الإدانة العربية لحزب الله.. الدواعي والانعكاسات
محمد بنكاسم
وصف وزراء الداخلية العرب، باجتماع لهم الأربعاء في تونس، حزب الله اللبناني بالإرهابي، كما اتهموه وإيران بالسعي لزعزعة الاستقرار في المنطقة العربية، وقد جاءت هذه الخطوة عقب تصنيف مجلس التعاون الخليجي الحزب منظمة إرهابية.
ووفق البيان الصادر عن اجتماع وزراء الداخلية العرب، فإن وصف حزب الله بالإرهابي مرده "الممارسات الخطيرة التي يقوم بها لزعزعة الأمن والسلم الاجتماعي في بعض الدول العربية".
وفي ترتيب ذي دلالة، جاء هذا التوصيف بعد نقطة متعلقة بإيران في البيان، إذ شجب الوزراء ممارسات طهران الهادفة إلى "زعزعة الأمن والاستقرار في البحرين والعديد من الدول العربية".
هذه الخطوة من جانب وزراء الداخلية العرب، تأتي بعد يوم من قرار مجلس التعاون الخليجي اعتبار ما وصفها بمليشيات حزب الله بكافة قادتها وفصائلها والتنظيمات التابعة لها والمنبثقة عنها بأنها منظمة إرهابية.
أعمال عدائية
وأوضح الأمين العام للمجلس الخليجي عبد اللطيف الزياني أن الدول الأعضاء اتخذت هذا القرار بسبب استمرار هذه المليشيات في الأعمال العدائية وتجنيد شباب دول المجلس للقيام بأعمال "إرهابية".
وأضاف الزياني أن المجلس يعتبر أن ممارسات مليشيات حزب الله في دول مثل سوريا واليمن والعراق تتنافى مع القيم الأخلاقية والقوانين الدولية.
ومن الملاحظ أن قرار دول الخليج ووصف وزراء الداخلية العرب حزب الله بالإرهابي يندرج ضمن مسار تصعيدي من الدول العربية لمواجهة سياسات الحزب، ومن ورائه داعمه الرئيسي إيران، وقد اتخذت الأمور منحنى أكثر حدة نتيجة تورط طهران وذلك الحزب في عدد من الصراعات العربية واعتبار مواقفهما وممارساتهما عدوانا على الأمن القومي العربي.
وسبق هذا القرار بأسبوعين، وقف السعودية مساعداتها المالية للجيش وقوى الأمن في لبنان، وأيضا قيام الرياض بمراجعة مجمل علاقاتها مع بيروت، وذلك نتيجة مواقف لبنانية مناهضة للمملكة على المنابر العربية والإقليمية والدولية "في ظل مصادرة ما يسمى حزب الله لإرادة الدولة اللبنانية" وفق ما ذكره مسؤول سعودي.
ومن أبرز هذه المواقف اللبنانية المناهضة، خروج بيروت عن الإجماعين العربي والإسلامي بعدم إدانة الاعتداءات التي شهدتها السفارة السعودية في طهران والقنصلية العامة في مشهد في يناير/كانون الثاني الماضي. وقد تبنت باقي دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية بصفة عامة هذا الموقف السعودي.
إذكاء الخلافات
ونجم عن القرارات السعودية والخليجية الأخيرة تجاه حزب الله ولبنان جدل سياسي محتدم أذكى واقع الانقسام السياسي في البلاد رغم اشتراك أبرز الفرقاء في التشكيلة الحكومية الحالية، إذ حملت قوى 14 آذار -بمختلف تياراتها- حزب الله وحلفاءه مسؤولية ضرب استقرار البلاد المالي والمعيشي عن طريق وضع الحزب البلاد في مواجهة مع السعودية من خلال وقوفه ضد سياساتها في المنطقة.
وباستثناء دعوة وزير العدل اللبناني المستقيل أشرف ريفي لاستقالة الحكومة الحالية لأنها باتت مطية لحزب الله على حد قوله، فإنه لم تصدر دعوات مماثلة من القوى السياسية الرئيسية في البلاد رغم الانتقادات الشديدة التي وجهت إلى سياسات حزب الله.
وشدد رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رئيس تيار المستقبل سعد الحريري على أن بلاده "لن تكون ولاية إيرانية" وانتقد دور حزب الله في الحرب بسوريا، كما اتهم الحزب بعرقلة انتخاب رئيس جديد للبنان.
ومن شأن القرار الخليجي والعربي الأخير أن يزيد الضغوط على الفرقاء في لبنان للتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية يملأ الفراغ الممتد منذ مايو/آيار 2014، وهو ما أدى إلى اختلال التوازن بين مؤسسات الدولة لصالح حزب الله الذي يمتلك النفوذ الأكبر داخل الحكومة.
ويرى الوزير المستقيل ريفي أن إيران لا تريد إجراء انتخابات رئاسية في لبنان لكي تبقى ورقة بيدها في مفاوضاتها الإقليمية، ويضيف أن الغياب العربي ساهم في أن يصبح القرار اللبناني بيد طهران.
السلوك الإيراني
من جانبها، لا تبدو طهران ماضية في مراجعة سياساتها تجاه القضايا العربية على ضوء تردي علاقاتها مع جيرانها الخليجيين والعرب عموما، إذ رأت طهران في تصنيف دول مجلس التعاون حزب الله منظمة إرهابية ضربا لأمن واستقرار لبنان، على اعتبار أن الحزب وفق إيران يتصدر "المقاومة ضد الصهيونية والحرب ضد الإرهاب في المنطقة".
وفي مؤشر على رغبتها في مواجهة القرار السعودي الأخير بوقف مساعداته للجيش اللبناني، عرضت طهران على لسان متحدث باسم خارجيتها إرسال أسلحة إلى لبنان في حال طلب الأخير ذلك.
وتستند القيادة الإيرانية في استمرار سياساتها ولغتها التصعيدية تجاه السعودية ودول المنطقة عموما في أزمات المنطقة، وعلى رأسها سوريا واليمن، إلى وجود ما يشبه التحالف السياسي العسكري بين إيران والنظام السوري وروسيا في الحرب السورية، فضلا عن تحسن علاقات طهران مع القوى الغربية عقب التوقيع على الاتفاق النووي.