مستقبل اليمن واللاعبون الإقليميون في ندوة للجزيرة

صورة من ندوة : مستقبل اليمن واللاعبون الإقليميون
الندوة ناقشت الوضع الحالي والحلول المستقبلية للأزمة في اليمن (الجزيرة نت)

محمد طه البشير-الدوحة

بمشاركة عدد من الباحثين، نظم مركز الجزيرة للدراسات مساء أمس الثلاثاء ندوة بعنوان "مستقبل اليمن واللاعبون الإقليميون"، بحثت أسباب إطالة أمد الحرب، وتكلفتها الباهظة على اليمنيين ودول الخليج، وسبل حل هذه الأزمة.

ففي 26 مارس/آذار 2015 أعلن التحالف العربي بقيادة السعودية عن عاصفة الحزم بهدف إعادة السلطة الشرعية بعد الانقلاب الذي قام به الحوثيون وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، فهل حققت هذه العملية العسكرية أهدافها؟ وهل أعادت الشرعية أم أن النفوذ الحوثي تمدد في البلاد على حساب السلطة الشرعية لليمن؟

بحسب المحاضر في جامعة قطر الدكتور بكيل الزنداني فقد كانت عاصفة الحزم خطوة موفقة لكنها جاءت متأخرة وانطلقت بعد التمدد الحوثي واجتياحه للعديد من المناطق حتى وصوله إلى العاصمة، "لكن اليمن بعد عامين ونصف العام من انطلاق هذه العملية لا يزال في المربع الأول إن لم يكن أسوأ، وهناك تداعيات سياسية واقتصادية واجتماعية ألقت بظلالها على الشعب اليمني".

‪‬ بكيل الزنداني: سيطرة المليشيات وسياسة التقسيم تعقد أي حل مستقبلي للأزمة في اليمن(الجزيرة نت)
‪‬ بكيل الزنداني: سيطرة المليشيات وسياسة التقسيم تعقد أي حل مستقبلي للأزمة في اليمن(الجزيرة نت)

سياسيا، والحديث للزنداني، تم تحرير مناطق لكن تديرها مؤسسات سياسية هشة لا تستطيع القيام بدورها الحقيقي، أما على الجانب الاقتصادي فإن 85% من الشعب اليمني تحت خط الفقر وهناك ثلاثة ملايين نازح، وتفتك الكوليرا بمئات الآلاف من اليمنيين، فضلا عن تدمير البنية التحتية لليمن.

وأما على الجانب الأمني فقد "أنتجت العملية العسكرية مليشيات هي التي تتحكم حاليا في العديد من المناطق، وتقسيما سعت إليه الإمارات، مما يعزز الفرقة ويعقد أي حل مستقبلي للأزمة اليمنية"، كما يرى الزنداني.

مجابهة إيران
كما طرحت الندوة أيضا أسئلة بخصوص وقف التمدد الإيراني باعتباره واحدا من الأهداف الرئيسية لعاصفة الحزم، فما الذي تحقق في هذا الجانب بعد عامين ونصف العام من بداية العملية؟

يرى أستاذ الدراسات الشرق الأوسطية في جامعة طهران الدكتور حسن أحمديان أن شن الحرب لمواجهة التمدد الإيراني هو رواية تبريرية، وأن "جماعة أنصار الله" (الحوثيين) دخلت الحرب من منطلقات داخلية بحتة.

‪‬ حسن أحمديان: شن الحرب لمواجهة التمدد الإيراني رواية تبريرية(الجزيرة نت)
‪‬ حسن أحمديان: شن الحرب لمواجهة التمدد الإيراني رواية تبريرية(الجزيرة نت)

وفي المقابل يرى الباحث المختص في الشؤون الإستراتيجية عبد الله الغيلاني أن المشروع الإيراني موجود في المنطقة وله روافع في الخليج ويمثل الحوثيون أحد هذه الروافع، "لكن إيران لم تصنع الحدث في اليمن، وإنما استثمرت الأحداث لتحقيق بعض الأهداف"، وفي رأيه فإن دور دول الخليج في الأزمة أكبر من الدور الإيراني.

ووفق الغيلاني فإن التداعيات التي تحدث في اليمن ما هي إلا تداعيات طبيعية للمقاربات الخليجية إزاء اليمن، فالدول الخليجية تدخلت في اليمن من أجل حماية أمنها القومي، لكنها قادت عملية عسكرية "من غير رؤية سياسية"، من وجهة نظره.

