دمشق وريفها بين التفاؤل والتخوف بشأن الهدنة

أحد أسواق دمشق القديمة - شباط 2016
أحد أسواق دمشق القديمة وقد خرج السكان لمزاولة نشاطهم (الجزيرة نت)

سلافة جبور-دمشق

مع انتهاء اليوم الثاني من بدء سريان الهدنة بين قوات النظام السوري وفصائل المعارضة المسلحة يسود العاصمة دمشق وريفها هدوء حذر، وتنقسم آراء السكان بين متفائل بخطوة قد تعني نهاية للحرب، ومتخوف من هدوء قد يسبق العاصفة.

وفي جولة للجزيرة نت بشوارع دمشق الأحد كان الهدوء سيد الموقف، هدوء تخرقه أصوات مدافع متقطعة من حين لآخر، وازدحام قد ينم عن راحة السكان ورغبتهم بمتابعة حياتهم بعيدا عن قذائف الهاون العشوائية والتفجيرات التي كانت الطابع المميز للأيام السابقة للهدنة.

أما في ريفي دمشق الشرقي والغربي فأجمع عدد من الناشطين والأهالي الذين تحدثت إليهم الجزيرة نت عن انخفاض حدة المعارك بشكل كبير، والتوقف شبه التام للقصف والغارات الجوية إلا في بعض المناطق ومنها خان الشيح وبالا وأطراف حي جوبر، الأمر الذي شجع كثيرا من السكان على الخروج من منازلهم بحثا عن حياة طبيعية افتقدوها خلال السنوات الخمس الفائتة.

فمن غوطة دمشق الشرقية أكد الناشط الإعلامي حسان تقي الدين ارتياح معظم الأهالي بعد يومين من توقف القصف والغارات الجوية، مما تسبب بحركة ملحوظة في شوارع المدن والبلدات المختلفة داخل الغوطة.

ونوه تقي الدين بأن اليوم الأول للهدنة لم يحمل الكثير من التفاؤل لسكان الغوطة، بسبب القصف العنيف الذي شهدته خلال الأيام السابقة لها، إلا أن الالتزام شبه التام من كافة الأطراف بوقف إطلاق النار رسم بعضا من التفاؤل على وجوه المدنيين.

ولا ينفي الناشط الإعلامي تخوف السكان من تأزم الأوضاع مجددا، خاصة أن "النظام السوري يحاول تأجيج الصراع من جديد عن طريق ادعاء قصف مقاتلي المعارضة للعاصمة دمشق ورده بالمثل، الأمر الذي يتطلب مراقبة المجتمع الدولي الذي يقف للأسف على الأغلب بصف النظام".

حي القابون شرق دمشق في ثاني أيام الهدنة وتبدو حركة في السوق (الجزيرة نت)
حي القابون شرق دمشق في ثاني أيام الهدنة وتبدو حركة في السوق (الجزيرة نت)

هدوء
أما في داريا بغوطة دمشق الغربية فأشار الناشط الإعلامي مهند أبو الزين من خلال مواقع التواصل الاجتماعي إلى هدوء غير مسبوق عم المدينة التي تعرضت خلال السنوات الماضية لحملات عسكرية عنيفة وقصف شبه يومي بالبراميل المتفجرة، وأكد التزام الجيش الحر بالهدنة.

وفي حديث للجزيرة نت وصف أبو الزين وضع المدينة وأهلها "بالتأرجح بين الراحة النفسية والقلق، فالجميع مرتاح دون القصف والمعارك والوداع اليومي لأصدقاء أو أقارب يقضون حتفهم، لكن الشعور بالخوف من الحصار يسيطر على الجميع، فالهدنة تعني وقف المعارك دون فك الحصار، مما يهدد آلاف السكان بالموت جوعا ومرضا".

وفي قلب العاصمة دمشق لم يخف كثير من السكان فرحهم وتفاؤلهم بالهدنة وتفاجؤهم من التزام كافة الأطراف بها نسبيا حتى الآن.

أبو قصي -وهو رجل أربعيني يعيش في حي الميدان وسط العاصمة- وصف للجزيرة نت منتصف ليل الجمعة/السبت بأنه حدث تاريخي انتظره السوريون منذ سنوات، نأمل استمرار وقف إطلاق النار والانطلاق منه لحل أشمل ينهي الحرب تماما.

أما فريدة -وهي طالبة جامعية في العشرين من عمرها- فرأت أنه رغم سقوط بعض القذائف يوم أمس داخل العاصمة وسماع أصوات اشتباكات متقطعة فإن العزم الدولي على إنهاء الحرب في سوريا يبدو واضحا هذه المرة، لم يعد خافيا أن قرارا كهذا لم يعد بيد الشعب السوري أو حتى النظام، وكل ما يرجى هو جدية كافة الأطراف.

ولعامر -الذي يقطن حي المهاجرين بدمشق- رأي آخر، إذ يقول إن ما يحدث ليس سوى مسرحيات هزلية "فعن أي هدنة يتحدثون وآلاف السوريين مغيبون في معتقلات النظام، وآلاف آخرون محاصرون لا يستطيعون الحصول على أدنى مقومات الحياة؟ أي هدنة لا تشمل إنهاء كل مظاهر الحرب لا يعول عليها".

المصدر : الجزيرة