منصة "تأكد".. امتحان لمصداقية الأخبار السورية

جانب من عمل موقع تأكد في تصحيح الأخبار الخاطئة.jpg
جانب من عمل موقع "تأكد" في تصحيح الأخبار الخاطئة (الجزيرة)

سلافة جبور-دمشق

شكل الانتشار الكبير لوسائل الإعلام البديلة في سوريا عقب انطلاق الثورة في البلاد سلاحا ذا حدين، فرغم تفانيها الكبير في نقل وقائع الحرب اليومية للعالم الخارجي بعيدا عن روايات النظام السوري الرسمية فإنها لم تنجح على الدوام في تجنب الوقوع بفخ نشر الأخبار الخاطئة.

فالكم الهائل من الأخبار المتعلقة بالشأن السوري، وتناقلها اليومي بين وسائل الإعلام البديلة وحتى التقليدية من دون رقابة تذكر ساهما في انتشار كثير من المعلومات والصور الكاذبة التي عمل ناشطون وصحفيون خلال السنوات الماضية على محاولات التحقق منها وتصحيحها بشكل فردي.

غير أن تلك الجهود الفردية لم تكن مقنعة لعدد من الصحفيين السوريين الذين تعاونوا على إنشاء منصة هي الأولى من نوعها على الصعيد السوري بهدف التحقق من الأخبار وتصحيحها، وحملت اسم "تأكد"، وشعار "لأن الخبر أمانة".

وقال الصحفي أحمد بريمو -وهو مؤسس هذا المشروع الإعلامي- إن انتشار الأخبار الكاذبة والمغلوطة أفقد إعلام الثورة جزءا من مصداقيته أمام الجمهور المحايد والمتعاطف مع الثورة من غير السوريين، وحتى أمام جمهوره من السوريين المعارضين.

وأضاف في حديث للجزيرة نت أن هذا الأمر أظهر الحاجة لرصد الأخبار والشائعات المغلوطة في المؤسسات الإعلامية السورية والعربية والعالمية وتصحيحها بغية إيصال المعلومة الحقيقية للقارئ.

مهمة التحقق
ويصل عدد العاملين في هذا المشروع إلى 12 شخصا، معظمهم صحفيون من أصحاب الخبرة الإعلامية، خاصة في السياق السوري، وتتوزع مهامهم بين الإدارة والتحرير والرصد والمتابعة، حيث يرصد المحتوى الإخباري لمواقع التواصل الاجتماعي والمؤسسات الإعلامية بمختلف توجهاتها، ويجري التحقق من الأخبار والصور والتصريحات ومقاطع الفيديو التي يشك بمصداقيتها.

وبحسب بريمو، تتنوع طرق التحقق بين البحث باستخدام الوسائل التي تؤمنها كبرى الشركات المتخصصة بالبحث الصوري والمحتوى المرئي مثل غوغل، والتواصل مع مصادر متعلقة بالمادة الخبرية، والاستقصاء، وتتبع ذلك صياغة المادة المصححة من قبل فريق التحرير وإرفاقها بالأدلة والروابط والتسجيلات الكافية لنفي الخطأ.

‪الصفحة الرئيسية لموقع
‪الصفحة الرئيسية لموقع "تأكد" على شبكة الإنترنت‬ (الجزيرة)

ونوه بريمو بأن طبيعة العمل تجعل من الصعب الحكم على تحقيق المنصة لأي أثر ملموس، إلا أن الرسائل التي يتلقاها الفريق من مؤسسات إعلامية -بعضها موال للنظام السوري- توضح فيها نيتها تعديل الأخطاء المكتشفة، إضافة لرسائل المتابعين وتعليقاتهم تؤكد أن العمل ما هو إلا خطوة أولى في سبيل الهدف المنشود.

ورغم أن كافة العاملين في المنصة لا يتلقون أي تعويض مادي لقاء عملهم بسبب غياب التمويل والدعم المتعلق بالمصاريف الإدارية والتشغيلية وغياب مقر ثابت للعمل فإن المسؤوليات الكبيرة الملقاة على عاتقهم -خاصة بعد إطلاق الموقع الإلكتروني للمنصة بمنحة مقدمة من إحدى المنظمات- تحفزهم على العمل التطوعي والبحث والرصد والمتابعة اليومية والتواصل مع بعضهم بشكل افتراضي للاستمرار في دعم مشروعهم.

فكرة مميزة
من جهته، وصف الصحفي صادق عبّارة منصة "تأكد" بأنها "بادرة مهمة وفكرة مميزة وتجربة ستحقق فائدة عظيمة، وهي تستحق المؤازرة والتعميم".

ورأى عبّارة -وهو إعلامي ضمن رابطة الصحفيين السوريين- أن وسائل التواصل الاجتماعي التي باتت منبرا مفتوحا تغزوه الإشاعات والأقاويل والأخبار التي لا أساس لها من الصحة، وإمكانية نشر الأخبار من قبل هواة أو أشخاص بعيدين عن المجال الإعلامي -سواء عن قصد أو جهل- ساهمت في تشويه صورة كثير من الأحداث الواقعية.

وأكد في حديث للجزيرة نت أن انتشار منصة "تأكد" كرقيب لعمل الناشطين والمواطنين والصحفيين سيكون له دور كبير في التوقف عن نشر الأخبار من دون تأكد، حيث "سيصبح كل ناشط رقيب نفسه قبل النشر، وسيعلم الجميع أهمية البحث عن مصادر متطابقة للخبر قبل مشاركته أو نسخه دون أي مسؤولية".

وعبر عن أمله في أن ينتقل مفهوم التحقق من الأخبار نحو منحى جديد في سوريا بفضل منصة "تأكد" التي ترفع لها "القبعة" على حد تعبيره، كما عبر عن أمله بأن تنشر هذه الفكرة في بلدان أخرى تعاني من مشاكل مشابهة.

المصدر : الجزيرة