إسرائيلية ترفض الخدمة العسكرية في جيش الاحتلال

تئيير كامينر الإسرائيلية التي رفضت التجنيد في الجيش
تئيير كامينر حصلت على إعفاء من الخدمة العسكرية بعد أن قضت 155 يوما في السجن العسكري لرفضها التجنيد (الجزيرة نت)

إلياس كرام-تل أبيب

لم يكن قرار تئيير كامينر برفض الخدمة العسكرية في جيش الاحتلال الإسرائيلي وليد اللحظة, بل بدأ يتبلور في قرارة نفسها منذ نعومة أظفارها.

تروي كامينر حكايتها قائلة "كنت طفلة في التاسعة عندما شاركت مع عائلتي في مظاهرة للتضامن مع الفلسطينيين بإحدى القرى القريبة من رام الله حيث قمع الجيش الإسرائيلي المظاهرة بالغاز المدمع وأصبت"، مضيفة أن هذه التجربة زرعت لديها البذور الأولى لرفض الاحتلال.

وتشير إلى أنها تعلمت في المدرسة أن" الجيش الإسرائيلي هو جيش أخلاقي يدافع عنا, وأنه بفضله لدينا دولة, لكن هذا الجيش فرق مسيرة من أجل السلام بالقوة, وغيّر كل مفاهيمي".

قبل أيام حصلت كامينر -ابنة العشرين عاما- على إعفاء من الخدمة العسكرية في جيش الاحتلال بعد أن قضت 155 يوما في السجن العسكري لرفضها التجنيد في صفوفه، مؤكدة أنها رفضت الخدمة بدواع إنسانية ومبدئية ولرفضها الاحتلال ولرغبتها في النضال من أجل السلام والأمن والمساواة.

‪‬ ليس منطقيا بالنسبة لكامينر أن تخدم في جيش يتحكم بحياة الفلسطينيين ويهين كرامتهم على الحواجز(الجزيرة نت)
‪‬ ليس منطقيا بالنسبة لكامينر أن تخدم في جيش يتحكم بحياة الفلسطينيين ويهين كرامتهم على الحواجز(الجزيرة نت)

وقفت عائلة كامينر -وهي من الإسرائيليين التقدميين الداعين للسلام- إلى جانب ابنتهم في نضالها, ولم يكن هذا موقفا فريدا من نوعه بالنسبة لهذه العائلة, فقد سبق أن رفض عمها نوعم كامينر الاشتراك في العدوان على لبنان مطلع ثمانينيات القرن الماضي وسجن على أثر ذلك لمدة شهرين.

كما حذا ابنه متنان كامينر حذوه, فرفض الخدمة العسكرية في الانتفاضة الفلسطينية الثانية وسجن لعامين.

تقول تئيير كامينر إنه "خلال مرحلة الدراسة الثانوية يأتي ممثلون عن الجيش ويشرحون لنا أنه لا علاقة بين الخدمة العسكرية ومواقفنا وتطلعاتنا السياسية, أصدقائي كلهم يساريون ويعارضون الاحتلال ومنهم من يخدم في وحدات قتالية, لأن الجيش يربينا على هذا المبدأ، لكن من ناحيتي كان الرفض قاطعا".

تربية على الكذب
كان رفض الخدمة العسكرية قاطعا بالنسبة لكامينر، فقد كان بإمكانها أن تتجند لوحدات غير قتالية -كما تقول- أو في وحدات لا تشعر فيها بالانتهاكات التي يمارسها جيش الاحتلال بحق الفلسطينيين، لكنها رفضت أن تكون جزءا من مؤسسة الجيش، وشعرت برغبة في الرفض "وفي مواجهة كل الكذب الذي يربوننا عليه بأنه لا علاقة بين الخدمة العسكرية ومواقفنا السياسية المناهضة للاحتلال والداعية للعمل من أجل السلام" كما توضح كامينر.

وتؤكد أنه ليس منطقيا بالنسبة لها أن تخدم في جيش يحتل الضفة الغربية ويتحكم بحياة الفلسطينيين ويهين كرامتهم على الحواجز، ويفرض الحصار على غزة، ومع ذلك يزعم أن الحروب التي يشنها فرضت عليه وأنها مبررة، كما أنه لا يمكنها أن تكون جزءا من جيش يحمي المستوطنات التي تحظى بالدعم المادي وتنعم بجهاز تعليمي وصحي، وعلى بعد أمتار تحرم بلدة فلسطينية من كل هذه الحقوق. 

كامينر تقول إن الجيش يحمي المستوطنات التي تحظى بكافة الحقوق وبجوارها تحرم بلدة فلسطينية من تلك الحقوق (الجزيرة نت)
كامينر تقول إن الجيش يحمي المستوطنات التي تحظى بكافة الحقوق وبجوارها تحرم بلدة فلسطينية من تلك الحقوق (الجزيرة نت)

لست خائنة
لم يكن قرار كامينر سهلا في مجتمع يقدس جيشه ويرى فيه جيشا أخلاقيا يدافع عن أمن إسرائيل ووجودها, فقد تعرضت لأقذع الشتائم والانتقادات عبر مواقع التواصل الاجتماعي, لكنها لم تحد قيد أنملة عن موقفها المبدئي، مشددة على أنها ليست خائنة لدولتها ولا لشعبها كما يصفها الكثيرون، أو أنها ضد أمن الدولة، وموضحة أن "هؤلاء يعتقدون أنهم هم فقط من يجب أن يحظوا بالأمن, لكني على عكس ذلك أعمل من أجل السلام والأمن للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء".

وتؤكد كامينر أن كثيرا من الإسرائيليين أضحوا يرفضون الخدمة العسكرية لأسباب مبدئية وإنسانية، لكنها تقول إن الجيش يدفعهم إلى الكذب لأنه لا يريد لهذه الظاهرة أن تتسع, فيلجأ بعضهم إلى التسريح من الجيش بادعاء المرض أو عدم القدرة الجسدية أو الوضع النفسي, مع أن هذا غير صحيح, كما تقول.

وتفيد بأنه ليست هناك إحصائية رسمية بشأن أعداد هؤلاء الرافضين, كما أن كثيرين منهم ليس بمقدورهم أن يقبعوا في السجن وأن يدفعوا حريتهم ثمنا لموقفهم هذا.

اليوم ورغم أن كامنير أضحت حرة طليقة، فإن ذلك لا يعني أن نضالها ضد الاحتلال وموبقاته قد انتهى, فهي تؤكد أنها ستواصل التظاهر إلى جانب الفلسطينيين، وأنها ستقف في وجه الجيش طالما استمر في احتلاله وقمعه للفلسطينيين, لكنها تشير إلى أن النضال الحقيقي يجب أن يكون ضد سياسة الحكومة لأن الجنود مأمورون وليسوا مخيرين.

المصدر : الجزيرة