المصالحة الفلسطينية.. أجواء صاخبة وتوقعات متواضعة

Egyptian intelligence chief Khaled Fawzi (C) walks with head of Hamas delegation Saleh Arouri and Fatah leader Azzam Ahmad as they sign a reconciliation deal in Cairo, Egypt, October 12, 2017. REUTERS/Amr Abdallah Dalsh TPX IMAGES OF THE DAY
المخابرات المصرية نزعت فتيل خلاف كاد أن يفجر الحوار دون أن تضغط على فتح لرفع العقوبات عن غزة (رويترز)
محمد النجار-الجزيرة نت

بعد 11 ساعة من جلسة الحوار الأولى التي عقدت بمقر المخابرات المصرية في القاهرة أمس الثلاثاء، كانت هناك مؤشرات على أن اختراقا لن يحصل في جولة المصالحة الحالية، بعد أن شهدت أجواء صاخبة وتبادل الاتهامات.
ومن المقرر أن يعلن في وقت لاحق اليوم الأربعاء البيان الختامي لجولة الحوار الفلسطيني الحالية، وتتحدث مصادر قريبة من الوفود المشاركة عن أن عدم الإعلان عن قرارات كبرى -في ملفات تعني الشارع الفلسطيني في قطاع غزة بالذات- ربما يعني عودة أجواء خيبة الأمل للسيطرة على هذا الشارع.
المعلومات المتسربة تشير إلى أن حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي طالبتا برفع العقوبات عن القطاع باعتباره مطلبا كان يجب أن يتحقق بعد استلام الحكومة مهامها فعليا في القطاع، وطالبتا مع وفد الجبهة الشعبية عن الابتعاد عن المتاجرة بمعاناة الشعب الفلسطيني لتحقيق مكاسب سياسية.
 
لكن وفد حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) برئاسة عزام الأحمد طالب بأن يقتصر الحوار على ملف تمكين الحكومة والأمن واعتبارهما أساس هذه الجولة، وسرد ما اعتبرها شواهد على أن حماس لم تمكن الحكومة في بعض الملفات، وهو ما رد عليه وفد حماس بسرد الخطوات التي اتخذت فعلا وتؤكد أن هناك تقدما كبيرا في هذا الملف.
 
وتمسكت حماس وفصائل أخرى بمناقشة كل الملفات في هذه الجولة، وهو ما سخن من الأجواء التي كادت أن تفجر الجولة بعد أن وصلت الأمور حد تبادل الاتهامات بعدم الجدية في المصالحة بين الوفود المشاركة.
 

رقابة مصرية

لكن المخابرات المصرية تدخلت في هذا الوقت، وأعلنت أنها ستنتقل على الأرض في قطاع غزة حتى تكون رقيبا على ملف تمكين الحكومة، وعدم بقائه رهينة التجاذبات والاتهامات بين فتح وحماس.
 
وكان المركز الفلسطيني للحوار الناطق باسم حركة حماس قد كشف عن أن مدير المخابرات الفلسطينية ماجد فرج كان قد طلب من رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار عندما التقاه قبل أيام أن يقتصر البحث في جولة القاهرة الحالية على ملف تمكين الحكومة والأمن فقط، وهو ما رفضه السنوار.
 
وبالرغم من تنظيم أجندة الحوار عبر اتفاق جميع الفصائل على أن مرجعية الحوار هي اتفاق 2011 في القاهرة، ووضع المخابرات المصرية الملفات الأخرى على الطاولة بغير رغبة وفد فتح، إلا أنها كانت واضحة في أنها لا تريد الخوض في ملف العقوبات الذي يبدو أن وفد فتح غير مخول بالبحث فيه، إلا إذا تغيرت المعطيات في ضوء جولة اليوم الأربعاء.
من جهته، قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس، وعضو وفدها في حوارات القاهرة، صلاح البردويل إن الفصائل أجمعت على أن اتفاقية 2011 هي مرجعية لكل الاتفاقيات، ولا يجوز التلاعب بها ولا شطبها ولا فتحها، ووصف ذلك بأنه "إنجاز كبير جدا".
 
وأضاف البردويل -في فيديو له نشره من القاهرة- أن المخابرات المصرية "أخذت على عاتقها أن تكون هناك رقابة مصرية على خطوات تطبيق المصالحة".
 
وأكد أنه تم وضع جداول ومواعيد لتطبيق ملفات 2011 كلها، على أن يتم استكمال اللقاءات اليوم الأربعاء، وإصدار البيان الختامي لجولة الحوار.
 

سقف التوقعات

المحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري المشارك في حوارات القاهرة مع عدد من الكتاب والمحللين كان قد كتب يوم أمس الثلاثاء عن سقف منخفض من التوقعات كنتيجة للحوار.
 

لكنه عاد اليوم الأربعاء ليكتب على حسابه على فيسبوك أن ما تحقق من نتائج في اليوم الأول رغم كل الصعوبات والخلافات الكبيرة "أفضل من التوقعات".
 

وبعيدا عن عودة الفصائل الفلسطينية لـ "كلاكيت" جولات المصالحة التي عرفها الفلسطينيون منذ 11 عاما، تبدو الأجواء في الشارع الفلسطيني -لا سيما في قطاع غزة- تعبر عن حالة التشاؤم الكبيرة بعيدا عن التصريحات الدبلوماسية للسياسيين.

 
فالاختبار الذي عاشه الفلسطينيون في معبر رفح الذي انتظروا افتتاحه بعد مئة يوم من الإغلاق المتواصل شكل صدمة، أكدت لكثير منهم أن الواقع بعيد جدا عن التفاؤل بنهاية معاناة أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع.
 

اختبار معبر رفح

فقد حفلت مواقع التواصل الفلسطينية بسرد القصص والصور التي اعتبروها تأكيدا على أن كل التفاؤل الذي ردده السياسيون لم ينعكس على واقع حال تحذر تقارير رسمية لـ الأمم المتحدة بأنه خطير وأن أزمة القطاع ستصل لذروتها خلال عامين سيتحول خلالها القطاع لمكان غير قابل للحياة.

 

والأجواء في الضفة ليست بعيدة، فهناك تصريحات أطلقها مسؤولون أمنيون عن استمرار التنسيق الأمني مع إسرائيل، وهجومهم على سلاح المقاومة، عوضا عن شكوى حماس الدائمة من استمرار أجهزة السلطة الفلسطينية باعتقال واستدعاء كوادرها.

 
وبعيدا عن الواقع الفلسطيني، تبدو المؤشرات على التدخلات العربية والإسرائيلية والأميركية، والشروط التي يتم ترديدها على أسماع المسؤولين الفلسطينيين، لا تبشر بأن هناك رغبة حقيقية لتحقيق مصالحة إلا إذا كانت وفق المقاس الإسرائيلي الذي يبدو أن عواصم عربية رئيسية تدعمه ولو في السر.
المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع إلكترونية + مواقع التواصل الاجتماعي