مد رئاسة السيسي.. إفلاس سياسي أم رغبة شعبية؟

بالمائة فقط يؤيدون استمرار السيسي في منصبه وفق دراسة أجريت الشهر الماضي.
%11 فقط يؤيدون استمرار السيسي في منصبه وفق دراسة أجريت الشهر الماضي (الجزيرة)

دعاء عبد اللطيف-القاهرة

يبدو أن تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية خلال عامين من حكم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ليس كفيلا بإقناع مؤسسات النظام ومؤيديه بفشل الرجل في حكم البلاد، فانطلقت مؤخرا دعوات لمد فترة ولايته لثماني سنوات بدلا من أربع وهي المحددة دستوريا، فضلا عن تأييد ترشحه لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وانطلقت حملة تستهدف جمع أربعين مليون توقيع لمد الفترة الرئاسية للسيسي لثماني سنوات، واستطاعت الوصول إلى 120 ألف توقيع حتى الآن، وفق تأكيد منسق الحملة ياسر التركي في بيان أصدره الأحد، من دون أن يحدد المدة المستغرقة في جمع هذه التوقيعات.

وأشار التركي إلى تشكيل مجلس إدارة للحملة من أجل التنسيق بين مندوبي الحملة في المحافظات والذين يتولون جمع التوقيعات، وضخها لمركز التجمع.

وقبل أيام قال رئيس حزب الوفد السيد البدوي في تصريح صحفي إن أربع سنوات غير كافية على الإطلاق لأي رئيس لانتشال مصر مما تعانيه، مؤيدا ترشح السيسي لفترة رئاسية ثانية. وأردف "صوتي سيكون له".

وكان السيسي قد صرح في مارس/آذار الماضي بأن قرار ترشحه لفترة رئاسية ثانية يخضع لأمر الله ثم إرادة الشعب.

ويشبه جمع ملايين التوقيعات لبقاء السيسي في منصبه حملة تمرد التي استهدفت قبل ثلاث سنوات جمع ملايين التوقيعات للإطاحة بالرئيس محمد مرسي، مما مهد لانقلاب عسكري في الثالث من يوليو/تموز 2013، الأمر الذي يثير تساؤلات بشأن الجهات التي تقف وراء الحملة الجديدة ومدى قدرتها على تحقيق هدفها.

‪شبح لجان الاقتراع الخاوية خلال الانتخابات الرئاسية الماضية يؤرق النظام‬ (الجزيرة)
‪شبح لجان الاقتراع الخاوية خلال الانتخابات الرئاسية الماضية يؤرق النظام‬ (الجزيرة)

تراجع شعبيته
وحسب آخر دراسة ميدانية أجراها المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام "تكامل مصر" في يوليو/تموز ٢٠١٦، فإن ٧٤٪ من المصريين يرفضون استمرار نظام السيسي مقابل ١١٪ فقط يريدون استمراره، بينما ١٥٪ ليس لديهم اهتمام بما يحدث، وترتفع نسبة الرفض في الفئات العمرية أقل من أربعين عاما لتصل إلى ٨١٪، وتتقارب نسب رفض استمرار النظام عند الذكور والإناث.

واعتبر مدير مركز تكامل مصر مصطفى خضري -في حديثه للجزيرة نت- دعوات تأييد بقاء السيسي لولاية جديدة إفلاسا سياسيا وأداة لإدارة انهيار شعبية الرجل بعد فشل عدة مشروعات تبناها ووصفها بالقومية.

وقال إن "شبح الانتخابات الرئاسية في ٢٠١٤ -التي ظهر فيها زيف لجان الاقتراع الخاوية- ما زال يؤرق النظام".

من جهته، اعتبر الصحفي أحمد القاعود "جمع توقيعات لتأييد السيسي دليلا على نية قائد الانقلاب العسكري خوض الانتخابات الرئاسية القادمة الذي سيصحبه ظهور حركات وحملات تبدو شعبية، لكنها من صنع أجهزة الأمن تماما كحركة تمرد التي صدروها للمشهد للانقلاب على الرئيس مرسي".

ورجح القاعود في حديثه للجزيرة نت أن تكون التوقيعات التي أعلن عن جمعها مزورة، مشيرا إلى أن أغلبية المصريين باتوا ضد السيسي بسبب الظروف الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد.

‪حشمت: الدعم الشعبي للنظام اختفى‬ (الجزيرة)
‪حشمت: الدعم الشعبي للنظام اختفى‬ (الجزيرة)

غياب الدعم الشعبي
أما رئيس البرلمان المصري بالخارج جمال حشمت فلا يرى في حملة جمع التوقيعات تكرارا لحملة تمرد، موضحا أن الأخيرة وجدت قبل ثلاث سنوات في مناخ يتسم بالحرية.

وتابع "رغم الحرية التي اتسمت بها المرحلة التي ظهرت فيها تمرد فإن القائمين على الحملة زوروا أعداد مؤيدي الإطاحة بمرسي، أما الآن فالقمع يكمم أفواه الجميع".

وأوضح حشمت في حديثه للجزيرة نت أن النظام يحاول البقاء في الحكم عبر ادعاء الدعم الشعبي الذي اختفى في جميع الاستحقاقات الانتخابية التي أجريت بعد الانقلاب العسكري.

واعتبر رئيس البرلمان المصري بالخارج موقف رئيس حزب الوفد المؤيد لولاية ثانية للسيسي أمرا طبيعيا، وأردف "النظام الحالي قتل واعتقال خصوم الوفد وغيره من المعارضة، وهذه المعارضة ستستمر في تأييد السيسي طالما بقي وجودها في ظل حكومات انقلابية دموية".

ومن الناحية القانونية فإن المادة 140 من دستور 2014 الذي جاء بعد الانقلاب العسكري حددت مدة الحكم بأربع سنوات، وفق توضيح وزير العدل الأسبق المستشار أحمد سليمان، مشيرا إلى عدم جواز تعديل هذه المادة إلا بطلب من رئيس الدولة أو خمسة نواب برلمانيين ثم يناقشه المجلس التشريعي شريطة أن يوافق على التعديل ثلثا أعضاء المجلس أي 396 عضوا ثم يطرح للاستفتاء العام خلال ثلاثين يوما من الموافقة على التعديل.

وأضاف للجزيرة نت أن الحملة الأخيرة ليس لها أي قيمة قانونية، وهي معدة لإيهام الناس وخداعهم فقط كحملة تمرد التي أعلنت عن الحصول على توقيعات ملايين المصريين وبعد الانقلاب اعترفت بأن الأرقام التي أعلنت غير صحيحة.

المصدر : الجزيرة