هجمات بروكسل تعصف بأحلام اللاجئين

Migrants line up to receive food at the Greek-Macedonian border, in Idomeni, Greece, 25 March 2016. Migration restrictions along the so-called Balkan route, the main path for migrants and refugees from the Middle East into the EU, has left thousands of migrants trapped in Greece.
لاجئون عالقون على الحدود المقدونية اليونانية (الأوروبية)
ياسر الأطرش-الجزيرة نت

يبدو أن تداعيات الهجمات التي شهدتها العاصمة البلجيكية بروكسل ستتخطى حدودها إلى العديد من الدول الأوروبية، لاسيما دول أوروبا الشرقية التي يرجح أن تتنصل من التزامها باستقبال عدد من اللاجئين.

ويتوقع أن تحذو دول أوروبية أخرى حذو رئيسة الوزراء البولندية بياتا شيدلو التي أعلنت عدم التزامها بالاتفاق الذي أبرمته الحكومة السابقة مع الاتحاد الأوروبي، وتعهَّدت فيه باستقبال سبعة آلاف لاجئ.

وكانت دول أوروبا الشرقية دائمة التذمر من سياسة الباب المفتوح التي انتهجتها بعض دول غرب أوروبا، وصدرت عن مسؤوليها تصريحات مسيئة للاجئين وصلت حدّ الاتهام "بالغزو المنظم"، بحسب وصف الرئيس التشيكي ميلوس زيمان الذي دعا الشباب القادمين من سوريا والعراق إلى "حمل السلاح" ضد تنظيم الدولة الإسلامية بدلا من الهجرة.

وبطبيعة الحال فإن اللاجئين السوريين سيكونون الأكثر تضررا من عواقب أحداث بروكسل، إذ إنهم يشكلون أكثر من نصف عدد إجمالي اللاجئين إلى أوروبا.

شماعة الإرهاب
على الرغم من أن بولندا كانت ستستقبل 400 لاجئ فقط هذا العام، يرى الكاتب والسياسي المقيم في بريطانيا محيي الدين لاذقاني أنه مع قلة هذا الرقم اغتنمت رئيسة الوزراء شيدلو -التي توصف بالليبرالية- فرصة التفجيرات لتتنصل من التزاماتها ولتربط القرار بالإرهاب.

واعتبر لاذقاني أن مواقف بولندا قبل الاتفاق وبعده كانت قريبة من مواقف بلغاريا وجمهورية التشيك ورومانيا ومجموعة دول أوروبا الشرقية، التي ما يزال العامل الأمني يلعب دوراً هاماً في سياساتها الداخلية.

وفي تأكيد على أن هذه الدول هي المرشحة أكثر من غيرها للتنصل من مسؤولياتها تجاه اللاجئين بذريعة الإرهاب، ينفي الناشط في الشأن السوري المقيم في التشيك الدكتور أسامة الخالد احتمال أن تحذو دولة أخرى حذو بولندا.

ويؤكد الخالد للجزيرة نت أن دول مجموعة "فيشي غراد4" ربما تتخذ إجراءات أكثر تشدداً مع قضية اللاجئين، وسيظهرون أمام شعوبهم أكثر واقعية برفضهم "الكوتا" الأوروبية التي أفضت إلى عملية التحاصص، مستفيدين من دعم قسم لا بأس به من رأي الجمهور القائل بأن المهاجرين وراء تفجيرات أوروبا.

وعن الدول الأخرى التي قد تتذرع بهجمات بروكسل للتضييق على اللاجئين، قال لاذقاني للجزيرة نت إن النمسا قد تقوم بإجراء أقل حدة يتمثل في المماطلة، وهذا ما تفعله فرنسا وإلى حد ما إسبانيا وفق رؤيته. 

"ساعدونا.. الطقس بارد".. جملة مكتوبة على إحدى خيام اللاجئين العالقين في اليونان (الأوروبية)

صعود اليمين
ويرى لاذقاني أن هذا العام والذي يليه قد يشهدان صعوداً كبيراً للأحزاب اليمينية إلى سدة الحكم في معظم دول الاتحاد الأوروبي، وهو ما من شأنه أن يظهر عنصرية فجة وعلنية تختلف عن العنصرية الحالية المستترة، مذكرا بأن ملف اللاجئين كاد يودي بالمستشارة الألمانية وحكومتها.

ويتفق الكاتب الصحفي اللاجئ في ألمانيا فايز العباس مع لاذقاني، مؤكدا أن الحزب اليميني الرافض لوجود اللاجئين تفوق في انتخابات هذا العام في المقاطعة التي يقيم فيها مما يبين توجه الرأي العام وتقدم اليمين على حساب تراجع اليسار المعتدل.

ويظهر اللاجئون -حسب العباس- في وضعية من يدين نفسه ويحاول التبرؤ من فعل لم يقترفه، فمع كل عمل إرهابي يتوجس اللاجئ ويتعاطى مع الخبر كما لو أنه المعني والمسؤول، لذا ترى السوريين من اللاجئين يعملون مباشرة على التنديد والتبرؤ من كل عمل إرهابي.

وفي توصيف المشهد الراهن يضيف العباس للجزيرة نت إن اللاجئ يعيش حالة انكسار وترقب إثر أي عملية إرهابية لما ستخلفه من قوانين ليس آخرها إغلاق الحدود المقدونية وحالة التأهب تجاه اللاجئ، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أكثر العمليات الإرهابية يقوم بها مواطنو الدول التي وقعت فيها الجريمة.

المصدر : الجزيرة