فنلندا.. مبادرات للتصدي لكراهية اللاجئين

فتاة فنلندية مسيحية الى جانبها فتاة صومالية مسلمة شاركتا خلال ورشة نظمتها جمعية منتدى الثقافات والأديان "فوكس" في هلسنكي حول القيم المشتركة وثقافة قبول الآخر المختلف دينيا او عرقيا. هلسنكي
فنلندية مسيحية إلى جانبها صومالية مسلمة خلال ورشة نظمتها جمعية منتدى الثقافات والأديان (الجزيرة)

جورج حوراني-هلسنكي

على الرغم من الجهود المشتركة التي تبذلها الأجهزة الحكومية وجمعيات المجتمع المدني للتصدي لظاهرة العنصرية في فنلندا -البلد الأوروبي العريق باحترام حقوق الأقليات الدينية- يسود انطباع عام بأن كراهية الأجانب في تصاعد، في ظل دعوات من قبل مجمل الأحزاب الفاعلة للتشدد أكثر في سياسات اللجوء.

وتأتي برامج مكافحة الإسلاموفوبيا وكافة أشكال التمييز العنصري في وقت أشارت فيه تقارير صادرة عن منظمات حقوقية إلى تزايد الاعتداءات ضد اللاجئين، من بينها محاولة إحراق مركز لإيواء اللاجئين في منطقة بيتايافيزي (وسط فنلندا) دون تسجيل وقوع إصابات.

‪أثناء أحد الأنشطة ضمن برامج مكافحة العنصرية وحمل عنوان
‪أثناء أحد الأنشطة ضمن برامج مكافحة العنصرية وحمل عنوان "اختبار المطبخ"‬ (الجزيرة)

إرهاب اللاجئين
وتزامنت هذه الاعتداءات مع الظهور العلني لمجموعات فنلندية متطرفة تطلق على نفسها اسم "جنود أودين"، قامت بتسيير دوريات في مدن رئيسية عدة، بهدف حماية المواطنين الأصليين من خطر الأقليات الأجنبية.

ورغم قلة عددهم فإن المنتمين إلى هذه المجموعات باتوا ينظمون تظاهرات معادية للاجئين، كان آخرها في وسط العاصمة هلسنكي الأسبوع الفائت، وحملت شعارات عنصرية من مثل "اللاجئون غير مرحب بهم "، في وجه فئة أخرى من متظاهرين مناهضين للأفكار المتطرفة والعنصرية وخطاب الكراهية.

من جهتها، أدانت وزارة الداخلية ما وصفته "بالدوريات المدنية"، مشددة في بيان على أن مهام فرض الأمن منوطة حصرا بأجهزة الشرطة. 

كما دعا رئيس البلاد ساولي نينستو -في المقابل- إلى ضرورة تأمين الحماية ومساعدة من هم في خطر وتعرضوا للاضطهاد، لكنه حذّر في الوقت عينه -في خطاب أثار الكثير من التساؤلات- "من أن أزمة اللجوء باتت تهدد القيم الغربية"، مطالبا بإقفال الباب أمام القادمين من أجل الرفاهية. 

وأظهرت آخر استطلاعات الرأي ارتفاع منسوب القلق لدى الفنلنديين، وبحسب الإحصاءات التي نشرها مؤخرا المجلس الاستشاري الفنلندي للمعلومات الدفاعية (أبدي) فإن أكثر من 72% من الفنلنديين قلقون تجاه تدفق اللاجئين إلى بلدهم.

‪خلال إحدى ورشات العمل الموجهة للشباب وصغار السن حول القيم المشتركة‬ (الجزيرة)
‪خلال إحدى ورشات العمل الموجهة للشباب وصغار السن حول القيم المشتركة‬ (الجزيرة)

مكافحة العنصرية
وتسعى الجهات المنظمة لبرامج مكافحة العنصرية -ومن بينها جمعية منتدى الثقافات والأديان (فوكس)- إلى زيادة الثقة بين السكان الأصليين والقادمين الجدد، على الرغم من كل الاختلافات في المعتقدات.

وأوضحت مديرة الجمعية رييتا لاتفيو أن الهدف يكمن في الترويج لثقافة قبول الآخر ونشر مفهوم الإرادة الطيبة لدى الجميع بغض النظر عن الانتماء الديني أو العرقي.

وقالت في حديث للجزيرة نت إن من المهم بمكان أن نتفاعل معا وأن نعيش مفاهيم الشراكة والفرح.

وأشارت إلى أن الأنشطة تضمنت احتفالات موسيقية وورش عمل لإظهار التراث الفني والفلكلور اللذين تزخر بهما الأقليات الدينية والإثنية، ومن بينها "اختبار المطبخ" الذي نظمته بالتعاون مع مؤسسة العمل الاجتماعي والإنساني التابعة للكنيسة اللوثرية، حيث قدم المشاركون طريقة تحضير أطباق تقليدية من ثقافات وبلدان متنوعة منها سوريا والعراق والهند وروسيا.

كما نظم مركز كايسا الثقافي في هلسنكي نقاشات مفتوحة بين الفئات الشابة، شارك فيها الشباب المسلم في فنلندا، تمحورت حول القيم المشتركة في ما بينهم، وأي فنلندا يريد هؤلاء في المستقبل؟     

‪الغويري: تعرضت لمضايقات واعتداءات لفظية عديدة بسبب الكراهية‬ (الجزيرة)
‪الغويري: تعرضت لمضايقات واعتداءات لفظية عديدة بسبب الكراهية‬ (الجزيرة)

ترحيب وتشكيك
وأبدى حسين بهامنبور -طالب علوم الحاسوب في جامعة هلسنكي- ترحيبا بالحملات التي أطلقتها جمعيات بما فيها جمعية الصليب الأحمر للمكافحة العنصرية، ولكنه شكّك في حديثه للجزيرة نت في مدى تأثيرها على الرأي العام في ظل سطوة الإعلام المنحاز في أغلب الأحيان.

ورأى "أن الأوضاع ازدادت سوءا في ما يتعلق بكراهية الأجانب، قائلا أصبحت الأمور تتخطى المظهر الخارجي لتمس جوهر إيمانك كمسلم ومعتقداتك الدينية.

وبدورها، رأت رباب الغويري -من أم فنلندية وأب ليبي- أن "هناك صورة نمطية سلبية أصلا" عن المسلمين في الإعلام المحلي.

وقالت في تصريح للجزيرة نت إن ما أسهم في زيادة حدّة العداء الأعمال الإجرامية التي يقوم بها عدد من اللاجئين المنتمين لمليشيات وشبيحة أو ما شابه على حد وصفها، بينما المطلوب هو إظهار الأمور الإيجابية التي يمكن أن يجلبها اللاجئ من بلده الأم لا العكس.

وأضافت الشابة المسلمة، التي تعمل في مجال الترجمة لدى الشرطة، "تعرضت لمضايقات واعتداءات لفظية عديدة بسبب الكراهية العمياء أو نتيجة عدم الفهم". 

المصدر : الجزيرة