ويستشهد بأن عملية عاصفة الحزم دامت فقط لأسابيع عدة أعلنت بعدها قيادة التحالف عملية "إعادة الأمل"، مما يضع علامات استفهام بأن العملية لم تحقق أهدافها، فهي وإن نجحت في إعادة السيطرة على بعض المناطق فإن الهدف المركزي لم يتحقق وهو السيطرة على العاصمة.

ما يحدث في اليمن الآن، بحسب الغيلاني، هو إعادة تشكيل لواقع ومشهد سياسي جديد، والذي يقود قاطرة العمل السياسي والأمني هو اللاعب الإقليمي والدولي في ظل غياب للمشروع الوطني.

‪‬ عبد الله الغيلاني: ما يحدث في اليمن الآن هو إعادة تشكيل واقع سياسي جديد(الجزيرة نت)
‪‬ عبد الله الغيلاني: ما يحدث في اليمن الآن هو إعادة تشكيل واقع سياسي جديد(الجزيرة نت)

وبدوره، يعتقد الإعلامي القطري جابر الحرمي أن القرار اليمني اليوم بعد عامين ونصف العام من عاصفة الحزم ليس قرارا يمنيا وإنما بيد لاعبين آخرين، مضيفا أن "من يتصدر المشهد الآن في اليمن هي السعودية بينما الإمارات تسعى لتعزيز سيطرتها وتنشئ سجونا باليمن وكأنها قوة احتلال".

وفيما يتعلق بالدور الخليجي في الأزمة، لفت الحرمي إلى أن قطر كانت لها رؤية مختلفة في المبادرة الخليجية وقدمت مشروعات لإعادة الإعمار وتأهيل المستشفيات كما أكدت دائما على دعم الوحدة اليمنية.

مشروع وطني
ما هو الحل إذن؟ وهل يمكن قراءة التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير بأنها تراجع عن الحل العسكري واعتماد للحل السياسي؟ وما توصيف الخلاف الذي نشب مؤخرا بين الحوثيين وصالح على فرص الحل وتأثيره؟ وهل يمكن أن تضغط إيران على الحوثيين للوصول إلى حل؟

من وجهة نظر الغيلاني يكمن الحل في أن تعيد الدول الخليجية النظر مرة أخرى تجاه اليمن ودعم استقراره، أما اليمنيون فيجب عليهم بلورة مشروع ذاتي مستقل عن التجاذبات.

‪‬ جابر الحرمي: الحل يكمن في مفاوضات تقود الوساطة فيها سلطنة عمان(الجزيرة نت)
‪‬ جابر الحرمي: الحل يكمن في مفاوضات تقود الوساطة فيها سلطنة عمان(الجزيرة نت)

أما عند جابر الحرمي فإن الجلوس إلى طاولة مفاوضات بوساطة تقوم بها سلطنة عمان يمكن أن يعيد اليمن إلى المشهد، وهو أمر يوافقه فيه الزنداني الذي يرى أن الوضع الحالي لا يخدم إلا الإمارات "وحتى يخرج اليمنيون من هذا النفق يجب أن يتوصلوا إلى اتفاق سياسي يشارك فيه الجميع".

تصريحات الجبير يمكن أن يفهم منها رغبة في الحل السياسي، كما رأى مشاركون في الندوة، ولكن ما الذي يدفع الحوثيين للتنازل عن مغانم السلطة؟ وما الذي يدفع إيران للضغط على الحوثيين؟ يتساءل الغيلاني، والحل من وجهة نظره هو أن ينجح التحالف العربي في تعديل ميزان القوى لمصلحته، و"من السذاجة الحديث عن مفاوضات".

وحتى تضغط إيران على الحوثيين للقبول بمفاوضات، يجب أن يكون هناك دافع، وفق حسن أحمديان، "فكيف لطرف أن يدخل هذا الحجم من القوة والتدمير لفرض واقع سياسي معين، ثم يطالب إيران بالضغط لتغيير هذا الواقع؟".

لكنّ موقفا استجد على الساحة يمكن أن يغير المعادلة وهو الخلاف بين الحوثيين وصالح، بيد أن الزنداني يرى أن التحالف بينهما آني وتفرضه الضرورة وليس إستراتيجيا والهدف منه هو الانتقام من قوى الثورة، ويمكن أن تكون تداعياته مؤجلة.

المصدر : الجزيرة