واسعة من سوريا، ونحو ثلث أراضي العراق، وكان يسكن تحت رايته وقتذاك نحو سبعة ملايين نسمة.

وبين الإعلانين تسابقت مليشيات إيرانية وحزب الله اللبناني على إعلانات النصر على تنظيم الدولة، وكان ظهور قاسم سليماني في مناطق المعارك مع التنظيم، وأشهرها في دير الزور والبوكمال في سوريا، والموصل بالعراق، عوضا عن إعلانات قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من واشنطن؛ إيذانا بمرحلة جديدة من التنافس، وربما بين الشركاء في "الحرب على الإرهاب".

 
ولعل المعركتين الأبرز اللتين كرستا نهاية التنظيم كانتا في الموصل بالعراق، التي أعلن منها البغدادي الخلافة في ظهوره العلني الوحيد من جامع النوري، وفي الرقة بسوريا، التي كانت عاصمة دولة البغدادي، لتتوالى بينهما هزائم التنظيم على جانبي الحدود السورية والعراقية.
 

مرحلة التمكين
لكن باحثين ومراقبين لا يرون في نهاية "حلم الخلافة" سوى انتهاء "مرحلة التمكين" التي سعى لها تنظيم الدولة، وأن التجارب السابقة أثبتت قدرة التنظيمات الجهادية على إعادة إنتاج نفسها بعد كل انتكاسة تتعرض لها، مستفيدة من التقلبات السياسية والعسكرية والظروف الاجتماعية.

 
والسؤال الأبرز اليوم: هل انتهى تنظيم الدولة، أم انتهت مرحلة محاولة إقامة الدولة فقط؟ فضلا عن محاولة الإجابة عمن سيرث عشرات الآلاف من "الجهاديين"، الذين عاد الآلاف منهم لبلدانهم حول العالم، في حين لا يزال مصير الآلاف مجهولا، وهو ما يجعل الحكم بنهاية حقبة التنظيم سابقة لأوانها.
 
ولا بد من الإشارة هنا إلى تقرير أعده مركز صوفان للاستشارات الأمنية -ومقره نيويورك– في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ حلل مشكلة العائدين من "أرض الخلافة".
 
لافتا إلى أن من بين أربعين ألف أجنبي انضموا للتنظيم في العراق وسوريا من 110 دول، عاد 5600 منهم إلى 33 دولة حول العالم، حيث عاد 30% من أصل خمسة آلاف لدول الاتحاد الأوروبي، و10% أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عودتهم إلى روسيا ودول الاتحاد السوفياتي السابق، من أصل نحو تسعة آلاف هاجروا منها للقتال في صفوف التنظيم.
 
التقرير كشف عن أن مواطني خمس دول كانوا الأكثر مساهمة في صفوف التنظيم، وهي روسيا
(3417)، والسعودية (3244)، والأردن (3000)، وتونس (2926)، وفرنسا (1910).

ظروف النشأة
وفي تحليل مطول له نشره معهد واشنطن، قال الباحث المتخصص في شؤون التنظيمات الجهادية هارون زيلين إن قراءة ولادة التنظيم مهمة لمعرفة كيف استفاد من الظروف في السابق ليصل إلى "دولة الخلافة".

 
ويشير زيلين إلى أن التنظيم الذي تعرض لضربات على أيدي "جماعات الصحوة" في المناطق السنية في العراقية بعد عام 2006، لدرجة أن هناك من أعلن نهايته عام 2009 عندما كان اسمه "تنظيم الدولة في العراق".
 
ويلفت إلى كيفية استفادة التنظيم من الأوضاع في سوريا، وسيطرته على أجزاء واسعة قبل وبعد خلافه مع فرع تنظيم القاعدة هناك (جبهة النصرة)، حتى وصل به الأمر للسيطرة على المساحات الشاسعة ومنابع النفط وكميات كبيرة من الأسلحة بعد عام 2014.
 
ويحذر زيلين من أن الظروف التي سمحت بولادة التنظيم بعد الانتكاسات التي تعرض لها في العراق بعد عام 2009، خاصة اضطهاد العرب السنة، ربما تسهم في تهيئة الظروف لإعادة ولادته من جديد.
والملفت أن خبراء وتقارير متخصصة بدؤوا الحديث فعلا عن مستقبل ما بعد تنظيم الدولة، والإشارة هنا إلى أن التنظيم طوى إلى غير رجعة "مرحلة التمكين" التي بدأت بأفكار من ملهم التنظيم أبو مصعب الزرقاوي، وتحققت في دولة البغدادي التي عاشت ثلاثة أعوام فقط.

أنصار الفرقان

وفي تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية نُشر الشهر الماضي، توقع باحثون أن يرث حمزة نجل مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وجماعته "أنصار الفرقان" تنظيم الدولة وشتات تنظيم القاعدة.
 
والإشارة المهمة هنا، إلى أن هزيمة تنظيم الدولة في سوريا والعراق لا يلغي وجوده الذي لا زال مؤثرا في ساحات أخرى، أبرزها -وفقا لتقرير مركز صوفان- ليبيا وسيناء في مصر، وخراسان بأفغانستان، عوضا عن عمله لتمكين وجوده في جنوب شرق آسيا، وهي الخلاصة ذاتها التي وصل إليها هارون زيلين.
ووفق باحثين، فإن أبرز الأوجه المتوقعة لإعلان التنظيم أن دوره لم ينته، هو سعيه لتجميع صفوفه في الأراضي الرخوة، وداخل المجتمعات المهمشة في سوريا والعراق، والتمدد في الدول التي تشهد اضطرابات أمنية، إضافة إلى تنفيذ هجمات عبر "ذئابه المنفردة" في أنحاء العالم.
 
وبالرغم من تأكيد باحثين ومحللين أن التنظيم لم يعد "باقيا ويتمدد"، فإنهم يؤكدون أن الظروف السياسية والاقتصادية وحالة الإحباط التي ولدتها الحروب والثورات المضادة، وحالة الظلم التي تعيشها مجتمعات بأكملها؛ ستسمح بظهور هذه التنظيمات، وربما تكون بصورة أكثر عنفا من مرحلة خلافة البغدادي.  
المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع إلكترونية