ما الدوافع الروسية للهدنة في سوريا؟
افتكار مانع-موسكو
وتقول موسكو إنها أوقفت كافة العمليات مع بدء موعد الهدنة، لكنها ستستمر في قصف الجماعات التي تصنفها "إرهابية". وفي المقابل أعلنت المعارضة السورية أنها أخطرت الأمم المتحدة باستمرار النظام وحلفائه من الروس والمليشيات، في انتهاك الهدنة.
تبريرات روسية
ويرى خبير مجلس العلاقات الدولية ألكسي فيننكو، أن ما تفعله روسيا ينسجم مع مواقفها المعلنة بخصوص وقف الأعمال العدائية في سوريا، إذ إن روسيا لم تتعهد يوما لأي جهة بأنها ستوقف عملياتها الجوية ضد التنظيمات السورية التي تصفها بالإرهابية، بل قالت منذ البداية إنها ستستمر في غاراتها على مواقع "الإرهابيين" لحين القضاء عليهم أو تخليهم عن السلاح، وبالتالي فالموقف الروسي واضح وكل ما يقال عن خرقها للهدنة غير صحيح وغير واقعي.
وأوضح فيننكو للجزيرة نت أن الخلاف يكمن في أن روسيا تلقت من الولايات المتحدة قائمة بأسماء المنظمات "الإرهابية"، ولكنها رفضتها واعتمدت قائمة خاصة بها، وهذا هو السبب في التناقض بين الرؤية الروسية والغربية حيال الهدنة، مشيرا إلى أن ما أسماه وزير الخارجية الأميركي جون كيري الخطة "ب" في حال عدم نجاح الهدنة، كلام عمومي لا قيمة له وليس له أساس.
وزاد المتحدث أن روسيا ماضية في مخططها الداعم لقوات الأسد للسيطرة على المزيد من المناطق من أجل تحسين موقفها التفاوضي مستقبلا، ولا سيما مع تزايد الحديث عن تحويل سوريا إلى دولة فدرالية مقسمة إلى مناطق علوية ومسيحية وكردية وسنية، معتبرا أن التدخل الروسي في سوريا حال دون وصول المسلحين إلى الحكم، وسوف يسهل عملية حصول الأكراد على حكم ذاتي رغم معارضة تركيا الشديدة.
كسب الوقت
من جهته، يرى المعارض السوري المستقل محمود الحمزة أن التحذير الروسي موجه إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وتركيا وبعض الدول العربية والمعارضة المسلحة، فهذه الأطراف تؤكد أن روسيا بالفعل تخرق الهدنة بقصفها الجوي مناطق شمال حلب وريفي حماة وحمص وشمال اللاذقية ومحيط دمشق، وهذا كله موثق.
وأوضح الحمزة أن موسكو كانت في وضع مريح في بداية تدخلها العسكري في سوريا لوجود توافقات بينها وبين واشنطن حول بعض النقاط، فكانت تقصف ما تشاء من المواقع متجاوزة ما أعلنته عن نيتها القضاء على "الإرهاب"، وزاد أنه عندما بدأ الحديث عن التدخل البري ببادرة سعودية تركية تحت غطاء من التحالف الدولي، بدأت موسكو تشعر بالقلق لإمكانية حدوث صدام بينها وبين التحالف الدولي والناتو.
وأشار المعارض السوري إلى أن الروس أدركوا أن عملياتهم العسكرية وصلت لطريق مسدود رغم نجاح المليشيات الإيرانية واللبنانية والعراقية المتحالفة مع النظام في استرجاع بعض المواقع، ولكنها في الواقع لم تحقق أية تغييرات جوهرية في الساحة.
حل نحو الفدرالية
وشدد المتحدث على أن روسيا لا تستطيع الاستمرار في المواجهة طويلا لأسباب داخلية، ولذلك أبدت استعدادها لعقد الهدنة، مع سعيها في الوقت نفسه لكسب الوقت وإكمال مخططاتها لتوطيد أقدام نظام الأسد في المزيد من المناطق السورية، مشيرا إلى تراجع حدة القصف والعمليات العسكرية.
واستبعد الحمزة إمكانية إجراء مفاوضات قريبة، لأن الخطوات اللاحقة متوقفة على تحليل نتائج الهدنة من قبل الأمم المتحدة، كما أن المعارضة ليست متحمسة لجنيف لقناعتها بأن روسيا والنظام لا يريدان حلا سياسيا.
وأكد المتحدث أن مفهوم الحل لدى النظام وروسيا التي تدعمه منذ خمس سنوات، هو إما الحل العسكري المفروض بالقوة، وإما الحل السياسي الذي يلبي الأهداف العسكرية أو جزءا كبيرا منها، وهو ما يفسر تصريحات مسؤولين روس عن إمكانية قيام دولة سورية فدرالية باعتباره خيارا أخف ضررا من خيار التقسيم.