الوضع الإنساني في الفلوجة تحت الحصار والقصف

قوات مكافحة الإرهاب تصل مشارف الفلوجة
قوات مكافحة الإرهاب العراقية على أطراف الفلوجة (الجزيرة)

برهان فرحان-الجزيرة نت

يعيش نحو خمسين ألفا من أهالي الفلوجة غرب العاصمة العراقية بغداد أوضاعا إنسانية غاية في الصعوبة، بسبب الحصار الخانق الذي تفرضه القوات الأمنية العراقية على المدينة ومحيطها منذ منتصف العام 2015، عندما أغلقت هذه القوات كافة المنافذ المؤدية إلى المدينة وبدأ سكانها يعيشون على ما هو مخزن في الأسواق داخلها.

وبسبب الكثافة السكانية العالية مقارنة بما هو موجود من مواد غذائية وأساسية، سرعان ما نفد ما في الأسواق لتبدأ معاناة المدنيين مع الجوع وفقدان السلع الأساسية والخدمية، لا سيما الوقود وغاز الطبخ، بالإضافة إلى شح الأدوية والمستلزمات الطبية.

وفي ظل قصف متواصل ليلا ونهارا من قبل الجيش العراقي ومليشيا الحشد الشعبي المنتشرة في محيط المدينة، سقط مئات القتلى والجرحى جراء العمليات العسكرية وارتفاع الوفيات لدى المصابين بالأمراض المزمنة.

ووصف رئيس شبكة منظمات حقوق الإنسان في الشرق الأوسط الدكتور حسين الشطب الفلوجة بأنها بداية ونهاية الصراعات المذهبية التي يعيش أهلها المحاصرون بين حراب أسلحة المليشيات بكل أنواعها وبين سيوف تنظيم الدولة الإسلامية وحصار الجوع والعطش.

وقال الشطب إن مثل هذه الممارسات تعتبر جرائم ضد الإنسانية وفق اتفاقية جنيف المنعقدة عام 1949، ودعا كافة المنظمات الإنسانية إلى التدخل الفوري لإنقاذ حياة المدنيين العزل.

معاناة يومية
وقال شهود عيان من داخل المدينة إن معظم الأطفال يعانون من الجفاف وسوء التغذية، وإن الأمراض بدأت تنتشر بينهم، ومنها الأمراض الجلدية والبلهارسيا بسبب شرب المياه الملوثة. ووجهت منظمات إغاثية وإنسانية انتقادات للحكومة العراقية بسبب رفضها إغاثة مواطنيها المحاصرين، واستخدامها أسلوب التجويع لكسب الحرب.

‪مؤيد جبير: أهل الفلوجة يمنعهم تنظيم الدولة في الداخل من الفرار، وينتظرهم بطش مليشيا الحشد في الخارج‬ (الجزيرة)
‪مؤيد جبير: أهل الفلوجة يمنعهم تنظيم الدولة في الداخل من الفرار، وينتظرهم بطش مليشيا الحشد في الخارج‬ (الجزيرة)

وقال الناشط السياسي مؤيد جبير -وهو أحد وجهاء الفلوجة- إن الحكومة تتحدث عن توفير ممرات آمنة للمدنيين المحاصرين داخل المدينة من أجل الفرار من مناطق الصراع المسلح بين تنظيم الدولة والقوات العراقية، لكن ما هو على أرض الواقع مغاير بالنسبة لحماية المدنيين الذين يفرون من المدينة ومحيطها بسبب العمليات العسكرية، وذلك عندما أقدمت مليشيات الحشد الشعبي على اقتياد 73 مدنيا من أهل الكرمة شمال شرق الفلوجة -معظمهم أطفال ونساء- وأعدمت 17 منهم.

يذكر أن تنظيم الدولة الإسلامية يمنع المواطنين من مغادرة المدينة لأي سبب كان، وهو ما يدل على أن هؤلاء المدنيين في حكم السجناء داخل مدينتهم التي تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، وتعاني من ارتفاع الأسعار ليصل سعر الأرز مثلا إلى 48 دولارا للكيلوغرام الواحد و30 دولارا للدقيق.

وفي نفس السياق أشار رئيس منظمة الفلوجة للإغاثة الإنسانية خالد الصكر إلى عدم اتخاذ الحكومة العراقية موقفا جادا لإيصال المواد الإغاثية إلى المدنيين المحاصرين في الفلوجة، رغم استعداد منظمته للتكفل بذلك.

وقال الصكر إن الحكومة امتنعت بحجة أن تنظيم الدولة سيصادر تلك المواد قبل وصولها إلى أهالي المدينة، وهذا يعد جريمة وفقا للمعايير الإنسانية التي تسعى إليها المنظمات المجتمعية المهتمة بصحة وسلامة الفرد.

وشهدت الفلوجة وأهلها منذ سقوط النظام السابق عام 2003 ثلاث معارك نزح بسببها سكانها إلى مدن وبلدات مجاورة، لكن أعنفها وأمرها هي المعركة الحالية بعدما طال انتظار أهلها وهم بعيدون عن بيوتهم ومدينتهم منذ عامين ونصف، والكثير منهم فقد بعض ذويه جراء العمليات العسكرية أو بسبب ما تقوم به المليشيات الطائفية من التصفية على الهوية.

المصدر : الجزيرة