تفجير مقديشو.. دلالات المكان والزمان

بعض السكان المصدومين بهول التفجير الذي استهدف منطقة كيلو5 بمقديشو ،15 أكتوبر/أيلول 2017).
الهجوم استهدف منطقة مكتظة وخلف 281 قتيلا (الجزيرة نت)

قاسم أحمد سهل-مقديشو

ما يزال تفجير مقديشو الأخير يسيطر على المشهد السياسي والأمني في الصومال بالنظر إلى حصيلته الدموية الكبيرة، حيث خلف 281 قتيلا وأكثر من 400 جريح، بينما لا يزال كثيرون في عداد المفقودين.

وإلى جانب هذه القوة التدميرية الهائلة، يحمل الهجوم دلالات جديدة من حيث موقعه وتوقيته، ولا يمكن فصله عن تطورات سبقته وأثرت على مجمل الأوضاع في الصومال.

من حيث المكان، يعبّر الهجوم الأخير عن نهج جديد حيث لم يستهدف القوات الحكومية، وإنما استهدف منطقة مدنية مكتظة بالمارة وبالسيارات والمحلات التجارية.

وترى الحكومة أن نجاعة الإجراءات الأمنية التي تقوم بها قوات الأمن أفشلت مخططات لشن هجمات عديدة على مواقع في العاصمة على مدى الأشهر الثلاثة الماضية.

وقال وزير الإعلام الصومالي عبد الرحمن عمر عثمان إن التحقيق جار لمعرفة سبب الخرق الأمني الذي "استغله العدو لشن هذا الهجوم".

واعتبر عثمان أن القوة التدميرية للهجوم التفجيري والموقع الذي استهدفه يدلان على تكتيك جديد "تبنته حركة الشباب بهدف التنكيل بالشعب، بعد إقفال كل المنافذ المفترض استغلالها لاستهداف مواقع حيوية في العاصمة".

وشدد على أن الحكومة لا تشك في قيام حركة الشباب بهذا الهجوم الوحشي الذي حصد أرواح المئآت من المدنيين الأبرياء، قائلا "ما نحقق فيه هو الملابسات المحيطة بالهجوم".

تحرير المناطق
ويعتبر عثمان ما حدث درسا قد يساعدهم في البحث عن كل الوسائل الممكنة الوقائية والتدابير اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الهجمات.

وأوضح أن التدابير المقبلة ينبغي أن تتجاوز الإجراءات الأمنية في مقديشو وعمليات التفتيش الروتينية إلى تحرير المناطق التي لا تزال في أيدي حركة الشباب "وتنطلق منها لتنفيذ هجماتها التفجيرية القاتلة".

ويقول الإعلامي محمد عثمان سوداني إن الهجوم كان متوقعا بعد إعلان وزارة الأمن أن التدابير المتبعة في الأشهر الثلاثة الماضية آتت أكلها وأدت إلى تقليص التفجيرات في العاصمة بشكل كبير.

وأضاف سوداني في حديث للجزيرة نت أن هذا الإنجاز شكل تحديا لحركة الشباب التي فكرت في إثبات قدرتها على اختراق تلك التدابير وتنفيذ هجمات جديدة وهو ما قامت به، على حد قوله.

وأرجع عدم تبني الحركة للهجوم إلى أنه أخطأ هدفه، إضافة إلى فداحة الخسائر البشرية والمادية الناجمة عنه التي أثارت موجة غضب واستياء في أوساط الشعب بكل شرائحه.

حشد الرأي
ويرى سوداني أن الحكومة الصومالية هي المستفيدة من الهجوم الدامي سياسيا لتوظيفه في إطار حشد الرأي العام الداخلي والخارجي لصالحها، بهدف زيادة الضغط على حركة الشباب والعمل على إنهاء وجودها في المناطق المتبقية في أيديها بوسط وجنوب البلاد.

وأما من حيث الزمان، فإن الهجوم التفجيري العنيف جاء بعد عدة أحداث طرأت على المشهد الصومالي، بينها تأزم العلاقة بين الحكومة المركزية وإدارات الأقاليم واستقالة وزير الدفاع وقائد القوات المسلحة  لأسباب غير معروفة.

كما يأتي الهجوم بعد تدشين قاعدة تركية لتدريب الجيش الصومالي في مقديشو، وربما كانت هي المستهدفة أصلا وفق الكاتب والمحلل السياسي أنور ميو.

ويرى ميو أن الوضع الأمني في العاصمة شهد تحسنا ملحوظا في الفترة الأخيرة، غير أنه تأثر على ما يبدو بالانقسام الداخلي والخلافات السياسية التي لاقت استياء شعبيا كبيرا.

ويضيف أن بصمات حركة الشباب كانت واضحة في الهجوم الذي وحّد الفرقاء لمواجهتها، "وإن كان هذا قد لا يستمر لوقت طويل".

المصدر : الجزيرة