حظر تطبيقات التراسل بالمغرب.. حسابات الأمن والتجارة

فيسبوك وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي أصبح وسيلة ضغط يلجأ إليها الشارع المغربي بدءا من حراك 20 فبراير سنة 2011
وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها أصبحت تستخدم على نظاق واسع في المغرب (الجزيرة)

الحسن أبو يحيى-الرباط

تواجه الشركات التي حظرت المكالمات الصوتية والمرئية عبر تطبيقات واتساب وسكايب وفايبر في المغرب، موجة انتقادات بلغت حدّ التهديد بعدم تسديد الفواتير. وبينما يرجّح خبراء تحكّم البعد الأمني والعامل التجاري في هذا القرار، يأمل المناهضون له إرغام هذه الشركات على التراجع عن قرارها.

ويعتبر البيان الصحفي الصادر عن الوكالة الوطنية المغربية لتقنين المواصلات التعليق الرسمي الوحيد حول توقيف هذه الخدمات، حيث أوضحت الوكالة أن القرار يأتي امتثالا من هذه الشركات للالتزامات الملقاة على عاتقها.

وأشارت الوكالة إلى أن "هذه الخدمات لا تستوفي جميع الشروط المتطلبة لكي تُعتبر مطابقة للقانون، فضلا عن كونها تلحق خسارة بالسوق الوطني للاتصالات فيما يخص رقم المعاملات".

وأطلق ناشطون حملة تبدأ بسحب الإعجاب (اللايكات) من صفحات هذه الشركات على مواقع التواصل الاجتماعي، بينما بث آخرون فيديوهات تنتقد هذا القرار، من بينهم صاحب قناة خاصة من الجالية المغربية المقيمة بأوروبا وصف القرار بالجريمة المفضية إلى قطع صلة الرحم بين أفراد العائلة الواحدة.

وفضلا عن الدعوة إلى مقاضاة هذه الشركات على أساس شبهة عدم قانونية هذا المنع، تجري حملة جديدة لحث المستهلكين على عدم دفع فواتير الاشتراك. كما اتخذت مناهضة هذا القرار أشكالا أخرى، منها الدعوة إلى حملة واسعة لغلق الهواتف النقالة في نهاية الأسبوع.

كما تشمل التحركات مقاطعة بعض الأنشطة التي ترعاها إحدى الشركات الثلاث، ومن ذلك ما قام به الناشط على الفيسبوك محمد أكيور الذي أعلن رفقة أربعة من زملائه عن الانسحاب الجماعي من مسابقة ترعاها إحدى هذه الشركات.

وفي تصريح للجزيرة نت قال الخبير في مجال الإنترنت رشيد الدهبي إن تصاعد الحملات الجديدة ضدّ قرار الشركات أعطى نتائج ملموسة، ومن أبرزها فقدان هذه الشركات حوالي 8% من المتتبعين على صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا يزال الرقم في تزايد.

وحسب المدون أمين رغيب الذي يعتبر من أبرز الداعين إلى الحملة، فإن هذه الشركات تعمد إلى شراء الإعجابات من أجل "تزييف" عدد المعجبين بصفحاتها، وقال في تدوينة له إن عددهم زاد بشكل جنوني مؤخرا.

‪رشيد الدهبي: تصاعد الحملات ضد شركات الاتصالات أعطى نتائج ملموسة‬ (الجزيرة)
‪رشيد الدهبي: تصاعد الحملات ضد شركات الاتصالات أعطى نتائج ملموسة‬ (الجزيرة)

أمن وتجارة
ويرى رشيد الدهبي أن البعدين الأمني والتجاري يفسّران هذا القرار، ذلك أن انتشار هذه التطبيقات يؤثر سلبا على مداخيل شركات الاتصالات، لكن السرعة التي تم بها تنزيل القرار ترجّح تحكّم البعد الأمني فيه، إذ إن صعوبة رصد وضبط المكالمات عبر هذه التطبيقات يشكل خطراً أمنيا في خضم ما تعرفه المنطقة من تهديدات إرهابية، على حد تعبيره.

وكان الحظر بالنسبة للبعض فرصة للترويج لتطبيقات أخرى مثلما هو الأمر بالنسبة لتقنية "في.بي.أن" (VPN) التي بدأت بعض الشركات المغربية التعريف بها. لكن هذه التقنية -كما يقول الدهبي- ليست في متناول جميع شرائح المستعملين، خاصة منهم غير المتمكّنين من المسائل التقنية.

ويتوقع مناهضو قرار الحظر أن تثمر تحركاتهم هذه بالنظر إلى تعاظم أدوار مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب في التأثير على مجموعة من القرارات، لكنّ فرص النجاح في نظر الدهبي مرتبطة بحجم التعبئة وأمدها.

واعتبر الدهبي أن حملة سحب الإعجابات لها رمزية كبيرة، ومكّنت من الترويج للموضوع بشكل واسع، لكنه توقع أن يكون للامتناع عن تسديد الفواتير والتعبئة تأثير أكبر إذا ما شارك المستعملون لهذه التطبيقات بكثافة، مع أنه يصعب تحقيق ذلك لكون استعمال الهاتف أضحى من الحاجيات الأساسية، على حد تعبيره.

وتفيد معطيات حصلت عليها الجزيرة نت من وزارة  التجارة والصناعة والاقتصاد الرقمي أن عدد المشتركين في خدمة الإنترنت بالمغرب بلغ نهاية العام 2015 قرابة 14.5 مليون مشترك، مع العلم أن عددهم بنهاية العام 2014 بلغ نحو عشرة ملايين.

المصدر : الجزيرة