علماء الجزائر يحذرون من تغريب التعليم باسم الإصلاح

صورة من أحد أقسام في مدرسة جزائرية
جانب من أحد الأقسام في مدرسة جزائرية (الجزيرة)
عبد الحميد بن محمد-الجزائر

طالبت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بتشكيل هيئة مستقلة تضم خبراء تكون واسطة بين مؤسسات الدولة من أجل مراجعة إصلاحات المنظومة التربوية.

وشددت على ضرورة أن يكون دور هذه الهيئة المستقلة الحفاظ على قيم الإسلام وترقية اللغة العربية في المناهج الدراسية وعدم المساس بهما.

كما دعت جمعية العلماء إلى إلغاء ما يسمى الجيل الثاني من الإصلاح الذي تنفذه وزيرة التربية الحالية نورية بن غبريت.

ويسود الجدل في الجزائر منذ فترة بسبب ما بات يعرف بالجيل الثاني من الإصلاحات التي لا تزال طي الكتمان، حيث لم يتم الكشف عن مضامين الكتب المدرسية الجديدة التي يتم طبعها في سرية قبل توزيعها مع انطلاق العام الدراسي الجديد. 

ماجوري: إصلاح التعليم يتعلق بمنظومة قيم تربوية ينبغي أن تسود (الجزيرة)
ماجوري: إصلاح التعليم يتعلق بمنظومة قيم تربوية ينبغي أن تسود (الجزيرة)

غموض الإصلاحات
ويعبر بعض خبراء التربية والتعليم عن مخاوفهم من أن يستهدف الجيل الثاني مقومات الشخصية الجزائرية من دين ولغة وانتماء، خاصة أن الوزيرة الحالية تستعين بخبراء فرنسيين.

ويقول عضو المكتب الوطني بجمعية العلماء المسلمين ورئيس تحرير صحيفة البصائر التهامي ماجوري إن الجيل الثاني من إصلاحات المنظومة التربوية لم يبدأ مع وزيرة التربية الحالية نورية بن غبريت، بل بدأ مع اللجنة التي شكلها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مباشرة عقب وصوله إلى الحكم عام 1999، وأسند رئاستها إلى الدكتور علي بن زاغو.

ويعتقد ماجوري في حديث للجزيرة نت أن لجنة بن زاغو أهملت الخصوصية الجزائرية في إصلاح المدرسة، "وهو مشروع خاضع برمته لمعطيات العولمة، وهدفه إخراج مواطن لا لون ولا طعم ولا رائحة له"، وفق وصفه.

ويدعو التهامي باسم جمعية العلماء المسلمين الجزائريين إلى ضرورة أن تنتهج الحكومة الشفافية والوضوح في موضوع الإصلاح التربوي، مطالبا بالاعتماد على خبراء محايدين غير مؤدلجين، ووفق احتياجات البلاد.

كما يرى أن إصلاح المنظومة التربوية ليست قضية الوزيرة الحالية نورية بن غبريت أو أشخاص، "وإنما القضية تتعلق بمنظومة قيم تربوية ينبغي أن تسود وألا تعالج في الظلام".

‪فضيل: المدرسة الآن أمام إصلاحات‬ (الجزيرة)
‪فضيل: المدرسة الآن أمام إصلاحات‬ (الجزيرة)

خطأ وخطر
في المقابل، يركز المدير المركزي السابق بوزارة التربية الدكتور عبد القادر فضيل على المصطلحات التي يرى أن استخدامها خاطئ "لأن المدرسة الآن هي أمام إصلاحات الجيل الرابع وليس الثاني".

ويرى أن الجيل الأول هو المدرسة الموروثة عن الاستعمار، والجيل الثاني يتعلق بالمدرسة الأساسية عام 1976، والجيل الثالث هو ما أقرته لجنة بن زاغو التي شكلها الرئيس بوتفليقة في عهد وزير التربية السابق أبو بكر بن بوزيد.

ويرى فضيل أن الغاية من بناء الإصلاح على الجيل الأول هو القول إن المدرسة ليست لديها مناهج وأجيال قبل هذا اليوم، "وهذا أمر خاطئ وخطير".

كما يعرب عن خشيته من أن تكون مضامين الإصلاح تتنافي والهوية الجزائرية، مضيفا أن الخبراء الفرنسيين الذين جرى التعاون معهم "لا يريدون تعزيز الفرنسية كلغة وإنما كثقافة وحضارة".

ويبدي فضيل استغرابه كون لجنة المناهج التي تتولى التجديد حاليا هي نفسها من وضعت المناهج السابقة (الجيل الأول) مع وزير التربية السابق أبو بكر بن بوزيد.

‪خدوسي دعا للتريث لحين الكشف‬ (الجزيرة)
‪خدوسي دعا للتريث لحين الكشف‬ (الجزيرة)

صراع أيديولوجي
من جهته، يدعو الكاتب والعضو السابق في لجنة إصلاح المنظومة التربوية رابح خدوسي إلى التريث إلى حين الكشف عن مضمون ما يسمى الجيل الثاني من الإصلاحات قبل الحكم عليه، ويعتقد بأن ما يعرف بإصلاحات لجنة بن زاغو "لا تزال عذراء ولم تمس بعد".

وكان الصراع الأيديولوجي داخل لجنة بن زاغو أدى إلى صدور تقريرين متناقضين: أحدهما قدمه رئيسها ومن يواليه ممن يوصفون بالتغريبيين، والثاني قدمه أعضاء آخرون ممن يوصفون بالمدافعين عن الهوية.

ويرى رابح خدوسي أن التيار التغريبي سعى عقب استقلال الجزائر إلى مسح كل جهود جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عبر إلغاء المدارس الحرة خلال مرحلة الاحتلال الفرنسي والتعليم الأصلي وجهود المدرسين الذي جاؤوا إلى الجزائر وأسهموا إلى حد كبير في النهوض بالتعليم.

المصدر : الجزيرة