إقرار الموازنة يعمّق خلاف بغداد وأربيل

تم تمرير قانون الموازنة بأغلبية برلمانية وسط معارضة ومقاطعة بعض النواب الأكراد
الموازنة مررت بأغلبية برلمانية وسط معارضة ومقاطعة بعض النواب الأكراد (الجزيرة)

الجزيرة نت-خاص

بعد عدة جلسات شهدت سجالات حامية بين الكتل السياسية، أقر مجلس النواب العراقي موازنة عام 2017 بأغلبية الحاضرين، وسط اعتراض ومقاطعة بعض نواب التحالف الكردستاني، الذين عدّوا تمرير الموازنة بهذه الطريقة مجحفا بحق الأكراد.

حكومة إقليم كردستان العراق وصفت في بيان لها إقرار الموازنة بأنه "مؤامرة سياسية خطيرة على الأكراد"، وتمييز واضح ضد الإقليم، وأعلنت أنها لن تكون ملزمة بها إذا لم تؤخذ ملاحظاتها وتحفظاتها بعين الاعتبار.

ويشير مسؤولون أكراد إلى أنهم لم يشتركوا في وضع قانون الموازنة لا في بدايتها ولا عند إقرارها، بالرغم من أن هذا التزام قانوني ودستوري، وأكدوا أن أربيل ستستمر في الحوار والتفاوض مع بغداد لإيجاد حلول جذرية لهذه المشاكل.

سجال مستمر
ورأت النائبة عن التحالف الكردستاني نجيبة نجيب أن الضرر سيلحق بالإقليم في عدة جوانب بعد تمرير الموازنة، وفي مقدمة ذلك ما يتعلق بمستحقات البشمركة، حيث لم تدرج هذه القوات ضمن موازنة الأمن والدفاع رغم أن ميزانيتها شملت كل التشكيلات المسلحة من جيش وشرطة اتحادية وحشد شعبي وغيرها.

وأشارت في حديث للجزيرة نت إلى أن موظفي الإقليم "في حالة يرثى لها وهم بأمس الحاجة إلى الرواتب"، التي لا يتسلمون سوى نصفها منذ أكثر من عام، لا سيما مع انهيار أسعار النفط ووجود أكثر من مليون وثمانمئة ألف نازح في الإقليم.

على الطرف الآخر، رأى نواب عراقيون أن الإقليم أخذ في هذه الموازنة وما سبقها أكثر مما يستحقه، وقالوا إن الإقليم يتسلم حصة 17% من الميزانية، بينما تبلغ نسبة سكانه 13% فقط، "وفي هذا إجحاف بحق باقي المحافظات، خاصة المنتجة للنفط".

ويقول النائب عن محافظة نينوى عبد الرحمن اللويزي إن الإقليم يصدر ملايين البراميل من النفط لكن عوائد بيعه لم تتحول إلى سيولة نقدية تستطيع تغطية الرواتب وباقي النفقات الحكومية، مبينا أنه لو وظفت أموال النفط بشكل صحيح لما كانت أزمة الإقليم بهذه الحدة.

ورأى اللويزي في حديث للجزيرة نت أن الموقف الكردي اليوم أصبح أكثر تمايزا وانقساما بين إدارتي أربيل والسليمانية؛ فلم يعد القرار موحدا، ولم يعد رئيس الإقليم مسعود البرزاني مستأثرا بصياغة المشهد السياسي الكردي، كما أن معارضة بدأت تتبلور ضده بشكل أكثر وضوحا، لا سيما بعد انتهاء فترته الرئاسية وطرد وزرائه من حكومة الإقليم.

حكومة إقليم كردستان رأت أن تمرير قانون الموازنة مؤامرة سياسية ضد الأكراد (الجزيرة)
حكومة إقليم كردستان رأت أن تمرير قانون الموازنة مؤامرة سياسية ضد الأكراد (الجزيرة)

السياسة والاقتصاد
وتتداخل خيوط السياسة مع الاقتصاد في ملف الموازنة، مما يعكس انقساما له جذور أكثر عمقا مما يبدو في الظاهر، ويرى مراقبون أن الموازنة مررت بتوافق مع نواب أكراد معارضين لتوجه البرزاني.

ويرجح المحلل السياسي أحمد سعيد أن السلطات الكردية لن ترضخ لمطالب بغداد بوضع ملف النفط تحت مظلة شركة "سومو" النفطية المركزية، وأن الأزمة ستبقى قائمة، خاصة في ملف الرواتب، وأنه سيتم تحميل البرزاني مسؤولية ذلك واستثمار الموضوع بالضغط عليه أكثر وتحريك الشارع ضده كما جرى في السليمانية قبل أيام.

وأضاف في حديث للجزيرة نت أن هناك ضغوطا من جهات سياسية عراقية مرتبطة بإيران لمحاصرة البرزاني بعد تسريبات تحدثت عن مقترح بإنشاء إقليم ثان داخل كردستان العراق يتمثل بمحافظات السليمانية وحلبجة وكركوك ضمن صفقة توافق عليها بغداد.

وقال إن هذا الطرح اعتبر أحد أوراق الضغط في حال عدم رضوخ البرزاني لمطالب الاتحاد الوطني برئاسة جلال الطالباني المقرب من إيران، والذي يبدو منزعجا من التقارب الأخير الذي حصل بين أربيل وأنقرة.

ورأى أن إيران استثمرت في صراع رئاسة الإقليم وآلية إدارته، وانتظرت اللحظة المناسبة لتقسيم القوى الكردية، وجعل أحزاب المعارضة الكردية أقرب لبغداد من أربيل، وتمرير قانون الموازنة يشكل جزءا من عملية ترسيخ الانقسام الكردي.

المصدر : الجزيرة