الحراك المدني بسوريا.. عود على بدء
سلافة جبور-دمشق
فمن درعا جنوبا إلى حلب شمالا، مرورا بإدلب وريف دمشق وحمص وغيرها، شهد الأسبوع الماضي عودة لافتة للحراك السلمي إثر توقف المعارك والهدوء الذي عم أغلب جبهات القتال عقب بدء تنفيذ قرار وقف إطلاق النار السبت الماضي برعاية أميركية روسية.
ولم يمنع الدمار الذي خلفته أكثر من أربع سنوات من المعارك خروج مئات السوريين على أنقاض منازلهم وأحيائهم الخارجة عن سيطرة النظام، للتظاهر والتأكيد على سلميتهم وهدفهم الأول والأخير، ألا وهو إسقاط النظام وبناء دولة العدالة والكرامة.
إحساس بالأمان
مالك الرفاعي وهو أحد أولئك الذين شاركوا في مظاهرة مدينة داريا غرب العاصمة دمشق منذ عدة أيام، أكد في حديث للجزيرة نت تميز هذه المظاهرة بإحساس المدنيين بالأمان ضمن أجواء احتفالية افتقدتها المدينة التي أمطرتها مروحيات النظام بما لا يقل عن ستة آلاف برميل متفجر خلال السنوات الفائتة، بحسب إحصائيات مجلسها المحلي.
وأوضح الرفاعي -وهو ناشط إعلامي أيضا- أن الخوف من الاعتقال كان يسيطر على المشاركين في مظاهرات العامين الأولين للثورة، وتحول بعدئذ إلى خوف من القصف والموت، وهو ما تحرر منه أهالي المدينة اليوم عقب تنفيذ وقف إطلاق النار الذي لا يعني برأيه إخماد الثورة، بل يشجع السوريين على إحياء حراكهم المدني والتأكيد على استمرار ثورتهم.
ورغم أن الدمار الذي حل بحي جوبر شرقي العاصمة لا يقل عن حجم الدمار في مدينة داريا غربيها، فإن ناشطي الحي أبوا إلا أن يستغلوا فرصة الهدنة لينظموا مظاهرة الخميس ويطالبوا بإسقاط النظام السوري.
ووفق محمد أبو يمان -وهو أحد ناشطي جوبر الإعلاميين- فإن أهالي الحي ما زالوا يؤمنون بأهمية الحراك السلمي في إيصال صوتهم ومطالبهم.
وقال إنه "حراك لم يتوقف إلا بسبب همجية النظام التي أجبرتنا على حمل السلاح دفاعا عن أنفسنا بعد استهداف مظاهراتنا السلمية بالرصاص والقصف".
وأكد أبو يمان في حديثه للجزيرة نت أن التظاهر أحد حقوق الشعب السوري، سواء أكان ضد نظام بشار الأسد أم ضد الفصائل المعارضة في حال ارتكابها أية أخطاء بحق المدنيين.
مظاهرات دمشق
أما جنوب العاصمة دمشق وفي بلدات وأحياء هادنت النظام منذ أعوام دون أن تفقد روح الثورة، فقد رفع عدد من الأهالي والناشطين لافتات تؤكد عدم تنازلهم عن أهدافهم المتمثلة في إسقاط النظام وتفكيك الأجهزة القمعية والحفاظ على وحدة سوريا، وذلك خلال مظاهرة خرجت مساء الخميس في بلدة يلدا.
وأوضح الناشط الإعلامي وليد الآغا أن أهالي جنوب العاصمة أرادوا إيصال رسالتهم إلى المجتمع الدولي بأن ما تشهده سوريا منذ سنوات ما هو إلا ثورة شعب نادى بحقوقه المشروعة التي تقرّها جميع الأديان والعهود والمواثيق الدولية، وليس حربا بين طرفين متصارعين.
وأضاف الناشط الإعلامي في حديثه للجزيرة نت "على العالم بأسره أن ينظر إلى ثورتنا على أنها ثورة شعب ضد نظام مستبد وظالم، ويتعامل مع أي حل مطروح لما تعيشه البلاد على هذا الأساس، وهو ما رغبنا بالتعبير عنه في مظاهرتنا التي حملت عنوان تجديد الروح الثورية".
ونوّه الآغا بأهمية الحراك المدني السلمي في الثورة السورية، إلا أنه "يبقى حراكا غير كاف لإسقاط نظام وحشي كالنظام السوري، لا يفهم إلا لغة القوة وليّ الأذرع"، على حد تعبيره.