هل حان وقت صرف الدعم المباشر لفقراء المغرب؟
سناء القويطي-الرباط
وكان المشروع الذي جاءت به حكومة عبد الاله بنكيران، يستهدف مليوني أسرة تستفيد من مساعدات مادية مباشرة تقدر بقرابة ألف درهم (106 دولارات) في الشهر للأسرة، لكن المشروع لقي معارضة وعرقلة من داخل التحالف الحكومي وخارجه بدعوى صعوبة تنفيذه.
ضرورة التعجيل
ويقول عبد اللطيف بروحو الاقتصادي والقيادي بحزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة إنه بعد فاجعة الصويرة صار من الضروري التعجيل بالإجراءات العملية لإخراج مشروع الدعم النقدي المباشر إلى النور، ويضيف بروحو في تصريح للجزيرة نت أنه رغم صعوبة تنفيذ المشروع فإنه ليس مستحيلا، مستشهدا بالتجربة الهندية والبرازيلية في هذا المجال.
ويرى الخبير في التنمية المحلية زهير الخيار أن صعوبات تنفيذ مشروع الدعم المباشر تتعلق أساسا "بالاستهداف وتحديد الفئات التي تستحق فعلا المساعدة"، ويرى الخيار في حديث للجزيرة نت أن إخراج مشروع قانون الدعم المباشر لن يكفل له النجاح إذا لم تصاحبه إجراءات قبلية، أهمها التشخيص الدقيق للحاجيات والفئات، ووضع معايير موضوعية في توزيع الدعم.
وكان وزير الداخلية المغربي عبد الواحد لفتيت أعلن منذ أيام بالبرلمان عن قرب إطلاق السجل الوطني للسكان والرقم الوطني الموحد، وستكون هذه الخطوة المتضمنة في مشروع موازنة 2018 مدخلا لتسجيل الأفراد والأسر في مختلف البرامج الاجتماعية من أجل ضمان فعالية الدعم المباشر لفائدة الطبقات الفقيرة والهشة.
والدعم المالي المباشر ليس إلا جزءا من البرامج والإجراءات الحكومية التي تستهدف الفقراء، الذين يبلغ عددهم حسب المندوبية السامية للتخطيط أربعة ملايين شخص، 2.8 مليون منهم يعانون من فقر متعدد الأبعاد، أي محرومون من الخدمات الأساسية من تعليم وصحة وماء وكهرباء وطرق ومعظمهم من ساكنة البوادي.
وتفيد إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط بأن نصف جهات المغرب (محافظات) تسجل معدلا للفقر المتعدد الأبعاد يتجاوز المتوسط الوطني البالغ 8.2%، وتأتي في الصدارة جهة بني ملال خنيفرة بنسبة 13.4%.
برامج اجتماعية
ورفع مشروع موازنة 2018 الذي أقره مجلس النواب منذ أيام من الاعتمادات المرصودة للقطاعات الاجتماعية لتبلغ 130 مليار درهم (قرابة 14 مليار دولار)، أي 50% من الموازنة العامة.
وتواصل الحكومة، وفقا لمشروع الموازنة، تنفيذ عدد من البرامج الاجتماعية منها صندوق التماسك الاجتماعي الذي بلغت ميزانيته تسعة مليارات درهم (958 مليون دولار)، ويساهم في تمويل النفقات المتعلقة بنظام المساعدة الطبية، وبدعم المعاقين وإدخال الأطفال للمدارس ومحاربة الهدر المدرسي والدعم المالي المباشر للأرامل، ثم برنامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وصندوق التكافل العائلي، والبرنامج الملكي لتقليص الفوارق الاجتماعية والترابية في البوادي.
وقد أطلق البرنامج الملكي الأخير في العام 2015 ومدته سبع سنوات بميزانية بلغت 50 مليار درهم (5.3 مليارات دولار) بهدف تحسين ظروف عيش ساكنة القرى والمناطق الجبلية.
سؤال الفعالية
وعلى الرغم من تنوّع البرامج الحكومية الموجهة للفئات الفقيرة، فإن حدوث فاجعة الصويرة يسائل السياسة الاجتماعية للدولة وفعالية البرامج التنموية، ويصف الاقتصادي المغربي عمر الكتاني هذه البرامج بكونها ظرفية وتنطلق من مقاربة خيرية وليست إنتاجية.
ويرى الكتاني في حديث للجزيرة نت أن تلك البرامج تسهم في إذكاء شعور واقعي بأن الدولة تحارب الفقر وتعالج المشاكل الاجتماعية، لكنها في الحقيقة ليست سوى عمليات إطفاء نيران غير مكتملة.
ويرجع عبد اللطيف بروحو محدودية المجهودات الحكومية في المجال الاجتماعي إلى غياب الانسجام والتكامل بين برامجها، مما يجعل الحاجة ماسة إلى إستراتيجية عامة ناظمة تربط بين السياسات الحكومية لضمان فعاليتها.
أما الخيار فيشير إلى أن الأزمة التي تعيشها السياسة الاجتماعية للحكومة في المغرب ليست أزمة موارد مالية وبرامج تنموية، بل أزمة تتعلق بالمقاربة والمنهجية المعتمدة في تنفيذ هذه البرامج، مما يؤدي إلى إهدار المليارات دون نتائج ملموسة.