خبراء يحذرون من تداعيات التحولات في السعودية

مؤتمر ينظم في لندن عن الأزمة في السعودية
حضر المؤتمر عدد من السياسيين البارزين والخبراء والأكاديميين (الجزيرة)

الجزيرة نتلندن

حذر خبراء وأكاديميون في مؤتمر بلندن من التداعيات الداخلية والخارجية للتحولات التي تشهدها السعودية، مشيرين إلى إمكانية أن تفضي الأزمة السعودية الحالية إلى حالة عدم استقرار داخل المملكة ذاتها، فضلا عن إشعال حالة من عدم الاستقرار في المنطقة.

وحمّل المتحدثون في مؤتمر "الأزمة السعودية.. الحرب والخلافة والمستقبل" النظام السعودي المسؤولية الأولى عن الكارثة التي انتهى إليها اليمن، ودعوا السلطات السعودية إلى إيقاف "الحرب العبثية" في اليمن وفتح المنافذ الإنسانية.

فقد قال وزير الخارجية البريطاني السابق جاك سترو إن من حق اليمنيين واللبنانيين أن يقلقوا إزاء سياسات السعودية الحالية تجاه بلدانهم. كما انتقد التصعيدَ ضد إيران، معبرا عن اعتقاده بأن الاتفاق النووي أفضل طريق للحفاظ على أمن المنطقة، وإيقاف طموحات إيران النووية.

وفيما يتعلق بالتطورات التي تجري في السعودية والاعتقالات الأخيرة، اعتبر سترو أن محاربة الفساد أمر جيد، لكنه يحتاج قضاء مستقلا.

وخلال مقارنته بين القيادات السعودية السابقة التي عاصرها خلال فترة عمله وبين القيادة الحالية، أوضح سترو أن الحذر ميزة كانت تتسم بها الأولى، أما قيادة محمد بن سلمان فهي تنتهج سياسة مغامرة في العلاقة مع قطر أو لبنان.

وفي الموضوع اليمني، أكد المسؤول البريطاني السابق دعمه تجميدا نسبيا لصادرات السلاح البريطانية للسعودية جراء ما تقوم به في اليمن، وأكد رفضه للحصار الذي تفرضه السعودية والإمارات على اليمن.

المتحدثون في مؤتمر
المتحدثون في مؤتمر "لأزمة السعودية.. الحرب والخلافة والمستقبل" حمّلوا النظام السعودي المسؤولية الأولى عن الكارثة التي انتهى إليها اليمن (الجزيرة)

معارضة الديمقراطية
من جهتها قالت الأكاديمية والمعارضة السعودية مضاوي الرشيد إن سياسة السعودية وتدخلها في اليمن لا يمكن فهمهما إلا في إطار سعي المملكة لإحباط أي تحول ديمقراطي في المنطقة، على عكس ما تقوله الرياض بأنها تواجه النفوذ الإيراني. كما نفت أن يكون الصراع في اليمن طائفيا، فالحوثيون -بحسبها- هم أتباع المذهب الزيدي، بينما مذهب إيران مذهب الاثني عشرية.

وفي حديث للجزيرة نت قالت مضاوي إن ولي العهد السعودي جمع كل السلطات في يده، وبذلك ضمن صمت المجتمع وصمت الأمراء الذين أدخلهم السجون، مضيفة أن ما يجري في السعودية الآن يهدف إلى تجميع السلطة في يد شخص واحد.

وفيما يتعلق بنجاح ابن سلمان في الإطاحة بقائد الحرس الوطني الأمير متعب بن عبد الله رغم قيادته للحرس الوطني، وامتلاكه قوات عسكرية، قالت مضاوي إنه غير واضح كيف تم اعتقال أمير لديه قاعدة عسكرية واسعة، وأرجعت ذلك إلى كون ابن سلمان "يحظى بدعم من قوى خارجية لا نعرفها ولا نعرف تفاصيلها"، مشيرة إلى زيارة جاريد كوشنر -صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب- للسعودية قبيل هذه الاعتقالات.

كما شددت على أن ابن سلمان يلعب بالنار إن استكمل مسيرة التطبيع برفع علم إسرائيل في الرياض، مشيرة إلى "وجود علاقة متطورة أمنية وعسكرية واقتصادية بين إسرائيل والسعودية"، وتوقعت أن تنتهي سياسة ولي العهد إلى ضرب استقرار المنطقة بكاملها.

وفي محور آخر بحث حقيقة مساعي السعودية لمحاربة التطرف والإرهاب، أشار عدد من المتحدثين إلى أن السعودية تستعمل المصطلحين الأخيرين لتكميم الأفواه واعتقال المصلحين. وشكك المحاضر في معهد باريس للدراسات السياسية البروفيسور بيير كونيزا في مساعي السعودية في محاربة التطرف، موضحا أن بناء الدولة ومعتقداتها قائمة على أساس متشدد.

وقال كونيزا للجزيرة نت إن السعودية عاجزة عن محاربة التطرف فهي كانت معبرا للمقاتلين الأجانب باتجاه أفغانستان، كما أن خلفيات من التحقوا بتنظيم الدولة الإسلامية هي خلفيات سلفية تشابه الفكر الذي تتبناه المملكة، مشككا في ما تروجه السعودية من إصلاحات.

جاك سترو: من حق اليمنيين واللبنانيين أن يقلقوا إزاء سياسات السعودية الحالية تجاه بلدانهم(الجزيرة)
جاك سترو: من حق اليمنيين واللبنانيين أن يقلقوا إزاء سياسات السعودية الحالية تجاه بلدانهم(الجزيرة)

القرار المتهور
وكانت الأزمة اليمنية حاضرة بقوة في الأوراق البحثية وفي أسئلة المتدخلين، حيث حمّل معظم المتحدثين السعودية مسؤولية الكارثة التي حلت هناك والقرار المتهور الذي اتخذه ابن سلمان الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع وقتها.

وقال الأكاديمي اليمني الدكتور أحمد الدبعي إن أصل الأزمة في اليمن تتحملها السعودية التي عملت -خلال سعيها للقضاء على التحول الديمقراطي وحربها على الإخوان المسلمين- على دعم مليشيات الحوثي، ثم عندما سيطر الحوثيون على صنعاء شعرت الرياض بحجم الكارثة التي حلت والتهديد الذي بات على حدودها، خاصة مع اقتراب الحوثيين من عدن، "فشنت حربا دون أي رؤية ولا أي خطة ولا استئذان من الحكومة الشرعية".

في مقابل سياسة السعودية التي تفكك المعسكر السني، نهجت إيران -بحسب الدبعي- سياسة ذكية، حيث بإمكانها تجميع أي حزب أو مذهب قريب من الشيعة كالعلوية والزيدية وغيرهم.

وشدد على أن السعودية شعرت بالقلق من الربيع العربي واعتبرت أن الإخوان المسلمين هم من يقف وراءه، فلعبت لعبة غير محسوبة بمحاربة الإخوان بينما التقط الحوثيون الإشارات الإيرانية واستحوذوا على البلد.

المصدر : الجزيرة