بوتين يتوسط بين أرمينيا وأذربيجان

الصور المرفقة للقاءات الرؤوساء مأخوذة من موقع الكرملين الخاص بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين لذلك وجب التنويه.
بوتين عقد لقاء ثلاثيا مع رئيس أرمينيا سيرج سارغيسيان وأذربيجان إلهام علييف (الجزيرة)

زاور شوج-موسكو

اتفق رؤساء روسيا وأرمينيا وأذربيجان على إعلان ثلاثي، أكدوا فيه التزامهم بتطبيع الوضع على خط التماس، وأعلنوا موافقتهم على زيادة مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا الذين يعملون في منطقة النزاع، وأعربوا عن التزامهم بتهيئة ظروف المفاوضات لتحقيق تقدم ضمن التسوية السياسية للصراع.

وصدر الإعلان عقب القمة الثلاثية حول النزاع في إقليم ناغورنو كراباخ التي جمعت رؤساء روسيا فلاديمير بوتين وأرمينيا سيرج سارغيسيان وأذربيجان إلهام علييف التي عقدت خلف أبواب مغلقة.

قمة سبقتها مباحثات منفصلة أجراها الرئيس الروسي على حدة مع الرئيسين الأذري والأرميني، وأظهرت مجددا اتساع هوة الخلاف بين الطرفين المتنازعين.

وبينما أعرب الرئيس الأرميني أثناء لقائه بنظيره الروسي عن تمسك أرمينيا بالحل السلمي للنزاع في كارباخ, اعتبر الرئيس الأذري إلهام علييف الوضع الراهن أمرا غير مقبول.

وقال علييف خلال لقائه بالرئيس الروسي "لتغيير الوضع الراهن تجب إعادة الأراضي الأذربيجانية التي تقع منذ أكثر من عشرين عاما تحت الاحتلال الأرميني".

وأكد أنه يريد التوصل إلى تسوية نوعية للأزمة وليس تكرار القمم الماضية، وقال "مخطئ من يعتقد أننا سنجري مفاوضات غير مجدية لعشرين سنة أخرى".

جندي أرميني قرب الحدود مع إقليم ناغورنو كراباخ (رويترز)
جندي أرميني قرب الحدود مع إقليم ناغورنو كراباخ (رويترز)

وانعقدت قمة بطرسبورغ بعد التصعيد العسكري الأخير بين أرمينيا وأذربيجان الذي أسفر عن سقوط مئات القتلى والجرحى من الطرفين. وجاءت في أجواء مشحونة رافقتها اتهامات متبادلة بين يريفان وباكو حول خرق وقف إطلاق النار.

كما تزامنت مع إطلاق أذربيجان مناورات عسكرية ضخمة بالذخيرة الحية قرب خط وقف إطلاق النار في إقليم ناغورنو كراباخ يشارك فيها 25 ألف جندي.

وتبدو قمة بطرسبورغ محاولة جديدة من موسكو للعب دور محوري في حل النزاع حول إقليم ناغورنو كاراباخ بين الجمهوريتين السوفياتيتين السابقتين, أرمينيا الحليف الاستراتيجي والعسكري, وأذربيجان الشريك الاقتصادي لروسيا في منطقة جنوب القوقاز. 

واعتبر الخبير في مركز كارنيغي ألكسي مالاشينكو أن "روسيا تسعى لاحتواء الأزمة وعدم تطورها إلى حرب مفتوحة".

وقال مالاشينكو للجزيرة نت إنه وفي حال تدهور الأوضاع ستكون روسيا أكبر الخاسرين, لأنها لن تستطيع البقاء على الحياد وستفقد مصداقيتها وسيط سلام, كما أن توتير الأوضاع في منطقة جنوب القوقاز الحيوية بالنسبة إلى موسكو لا يخدم مصالح روسيا.

صاروخ ينطلق من أحد المواقع التابعة للقوات الأذرية (أسوشيتد برس)
صاروخ ينطلق من أحد المواقع التابعة للقوات الأذرية (أسوشيتد برس)

وتحاول موسكو حسبما تسرب من أروقة القمة الدفع نحو تحقيق تقدم في محور يبدو الأسهل في هذه الأزمة. حيث جرى بحث مقترح سحب القوات الأرمينية من الأراضي الأذربيجانية التي تسيطر عليها خارج إقليم ناغورنو كاراباخ.

هذا الانسحاب قد يرضي إلى حد ما تطلعات الأذريين ويخفف من حدة استيائهم, إلا أنه يشكل للأرمن تهديدا كبيرا ما لم تقدم ضمانات بحماية الحدود الأرمينية، بما في ذلك إقليم كاراباخ الخاضع لسيطرة الأرمن.  

ويصنف نزاع ناغورنو كاراباخ بين النزاعات الأكثر تعقيدا التي تتداخل فيها مصالح قوى دولية وإقليمية في منطقة جنوب القوقاز الاستراتيجية.

ويرى ألكسي مالاشينكو أن هذا النزاع يصنف ضمن بعض النزاعات المنتشرة في العالم التي لا حل لها ويمكن أن تبقى مجمدة لفترة طويلة، وقال "لا أتخيل أن يأتي رئيس لأذربيجان يقبل باستقلال كراباخ عن السيادة الأذرية. وكذلك لا أتخيل أن يأتي رئيس لأرمينيا مستعد للتخلي عن استقلال كراباخ. إنها أسطوانة مشروخة لا تتوقف عن الغناء".

undefined

وأظهرت قمة بطرسبرغ مجددا أنه من الصعب تحقيق تقدم سريع والتوصل إلى حلول وسط بين أرمينيا وأذربيجان حول الإقليم المتنازع عليه.

ولم يكن منتظرا من هذه القمة أن تحدث اختراقا نوعيا في حل الأزمة بطرق سلمية، لكن استمرار التوتر في كاراباخ وانزلاق المنطقة باتجاه حرب مفتوحة لم يُبقِ للرئيس الروسي مجالا لترك هذا الملف مغلقا في الدرج إلى أجل بعيد، فاندلاع حرب مفتوحة سيعقد من مهمة موسكو في البقاء على مسافة واحدة من طرفي النزاع.
 
مصلحة روسيا تتمثل اليوم في تجميد هذا النزاع إلى أمد غير مسمى وعدم الاضطرار إلى الاختيار بين أرمينيا واذربيجان الذي قد تكون له تداعيات سلبية على الجميع.

المصدر : الجزيرة