بريطانيا وأوروبا.. اتفق الساسة وبقي الشارع

British Prime Minister David Cameron jumps up on stage as he prepares to address the media after a European Union leaders' summit in Brussels, Belgium, February 19, 2016. Cameron said on Friday he would campaign with all his "heart and soul" for Britain to stay in the European Union after he won a deal about the so-called Brexit, in Brussels which offered his country "special status". REUTERS/Dylan Martinez
كاميرون اتفق مع قادة الاتحاد الأوروبي على السعي لإبقاء بريطانيا ضمن الاتحاد وفقا لشروط (رويترز)

محمد أمين-لندن

رغم الصفقة البريطانية الأوروبية التي أعلن التوصل إليها الجمعة، وتوصية رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون ببقاء بلاده ضمن الاتحاد الأوروبي، فإن استفتاء شعبيا من المقرر إجراؤه في يونيو/حزيران المقبل، سيحسم في نهاية الأمر مستقبل بريطانيا في الاتحاد.

ومع أن كاميرون نجح في الوصول لصفقة اللحظات الأخيرة -كما وصفتها الصحف البريطانية- والتي كفلت للندن امتيازات اقتصادية ومنحها حق تقييد الهجرة، فإنه تراجع عن مطالب أخرى كحق الفيتو على القرارات الأوروبية، وقطع المساعدات الاجتماعية عن العمالة الأوروبية.

ويرى محللون أن المخاوف الأمنية هي الدافع الرئيسي لتحول مواقف بعض صقور المحافظين -كوزيرة الداخلية ثيريزا ماي- من معارضة البقاء في أوروبا إلى مباركة اتفاق كاميرون، والتعهد بحملة ضغط من أجل إقناع الشارع به.

ويوم الجمعة، وافق الاتحاد على بعض المطالب البريطانية، فبدلا من منع تقديم المساعدات لأربع سنوات للمهاجرين الجدد، وافق الاتحاد على بند يسمح بتعليق طارئ لبعض المساعدات الاجتماعية للمهاجرين الجدد على مدى سبع سنوات بصورة تدريجية، وسيوضع نظام أيضا لربط الإعانات العائلية بمستوى المعيشة في البلد الذي يعيش فيه الأبناء.
 
الشارع البريطاني سيحسم وضع بلاده في الاتحاد الأوروبي منتصف العام الجاري (الجزيرة نت)
الشارع البريطاني سيحسم وضع بلاده في الاتحاد الأوروبي منتصف العام الجاري (الجزيرة نت)

وفي مقابل حصول لندن على ضمانات بعدم التمييز ضد الجنيه الإسترليني في منطقة اليورو، فشل كاميرون في الحصول على حق النقض لقرارات منطقة اليورو.

وعقب هذه الصفقة، تتجه الأنظار للرأي العام البريطاني ومدى قناعته بما تم إنجازه، حيث سيحسم بقاء بريطانيا أو خروجها من الاتحاد.

وتعليقا على الأمر، قال البروفيسور في جامعة درم، ديفيد هيلد، إنه ما زال من المحتمل أن تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي، فالأزمة الاقتصادية في منطقة اليورو وأزمة اليونان مضافا إليهما بطء النمو وأزمة الهجرة، كلها أمور أسهمت في تدمير صورة الاتحاد في أذهان البريطانيين.

واعتبر هيلد أن هذه التراكمات انتهت بخلاصة في بريطانيا بأن هناك فشلا أوروبيا.

تحول في المواقف
إلا أن الملفت للنظر هو تحول موقف بعض الوزراء في حكومة كاميرون من تيار الصقور المعادين للمهاجرين ولسياسة الانفتاح. ورأى محللون أن هذا الموقف ينبع من المخاوف الأمنية التي قد تواجهها بريطانيا إذا غادرت الاتحاد، جراء فقدان تعاونها مع شركائها الأوروبيين في "مكافحة الارهاب".

وأشار محرر الشؤون السياسية في صحيفة ديلي تلغراف مايكل ونكلسون -في إطار رصده لمواقف قيادات المحافظين من الاتفاق- إلى أن وزيرة الداخلية تحولت لدعم البقاء في الاتحاد لأنه ضمانة لاستمرار التعاون في مكافحة الإرهاب، كما أن الصفقة ضمنت حق بريطانيا في ترحيل الجنائيين والحفاظ على نظام العدالة الخاص بها.

‪قلاون: لندن ضمنت من خلال صفقتها مع الاتحاد امتيازات اقتصادية‬ (الجزيرة نت)
‪قلاون: لندن ضمنت من خلال صفقتها مع الاتحاد امتيازات اقتصادية‬ (الجزيرة نت)

امتيازات اقتصادية
وفي الشق الاقتصادي، يرى الخبير الاقتصادي ناصر قلاون أن الصفقة الجديدة أمنت حماية لاقتصاد بريطانيا بضمان عدم فرض ضرائب أوروبية على التعاملات المالية التي تجري فيها، في ظل واقع يشير إلى أن 60% من الاستثمارات الخارجية تدخل لأوروبا عبر لندن.

وأضاف قلاون للجزيرة نت أن الاتفاق ضمن للندن عدم التمييز ضد الجنيه الإسترليني في التعاملات المالية داخل الاتحاد، وذلك بالاعتراف بوجود عملات أخرى داخل الاتحاد، وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة لبريطانيا.

أما في الهجرة، فيعتقد قلاون أن الصفقة منحت بريطانيا حق فرض قيود تدريجية على أعداد المهاجرين، وهو الأمر الذي كان يقلقها، حيث استقبلت في الماضي ثلاثة ملايين من شرق أوروبا دون أن تملك سابقا أي قدرة على السيطرة على الأمر.

وفي الوقت الذي حسم الساسة فيه أمرهم لصالح البقاء في الاتحاد، يبقى القرار الأخير بيد الشارع، إذ أظهر استطلاع لمعهد سورفيش أجري في يناير/كانون الثاني الماضي أن 53% من البريطانيين يؤيدون الخروج من الاتحاد.

المصدر : الجزيرة