ضبط الفضائيات بالجزائر.. تنظيم أم تصفية حسابات

قرار ضبط الفضائيات الخاصة يفجر جدلا في الجزائر
المشهد الإعلامي الجزائري ظهرت فيه العديد من القنوات الخاصة في السنوات الأربع الأخيرة (الجزائر)
عبد الحميد بن محمد-الجزائر
 
تباينت ردود الفعل في الجزائر عقب قرار الحكومة إنهاء فوضى القنوات الخاصة التي وصل عددها إلى ستين قناة، بينها خمس فقط تمتلك رخصا قانونية.
 
وكانت الساحة الإعلامية الجزائرية عرفت في خضم ثورات الربيع العربي ومع نهاية 2011 ظهور عدد من القنوات الخاصة.

ورغم المصادقة على قانون الإعلام في 2012، ثم قانون السمعي البصري في 2014، فإن الحكومة لم تتبع ذلك بقوانين تنفيذية أو تشكيل الهيئات الضابطة التي تنظم القطاع.

واندلع مؤخرا صراع بين رجل الأعمال يسعد ربراب إثر شرائه مجمع الخبر الإعلامي وبين الحكومة التي رفعت دعوى قضائية لإبطال الصفقة.

وقال رئيس الوزراء عبد المالك سلال إن الحكومة قررت "تطهير" قطاع السمعي البصري، وإنهاء حالة فوضى القنوات الفضائية.

‪(الجزيرة)‬ بوخدشة: القرار جاء متأخرا (الجزيرة)
‪(الجزيرة)‬ بوخدشة: القرار جاء متأخرا (الجزيرة)

قرار سياسي
لكن مدير الأخبار في قناة "بورتي في" عدنان ملاح يقول إن السلطة هي التي "أسست للفوضى"، وهي التي تدعي اليوم تنظيم القطاع.

ومع ترحيبه بتطبيق القانون على الجميع، فإنه يبدي اعتراضا على مصطلح "تطهير" الذي استعمله رئيس الوزراء، وحسب رأيه فإن هذا المصطلح "قذر ومقزز ونحن لسنا فطريات".

كما يعتقد ملاح بأن القرار "سياسي بامتياز وسط حديث عن رياح تغيير قادمة من داخل النظام أو من خارجه، وإلا فكيف لمسألة تنظيمية أن يتكلم فيها رئيس الوزراء بحضور 15 وزيرا، في حين كان يمكن لوزير الاتصال أو الناطق باسم وزارته أن يتولى الأمر".

من جانبه، يؤكد أستاذ الإعلام بجامعة الجزائر الدكتور عبد الرحمن عمار أن تصريحات رئيس الوزراء جاءت على خلفية الصراع القائم بين رجل الأعمال ربراب الذي اشترى مجمع الخبر ووزارة الاتصال، "وهي القطرة التي أفضت الكأس".

لكنه يرى أن القرار سليم وصحيح "لأننا كأكاديميين سبق أن طالبنا بتنظيم القطاع"، مشيرا إلى أن الخطأ كان من البداية عندما تُرك الحبل على الغارب لأصحاب المال لدخول عالم الاستثمار في الفضائيات.

وينبه عبد الرحمن إلى أن القرار المتأخر ستكون تكلفته باهظة اجتماعيا، حيث سيؤدي إغلاق كل هذا الكم الهائل من القنوات إلى فقدان المئات من الوظائف.

‪هويلي: القرار جاء في سياق حملة سياسية تقودها الحكومة ضد‬ ربراب (الجزيرة)
‪هويلي: القرار جاء في سياق حملة سياسية تقودها الحكومة ضد‬ ربراب (الجزيرة)

فوضى إعلامية
ودعا الحكومة إلى استشارة الخبراء "لأن القرار قد يؤدي إلى فوضى إعلامية ويعود (معه) تقييد حرية الإعلام".

من جهته، يعتقد رئيس التحرير في قناة "كاي بي سي" رياض هويلي أن القرار جاء في سياق "حملة سياسية تقودها الحكومة ضد دخول رجل الأعمال يسعد ربراب في رأسمال شركة الخبر".

ويضيف للجزيرة نت أن ما يجري "ليس تطهيرا ولا تنظيما للقطاع، بل تصفية حساب وتصفية لأي صوت مؤثر ويخالف رأي السلطة".

ويرى منسق "المبادرة الوطنية من أجل كرامة الصحفي" رياض بوخدشة أن القرار جاء متأخرا، وما يتحدث عنه سلال كان يجب أن يتم قبل سنوات من الآن.

ويضيف بوخدشة للجزيرة نت أن هذا القرار في هذا الوقت يدفع للتشكيك في النوايا "رغم أن ما يطرح من إجراءات تنظيمية أمر ضروري لأن قطاع الإعلام تحكمه فعلا الفوضى".

ودعا بوخدشة إلى ضرورة أن يتم هذا التنظيم وفق القانون، وليس بشكل متسرع، ودون تصفية حسابات أو ممارسة ضغوط، معربا عن تخوفه من أن يتم تسليط سيف الحجاج على قنوات دون أخرى.

المصدر : الجزيرة