بحاح.. فصل جديد في صراع هادي والإمارات

Yemen's Vice President and Prime Minister Khaled Bahah (2nd R) stand for the national anthem during a meeting with local officials after his arrival to the country's northern province of Marib November 22, 2015. REUTERS/Ali Owidha
بحاح (يمين) أقيل من منصب رئيس الوزراء قبل عام ونصف العام (رويترز)
سمير حسن-عدن
 
شكلت اتهامات رئيس الوزراء اليمني السابق خالد بحاح الأخيرة للحكومة اليمنية بالفساد والاختلاس فصلا جديدا من الصراع الذي نشأ في معسكر الشرعية منذ أن أزاح الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بحاح من منصبه.

ومنذ ذلك الحين بدأ بحاح توجيه انتقادات قاسية للحكومة الشرعية، وصولا إلى اتهامها بالفساد، وهو ما اعتبره مراقبون الفصل الأشد ضراوة في الصراع بين الطرفين منذ إقالة بحاح قبل عام ونصف العام.

ويعد رئيس الوزراء اليمني السابق الرجل الأبرز الذي تدعمه الإمارات، وتعمل بالتوازي على تثبيت جذوره في محافظة حضرموت مسقط رأسه منذ عودته إلى مدينة المكلا (عاصمة المحافظة) قادما من أبو ظبي على متن طائرة إماراتية خاصة في نهاية يونيو/حزيران الماضي.

مجلس عسكري
وكان بحاح اتهم الثلاثاء حكومة هادي بالفساد في قوائم جيش الشرعية، ونهب سبعمئة مليون دولار من نفط منطقة المسيلة في حضرموت خلال عام. وقال في تغريدات على تويتر إن حكومة هادي لا تزال تنهب النفط إضافة إلى سرقتها أربعمئة مليار ريال يمني، وأن ذلك موثق، حسب تعبيره.

وسريعا، ردت الحكومة اليمنية الشرعية، وقالت إن اتهامات رئيس الوزراء السابق للسلطات الشرعية "زائفة"، وفيها تزوير للوقائع، مشيرة إلى أنه أول المتهمين لأنه كان من المسؤولين عن المال العام أثناء ترؤسه للحكومة.

وفي فصل آخر من الصراع بين الجانبين، هدد بحاح بإعلان ما وصفه بالمجلس العسكري الجنوبي، وما سيترتب على ذلك من هروب لما تبقى من شرعية مهترئة، حسب قوله.

وجاءت تصريحات بحاح بعد إعلان رئيس الوزراء اليمني الحالي أحمد عبيد بن دغر اعتزام الحكومة وضع يدها على التشكيلات الأمنية والعسكرية، التي لا تخضع لسيطرتها في المدن المحررة، وإعادة تأسيسها على أساس وطني، وقال إن "بقاء هذه الوحدات على نمطها الحالي يشكل خطراً وعلينا إيقافه".

وأثارت هذه التصريحات جدلا واسعا في جنوب البلاد وردة فعل قوى جنوبية موالية للإمارات، رأت أن المقصود بهذه التشكيلات الأمنية والعسكرية هي قوات الحزام الأمني في عدن والنخبة الحضرمية في حضرموت والنخبة الشبوانية في محافظة شبوة؛ وكلها لا تخضع للسلطة الشرعية ومدعومة إماراتيا.

ووصف خالد بحاح تصريحات بن دغر بأنها "نزقة"، وقد تُسرع من تشكيل مجلس عسكري جنوبي، في حين ذهب هاني بن بريك نائب رئيس "المجلس الانتقالي الجنوبي" والمقيم حاليا في الإمارات إلى أبعد من ذلك، وهدد برفع السلاح مجددا في مواجهة خطوات الحكومة.

مشروع إماراتي
واعتبر ‏‏‏‏‏رئيس تحرير موقع المشهد الجنوبي الإخباري صالح منصر في حسابه على تويتر أن تغريدات بحاح بمثابة قرارات تمنح المجلس الانتقالي الجنوبي حقا وشرعية كاملة لإدارة الجنوب ووقف عبث الشرعية والحفاظ على الانتصارات التي تحققت بحسب وجهة نظره.

 شمسان تحدث عن عوامل نجاح المشروع الإماراتي بجنوب اليمن(الجزيرة)
 شمسان تحدث عن عوامل نجاح المشروع الإماراتي بجنوب اليمن(الجزيرة)

في المقابل، هاجم الناشط بشير الحارثي بحاح، وقال في تغريده نشرها على حسابه في فيسبوك إن الرجل فشل في تجربته لرئاسة الحكومة اليمنية، و"عاد اليوم يحاول إشاعة المناطقية والعنصرية عبر التهديد بقيام مجلس عسكري جنوبي واتهام الشرعية بالفساد".

ويفسر مراقبون تحركات بحاح في سياق المشروع الإماراتي المتمثل في تعزيز السيطرة وانفصال الجنوب.

وقال أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء عبد الباقي شمسان إن "هناك استهدافا تراكميا للسلطة الشرعية، وبصفة خاصة للرئيس عبد ربه منصور هادي الذي "يعد جسر المرور الآمن"، مضيفا أن إضعاف السلطة الشرعية في المناطق المحررة يحدث فراغا يملؤه المجلس الجنوبي من خلال عمليات إحلال تدريجي.

الخلفية الثأرية
ورأى في حديث للجزيرة نت أن من أهم عوامل نجاح المشروع الإماراتي هو الحفاظ على الشعور الجمعي بالحيف والإقصاء لأبناء المناطق الجنوبية.

ودلل الباحث على ذلك بما يعيشه المواطنون في المناطق الجنوبية من تردي الخدمات وما يحدث من الإيعاز بعدم توريد الأموال للبنك المركزي بحيث تغيب السلطة وتحضر الإمارات والسعودية ومعهما المرتبات والموارد والأسلحة.

‪التميمي: اتهامات بحاح صممت لضرب العلاقة بين الجنوبيين والدولة‬ (الجزيرة)
‪التميمي: اتهامات بحاح صممت لضرب العلاقة بين الجنوبيين والدولة‬ (الجزيرة)

وأضاف أن "توقف العمليات العسكرية منهجي حيث الحسم لصالح عودة الشرعية والدولة، والإمارات بحاجة لوقت لبناء جماعات عسكرية وأمنية موالية وداعية لمجلس إعلان الاستقلال بالجنوب".

بدوره، اعتبر الباحث السياسي ياسين التميمي أن تصريحات خالد بحاح حلقة من مسلسل استهداف الرئيس هادي، ونوع من المكايدة السياسية التي أتاحت للإمارات استغلال "الخلفية الثأرية" لدى بحاح في تقويض نفوذ الرئيس ومشروع الدولة الاتحادية الذي يسعى إلى تحقيقه باليمن.

وقال في حديث للجزيرة نت إن اتهامات بحاح قد صممت خصيصا لضرب العلاقة بين الجنوبيين والدولة الاتحادية عبر إثارة قضايا تستثير غضب الشارع الجنوبي اليائس والمطحون اقتصاديا، وجعله أكثر قبولا للترتيبات ذات الطابع الانفصالي التي تقوم بها الإمارات لتكريس نفوذها في المحافظات الجنوبية.

وأضاف أن تصريحات بحاح تأتي في إطار سعيه للبحث عن دور يبدو أنه بات أبعد من أي وقت مضى عن استعادته واستعادة الوفاق الذي تحقق حوله عام ٢٠١٤.

المصدر : الجزيرة