معضمية الشام.. عندما ينتقم النظام بدم بارد

معبر المعضمية
معبر معضمية الشام (ناشطون-أرشيف)

 محمود الجزائري-ريف دمشق

فرض النظام السوري شروطا على وفد يمثل أهالي معضمية الشام في ريف دمشق لتسليم المدينة للنظام مقابل إخراج مقاتلي المعارضة نحو ريف إدلب، وهي شروط رأى أهل المدينة أنها تمثل انتقاما منهم لكنها أفضل من التدمير الكامل.

ويوم أمس الثلاثاء، اجتمعت لجنة المفاوضات المشكلة من أهالي معضمية الشام -بطلب من النظام- بالعميد غسان بلال مدير مكتب ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري بشار الأسد، في مقر الفرقة الرابعة المجاورة للمدينة.

وتلقت اللجنة خلال اجتماعها خطابا مفعما بالتهديد والوعيد، وفرض العميد شروطا على وفد المدينة تقضي بتسليم كامل السلاح الثقيل والمتوسط والخفيف وحتى الفردي منه، بالإضافة إلى تسوية أوضاع جميع المقاتلين والمنشقين والمتخلفين عن الخدمة العسكرية.

وتقضي الشروط بتسوية أوضاع المنشقين ليشكلوا كتيبة تابعة للنظام تحمل اسم "الشرطة الداخلية" بقيادة مشتركة من أهالي المدينة وقوات النظام، أما المتخلفون عن الخدمة العسكرية فسيلتحقون بمراكز جيش النظام، بينما يتم التحقيق مع المطلوبين، ومن هو في سن الاحتياط يتم تجنيده، والباقون يعودون لحياتهم في المدينة.

‪مدينة معضمية الشام بريف دمشق في بداية الثورة‬ (الجزيرة-أرشيف)
‪مدينة معضمية الشام بريف دمشق في بداية الثورة‬ (الجزيرة-أرشيف)

شروط وخطوات
وتتبع هذه الخطوات دخول قوات النظام مؤسسات الدولة وإعادة تفعيلها بشكل كامل، وحلّ المؤسسات الثورية وعلى رأسها المجلس المحلي، كما يتم إعداد قائمة بأسماء الرافضين للتسوية ليرحلوا إلى محافظة إدلب شمال سوريا.

وفي حال رفض أهالي المعضمية هذا العرض، فإن النظام يهدد ويتوعد بأنه سيفتح للمرة الأخيرة معبر معضمية الشام للراغبين بالخروج من المدينة لتفرغ من أهلها، ويتخذ قرارا عسكريا روسيا سوريا يقضي باجتياح المدينة وإبادة من بداخلها بشكل كامل.

وقال عضو لجنة مفاوضات المعضمية علي خليفة –للجزيرة نت– إنه "ليس بالإمكان أفضل مما كان، هذا ما يمكن أن يلخص نتائج اجتماعنا مع النظام بحضور الطرف الروسي، حيث خيّرنا بين  التسوية الشاملة أو تدمير المدينة بشكل كامل".

وأضاف خليفة أنه تمّ التوافق على تسليم السلاح وتسوية الأوضاع، ومن لا يريد ذلك فعليه المغادرة مع سلاحه الفردي إلى إدلب أو حلب.

وسيبدأ العمل بالتسوية بعد ثلاثة أيام، وذلك ريثما يتم إجلاء من تبقى من أهالي داريا المحاصرين في المدينة إلى مراكز الإيواء في مناطق سيطرة النظام.

‪أهالي معضمية الشام يتخوفون من مصير مشابه لداريا‬ (الجزيرة-أرشيف)
‪أهالي معضمية الشام يتخوفون من مصير مشابه لداريا‬ (الجزيرة-أرشيف)

ترحيل بالإجبار
من جهته، يقول الناشط داني قباني من داخل المعضمية -في حديث للجزيرة نت– إن "التغيير الديمغرافي يسير على قدم و ساق؛ وبالرغم من عدم الحديث عن إخراج جميع سكان المدينة، فقد تعودنا على هذا النظام بانتقامه وسياساته الممنهجة".

وتابع: ربما يقوم النظام بعد أسابيع أو أشهر من الإخلاء بالتضييق على من تبقى من أهل المدينة من خلال الممارسات ذاتها التي كان يتبعها أيام المظاهرات، ليجبرهم على الرحيل طوعا".

وكانت معضمية الشام قد عقدت هدنة مع قوات النظام بعد عام من الحصار، تخللتها فترات رفع فيها الحصار جزئيا، وسمح للموظفين وطلاب المدارس بالخروج من المدينة والدخول إليها، وبعد فترة وجيزة عاد الحصار لحاله الأولى، حيث مُنع عن المدينة دخول كميات كبيرة من المواد الغذائية.

يذكر أن الأمم المتحدة أدخلت مساعدات إنسانية إلى المدينة، ولم يكن لها التأثير الكبير لقلتها والنقص الشديد في المواد الغذائية، مما تسبب في وفاة أكثر من ثلاثين شخصا، بينهم أطفال رضع، جراء نقص الغذاء والدواء وحليب الأطفال خلال الأعوام الأربعة الماضية.

وبقيت المدينة على حالها بين حصار ومفاوضات إلى أن شاهدت مصير جارتها داريا، وأصبحت في المواجهة مع قوات النظام.

المصدر : الجزيرة