رسائل الأمن المصري من تصفية المختفين قسريا

وقفة تضامنية بالقاهرة لنشطاء مع أهالي مختفين قسريا
وقفة تضامنية سابقة بالقاهرة لنشطاء مع أهالي مختفين قسريا (الجزيرة)
عبد الرحمن محمد-القاهرة

يخشى أهالي المختفين قسريا بمصر على مصير أبنائهم، بعد إعلان وزارة الداخلية تصفية ثلاثة من المختفين قسريا منذ أكثر من ثلاثة أشهر، زاعمة أن ذلك حدث في تبادل لإطلاق النار.

واتهمت الوزارة القتلى الثلاثة بانتمائهم لحركة "حسم" التي أعلنت سابقا مسؤوليتها عن محاولة اغتيال المفتي العام السابق علي جمعة والنائب العام المساعد زكريا عبد العزيز عثمان، وقالت الوزارة في بيان لها إنه تم العثور لديهم أثر التصفية على ثلاث بنادق آلية وكمية من الذخيرة، إضافة إلى أوراق تنظيمية.

هذه الرواية كذبها أهالي الشبان الثلاثة وعدد من المنظمات الحقوقية، حيث كشفوا من خلال وثائق تم نشرها بمواقع التواصل الاجتماعي، اعتقال قوات الأمن اثنين منهم في أغسطس/آب الماضي وتم إخفاؤهم قسريا، بينما قُبض على الثالث مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي قبل أن يُخفى، مؤكدين تقديم أسرهم بلاغات لإثبات ذلك في حينه.

وقالت والدة محمد سيد (أحد القتلى الثلاثة) للجزيرة نت إن "قوات من الشرطة ألقت القبض على محمد في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي وتم إخفاؤه قسريا ولم يتم عرضه على أي من جهات التحقيق ولم يتم إخلاء سبيله وظل في أيديهم حتى أعلنت الداخلية تصفيته جسدياً".

undefined

رسالة إرهاب
ويرى المحامي إبراهيم متولي، منسق رابطة المختفين قسريا ووالد أقدمهم عمرو إبراهيم، أن هدف السلطات المصرية من هذه العملية "إرهاب أهالي المختفين قسريا من خلال توصيل رسالة مفادها عدم الإبلاغ عن وقائع الاختفاء القسري وإلا سيتم قتلهم".

ويتخوف متولي في حديثه للجزيرة نت من أن "تؤثر هذه الرسالة على كثير من أهالي المختفين، إذ يتردد البعض فترة طويلة في الإبلاغ عن الحالة حتى يشعر بالخوف ويستوي عنده القتل والاختفاء، بل ربما أحيانا يكون القتل أهون الخيارين".

بدوره، يقول المدير التنفيذي للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات عزت غنيم إنه طبقا لما تم جمعه وتوثيقه من معلومات لدى التنسيقية، فهؤلاء الشباب الثلاثة كانوا بالفعل في حوزة الداخلية ومختفين قسريا منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر، وأن ما تم يعد تصفية جسدية مباشرة بالمخالفة لكافة القوانين والدساتير المحلية والدولية.

وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن تأثير الواقعة تجاوز أهالي المختفين إلى الحقوقيين ذاتهم، وأدى الأمر إلى تكثيف الحديث بصفحات مواقع التواصل الاجتماعي عن كل المختفين بلا استثناء، نتيجة الرعب الذي أصاب الجميع، خاصة أن كافة المنظمات الحقوقية كانت تعاملت مع هذه الحالات منذ اختطافها. 

القتل للجميع
ورأى غنيم أن رسالة النظام واضحة، وهي أن "القتل للجميع ولا حساب"، لافتا إلى أن أسرة محمد سيد "تقدمت ببلاغ إلى النائب العام تطالبه بفتح تحقيق حول ملابسات قتل نجلها، وأنها تخشى من الضغوط الأمنية لإجبارهم على التنازل".

أما مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان خلف بيومي، فيرى أن "النظام بهذه الواقعة يؤكد مضيه في سياسة القتل بكافة صوره، سواء كان بأحكام إعدام مسيّسة أو بإهمال طبي متعمد أو بالتصفية الجسدية ولو لمختفين على يديه، وأنه لا يعنيه دستور أو قانون أو مواثيق".

وأوضح للجزيرة نت أن "أهالي الشباب الثلاثة تعددت بلاغاتهم وشكواهم منذ اختفائهم قسريا، ووثقت ذلك منظمات حقوقية كمركز الشهاب ومؤسسة عدالة والتنسيقية المصرية للحقوق والحريات، وهذا ثابت على المنافذ الإعلامية الخاصة بتلك المؤسسات".

وأكد بيومي أن ما حدث سيكون له أثر سلبي في نفوس أهالي المختفين قسريا، حيث تتملكهم مخاوف من تكرار ذلك، لافتا إلى أن مركز الشهاب طالب في بيان له النائب العام بالتحقيق في الواقعة، كما طالب المجتمع الدولي بالتضامن مع المختفين قسريا والضغط على النظام لوقف هذه الممارسات غير القانونية.

المصدر : الجزيرة