تقنين القنوات الخاصة بالجزائر.. أي ثمن؟
عبد الحميد بن محمد-الجزائر
وجاء القرار بعد ست سنوات من فراغ قانوني تعايشت معه عشرات القنوات بإنتاج برامجها في الجزائر كمكاتب لقنوات أجنبية والبث من دول كـالأردن ولندن والبحرين.
وجاء السماح بإنشاء تلك القنوات في أوج ثورات الربيع العربي ومسارعة الحكومة إلى إطلاق الحريات والسماح بهوامش إضافية لحرية التعبير دون أن يصاحب ذلك إصدار قوانين تنظم القطاع السمعي البصري، ما جعله يغرق في الفوضى أمام غياب الإطار التشريعي.
وبموجب هذا القرار الذي نشر بالجريدة الرسمية للبلاد، يمكن الترشح لفتح قنوات تلفزيونية موضوعاتية بمعنى أن تنشط هذه القنوات في مجالات معينة بينها الثقافة والشباب وفن الطبخ والاكتشافات والمسلسلات والترفيه والرياضة.
وبرأي أستاذ الإعلام بجامعة الجزائر عبد الرحمن عمار، فإن القرار لن يضيف شيئا يذكر "لأنه لا يعكس تطلعات المشاهدين ولا من له النية في إنشاء قناة تلفزيونية"، مضيفا للجزيرة نت أن "البث التلفزيوني الموضوعاتي سيكبل الجميع ولن يترك مساحة للتعبير الحر والجاد والمتنوع".
قنوات موضوعاتية
وباعتقاده فإن القنوات الموضوعاتية مقيدة للإبداع ولاستخدام جميع الأنواع الصحفية وفي كامل القطاعات.
ويشير عبد الرحمن إلى رغبة العديد من ملاك القنوات في الحصول على تراخيص البث من داخل الجزائر يقابلها "الفراغ الرهيب الذي ستشهده الشبكات البرامجية في ظل تقييد المواضيع الخاضعة بالضرورة لدفتر الشروط".
ويردف بالقول إن "هذه التراخيص محدودة العدد ستمنح لأصحاب المال بحجة التوافق مع المقتضيات التقنية المطروحة في كراس الشروط".
حالة الانغلاق
من جانبه، يؤكد ممثل المبادرة الوطنية من أجل كرامة الصحفي رياض بوخدشة أن القرار "استمرار لحالة الانغلاق التي عشناها منذ الاستقلال".
ويضيف للجزيرة نت أنه "بقدر رفضنا لظهور قنوات خارج القانون، نرفض وضع تحديد عدد القنوات دون شروط ومقاييس معلومة".
واعتبر أن السلطة لا تزال مع الأسف تخشى الإعلام في زمن الانفجار الهائل للمعلومات، موجها النصح للسلطات "بوضع شروط وقوانين يشارك في إعدادها كل الفاعلين في المجال الإعلامي وستفرز المنافسة من يستحق الاستمرار في هذا النوع من الإعلام من عدمه".
خطوة إيجابية
أما أستاذ العلوم السياسية سليم حمادي فيصف القرار بالخطوة الإيجابية "لأنها ستوفر ظاهريا مواطن شغل"، معتبرا في حديثه للجزيرة نت أن هذه القنوات لن تخرج عن عباءة السلطة "ولو بنسب متفاوتة في مجال حرية التعبير".
ويشير حمادي إلى توقيت القرار الحكومي الذي يسبق استحقاقات سياسية مقبلة "ما يجعل الترويج للانتخابات وتوجيه القناة المعتمدة الجديدة حسب بوصلة السلطة أحد الشروط الضمنية".
وحسب رأيه، فإن مرحلة التقشف التي أقرتها الحكومة وانعكاساتها الاجتماعية تجعل السلطة بحاجة إلى ترسانة إعلامية تؤدي دور الضابط للرأي العام وتوجيهه بما يخدم المرحلة المقبلة.